يوجد قانون في الاقتصاد أسمه قانون ” جريشام ” للأسواق بيقول ان العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق فتسود العملات الرديئة. وفي المثل الشعبي بيقول ” ما يقعد علي المداود إلا شر البقر “.
زمان ايام ما كانت مصر دولة وليها قوة ناعمة منتشرة في كل التليفزيونات العربية في رمضان كان عندنا كتاب كبار ننتظرهم في رمضان كل سنة زي أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد ومحفوظ عبد الرحمن ومحمد جلال عبد القوي ويسري الجندي وكرم النجار ومحمد حلمي هلال ومحمد السيد عيد ومجدي صابر وغيرهم . وكان في عمالقة في الإخراج التليفزيوني زي المرحوم يحي العلمي ومجدي أبو عميرة وإنعام محمد علي ورباب حسين وإسماعيل عبدالحافظ وجمال عبدالحميد وأحمد توفيق وغيرهم.
ولما حصل ركود في السينما لقينا مخرجين السينما الكبار بيخرجوا للتليفزيون مسلسلات في رمضان. وكانت الدراما المصرية تباع في جميع دول العالم رغم ان الامكانيات لم تكن بمستوي التطور الحالي.
لكن لما مصر اتدهورت وبقت شبه دولة ولما الجماعة اياهم بتوع ” جوبلز ” سيطروا علي الفضائيات وحطوا انفهم في الدراما الموجهة والإعلام الردئ تحولت مصر الي استيراد الدراما التركية والمكسيكية والسورية واللبنانية ووصلنا للدراما الصينية والكورية.طبعا التنوع والتعرف علي الدول الأخري وثقافتها شئ ايجابي ولكن صاحب هذا انهيار وغياب قوة مصر الناعمة.واختفي اساتذة الدراما التليفزيونية الرمضانية ليدخل مقاولين الدراما واصحاب العملات الرديئة ” يعبوا شرايط ” ويقدموا نوعيات رديئة من الدراما تتناسب مع شبه الدولة.
اختفي الكبار ليسود الأقزام ومعدومي الموهبة وموظفي الأجهزة الأمنية.فأصبحنا امام مسلسلات مملة وحبكة غائبة وحوارات رديئة.حتي في البرامج الترفيهية والمقالب تراجعت الكفاءة ليحل محلها نمبر وان ومن علي شاكلته.
مصر مليئة بالموهبين والعباقرة والفنانين الكبار في الكتابة والسيناريو والحوار والأخراج ولكنهم جميعهم غير مطلوبين في عصر العملات الرديئة.
الإنهيار مش بس في التعليم والصحة والثقافة كمان الانهيار في السينما والمسرح والدراما التليفزيونية واصبحت السيادة للتوك شو وبرامج عمرو أديب و أحمد موسي وأمثالهم.وفشل إعلام ” جوبلز ” في ملئ الفراغ وفرض الصوت الواحد . وهجر المشاهد المصري الدراما الرمضانية التي اصبحت مجموعة فواصل اعلامية تتخللها مشاهد مفككة واداء تمثيلي ركيك وحوارات ضعيفة . واصبح المصري يتابع ” نيتفلكس ” وقنوات البث الدولية عبر الانترنت .
وفقد شهر رمضان جزء من بهجته وفقدت مصر قوتها الناعمة.فلا فن في ظل الاستبداد ورقابة الأجهزة الأمنية علي كل نواحي الحياة المصرية.رحم الله المبدعين الراحلين وكان الله في عون المبدعين الرائعين في بطالتهم الممتدة وغيابهم لأن ” جوبلز ” يريد الشعب كله طبعة واحدة.
وكل رمضان وإحنا بنعافر .
إلهامي الميرغني
13/5/2020