Site icon بوابة التحالف الإخبارية

التفاصيل الكاملة للأزمة التركية الأمريكية

لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تلعب دور بلطجي العالم، تارة لخدمة حلفائها، وتارة ضدهم، وكانت آخر الحروب التي أشعلتها واشنطن في اسطنبول، حين عمدت إلى إجراءات عقابية، هوت بالليرة التركية إلى مستويات قياسية، لتفقد أكثر ما بين 30 و40% من قيمتها، بحسب مراقبي سوق المال، ما دعا أردوغان إلى سياسة الشجب والندب تارة، وتارة بالاستعطاف، سواء لشعبه أو للولايات المتحدة.

العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا يسودها التوتر منذ نحو سنتين، إلا أن الأمر تفاقم كثيرا بعيد إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان في يونيو.

يتمحور الخلاف حول طريقة التعاطي مع الملف السوري، ورفض واشنطن تسليم أنقرة الداعية الإسلامي التركي فتح الله غولن لمحاكمته بشأن دوره المزعوم في المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو 2016. وفي يوليو، توترت العلاقات مجددا بسبب احتجاز أنقرة القس الأميركي أندرو برانسون.

الحرب الاقتصادية الأمريكية التركية لم تفد أيا من الطرفين، فمن ناحية لا يزال الاقتصاد التركي ينزف، ومن ناحية أخرة لا تزال الإدارة الأمريكية محبطة بسبب عدم إطلاق سراح برانسون.

وقالت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض إن “الرئيس يشعر بقدر كبير من الإحباط لعدم إطلاق سراح القس برانسون فضلا عن عدم الإفراج عن مواطنين أمريكيين آخرين وموظفين في منشآت دبلوماسية”.

وذكر مسؤول بالبيت الأبيض أن الولايات المتحدة تحذر تركيا من أن في جعبتها المزيد من الضغوط الاقتصادية إذا رفضت أنقرة إطلاق سراح برانسون.

إجراءات حمائية

من جانبها، اتخذت تركيا عدة إجراءات لحماية اقتصادها، لكنها لم تجد نفعا حتى الآن، فمن جانب؛ قال أردوغان، الثلاثاء الماضي، إن بلاده ستقاطع المنتجات الإلكترونية الأمريكية، وذلك ردا على خلاف مع واشنطن ساعد على انخفاض الليرة إلى مستويات قياسية.

وأضاف أن بلاده “مستهدفة بحرب اقتصادية ووجه دعوات إلى الأتراك مرارا لبيع ما لديهم من دولارات ويورو من أجل دعم العملة المحلية”.

وكان من ضمن الأدوات التي استخدمتها تركيا أيضا الدعم الخارجي، فأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أعلن أن بلاده ستقوم باستثمار مباشر في تركيا بقيمة 15 مليار دولار، وذلك خلال لقاء جمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مع أمير دولة قطر في العاصمة أنقرة.

ولم يتضح ما إذا كانت دعوة أردوغان للأتراك إلى بيع الدولار ستجد آذانا صاغية، لكن وكالة أنباء “ديمرورين” قالت إن التجار في حي إمينونو التاريخي باسطنبول حولوا 100 ألف دولار إلى الليرة، الثلاثاء الماضي.

كما ضاعفت تركيا الرسوم الجمركية على واردات من الولايات المتحدة، ردا على مضاعفة الولايات المتحدة الرسوم على الصلب والألومنيوم التركي الأسبوع الماضي، وهو ما ساهم في دفع الليرة التركية إلى هبوط حاد.

من جانبه، تعهد البنك المركزي التركي، للبنوك العاملة في البلاد بتوفير كافة أنواع السيولة اللازمة.

وخفض البنك، نسب الاحتياطي لمتطلبات الفوركس غير الأساسية بمقدار 400 نقطة أساس. وخفض -أيضا- نسب متطلبات احتياطي الليرة 250 نقطة أساس لجميع فترات الاستحقاق.

كما أعلن المركزي التركي أنه “يمكن استخدام اليورو كعملة معتمدة لمقابلة احتياطات الليرة إلى جانب الدولار”. متوقعا أن توفر الإجراءات المتخذة “10 مليارات ليرة و6 مليارات دولار و3 مليارات دولار من الذهب”.

وكانت آخر إجراءات تركيا ما قاله المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهم كالين، اليوم الخميس إن “تركيا لديها بدائل فيما يتعلق بالطاقة والشؤون العالمية، مضيفا أنها قد تحول أزمة مع الولايات المتحدة كان لها تأثير سلبي شديد على الليرة إلى فرصة”.

وأبلغ كالين، في مؤتمر صحفي، أن “تركيا اتخذت إجراءات ضرورية في الأسواق المالية لحمايتها من هجوم للمضاربين، بعد أن تعافت الليرة من مستوى قياسي منخفض بلغ 7.24 مقابل الدولار الأمريكي في وقت سابق
هذا الأسبوع”.

مصر وتركيا
وتسببت العقوبات في توقف عدد من الاستثمارات في مصر، حيث قال فاضل مرزوق، نائب رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة، إن عددًا من العملاء الأتراك، ألغوا تعاقداتهم مع بعض مصدري الملابس الجاهزة بمصر.

وتوقع مرزوق أن تنخفض صادرات الملابس الجاهزة المصرية إلى تركيا بنسبة تتراوح بين 50 و60%، نتيجة انهيار الليرة التركية أمام الدولار.

فيما رأت وكالة “بلومبرج” أن مصر “تحولت إلى ملجأ للمستثمرين”، بعد أن كانت منطقة تعاني من أزمة اقتصادية خلال العامين الماضيين، وذلك في تقرير لها تحت عنوان “المستثمرون الذين يبحثون عن ملجأ من التقلبات سيجدونه في مصر”.

وأشارت الوكالة إلى أن “الجنيه محصن نسبيا من الهزة الذي تعرضت لها عملات أخرى مثل الليرة التركية والبيزو الأرجنتيني والتي تراجعت إلى مستويات قياسية”.

خبراء الاقتصاد
من جانبه، قال الخبير الاقتصاد، الدكتور أحمد السيد النجار إن تدهور الليرة التركية نتيجة منطقية لاختلال الموازين الخارجية لتركيا حيث يدور عجز الميزان التجاري التركي حول مستوى 85 مليار دولار سنويا. بحسب ما نشر على حسابه بموقع “فيسبوك”.

وأضاف النجار أن “عجز ميزان الحساب الجاري (الحساب الجاري هو محصلة تجارة السلع والخدمات والتحويلات) ارتفع من 3,8% من الناتج المحلي الإجمالي التركي الذي بلغ نحو 863,7 مليار دولار عام 2016، إلى نحو 5,5% من الناتج عام 2017، وسوف يبلغ نحو 5,4% من الناتج عام 2018”.

وأشار إلى أن “الديون الخارجية تفاقمت وزادت عن 400 مليار دولار، ومنها نحو 102 مليار دولار ديون قصيرة الأجل، ومدفوعات خدمتها وبخاصة الديون قصيرة الأجل تشكل عبئا ثقيلا، إضافة لضعف الطلب الفعال في الداخل نتيجة سوء توزيع الدخل حيث تعد تركيا بين أسوأ دول العالم في هذا الصدد”. منوها بأن “بيانات تقرير الثروات العالمي أشارت إلى أن أغنى 10% من السكان في تركيا يستحوذون على 77,7% من الثروة التركية، وهي تصنف ضمن اسوأ دول العالم في توزيع الدخل”.

وتابع: “بيانات البنك الدولي المأخوذة من بيانات رسمية تركية قالت إن نصيب أفقر 10% من سكان تركيا من الدخل بلغ 2,2% فقط. وبلغ نصيب أفقر 40% من الأتراك نحو 16,3% من الدخل”. معلقا: “في ظل التعويم الكامل لليرة التركية فإنها أصبحت تحت رحمة المضاربين، وفي ظل الظروف المالية المذكورة آنفا والتي تشكل ضغطا هائلا عليها وتفتح باب المضاربات عليها، فإنها هوت بها من حالق”.

Exit mobile version