الرئيسية » مقالات » الحقيقة و الوهم فى رفع الأجور و المعاشات 

الحقيقة و الوهم فى رفع الأجور و المعاشات 

كتب الدكتور زهدي الشامي نائب رئيس حزب التحالف تعليق حول زيادة الأجور بعنوان

“الحقيقة و الوهم فى رفع الأجور و المعاشات “

فوجئنا أمس بالإعلان عن زيادات فى الأجور و المعاشات متوقع بدء تنفيذها مع موازنة العام القادم . و على الرغم من الزفة الإعلامية الكبيرة المصاحبة ، فأعتقد أن رد الفعل الجماهيرى هذه المرة كان حذرا ، ارتباطا بعدة عوامل ، من بينها أن المواطنين سبق مغازلتهم بوعود كثيرة لم تتحقق أو لم تثمر ، و أنهم يشمون رائحة ارتباط بين الإعلان و بين استفتاء مزمع إجراؤه قريبا لتمرير التعدى على الدستور و إقرار إمكانية التمديد للرئيس الحالى ، و أخيرا لأن المواطنين بخبرتهم تخوفوا من أن تصحب زيادات الأجور و المعاشات زيادات أكبر فى الأسعار و التضخم .

وقد تأنيت قبل كتابة تعليقى ، لكن يقينى استقر أن تخوف التضخم الأكبر حقيقة ، ليست مرتبطة فقط بتوقعات ، بل بتعهدات حكومية ثابتة لصندوق النقد الدولى ، تحاول الحكومة التكتم عليها ، ولكن تحت يدنا نصها من واقع الإتفاق بين الحكومة و صندوق النقد الدولى الموقع عليه من الرئيس و المصدق عليه من مجلس النواب و المنشور فى الجريدة الرسمية بتاريخ 15 فبراير 2018 .

فالحكومة ملتزمة فيه بوضوح بأن تكون زيادات الأجور أقل من معدل التضخم ، حيث تقول بالنص : ” يقضى قانون الموازنة بإلغاء مؤشر تتحدد على أساسه علاوات وبدلات موظفى القطاع العام ، مما سيؤدى إلى احنواء فاتورة الأجور ضمن حدود أقل من التضخم المتوقع ” ( ص 24 من الجريدة الرسمية ) . الأمر واضح تماما ، وبناءا عليه مضت الحكومة المصرية فى توضيحها للصندوق كيف انخفضت فاتورة الأجور كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى ( الدخل ) من 8.5 % عام 2013 -2014 ، إلى 7.6 % عام 2015 – 2016 ، ثم إلى 6.7 % عام 2016 – 2017 . ( ص 68 ) . ومن المقدر أن تصل فى موازنة العام الحالى إلى 5.1 % فقط . وبالتالى فإن الإنخفاض الكبير و المتواصل للأجور هو خط و وتعهد و سياسة ثابتة ، و لابد أن تكون دائما أقل من نسبة التضخم .
وفى الواقع أثبتت تصريحات وزيرة التخطيط هالة السعيد أمس عن الزيادات الجديدة أن الجبل تمخض فولد فأرا . فقد قالت إن الزيادات الجديدة للأجور و المعاشات معا ستكلف الموازنة القادمة 30.5 مليار جنيه . و تدرك من مطالعة الرقم أنه أقل كثيرا من حجم الدعاية ، و انه غير كافى لاحداث اختراف ملموس فى الأجور و المعاشات بل يسير فى سياق السياسة القائمة .

ويتضح أن الحكومة ستدفع للمعاشات 8.5 مليار جنيه فقط ، وهى التى قدمت سابقا طعنا باطلا بادعاء انها ستكلف الدولة 25 مليارجنيه . أما زيادة فاتورة الأجور و التى تلخصت فى 22 مليارجنيه فقط ، فهى لاتمثل سوى 0.35% من الناتج المحلى المتوقع للسنة القادمة ( أقل من نصف فى المائة ) ، ومن ثم فهى لاتغير شيئا ملموسا فى واقع المتدهور الكبير فى نصيبها فى ذلك الناتج من 8.5 % إلى 5.1% فقط ، ولا فى حقيقة الغلاء و التضخم الموجود      و المستمر و المتوقع مع الزيادات المقررة للكهرباء و الطاقة وغيرها فى الأسابيع القادمة .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.