الرئيسية » صوت اليسار » زهدي الشامي يكتب :البرازيل – المشكلة ليست فوز اليمين بل الفاشية

زهدي الشامي يكتب :البرازيل – المشكلة ليست فوز اليمين بل الفاشية

ما أثار قلقا عالميا بعد إعلان فوزجايير بولسونارو ، ضايط المظلات السابق ، برئاسة البرازيل ليس مجرد انتماؤه لمعسكر اليمين ، بل آراؤه ومواقفه التى لايمكن فى الواقع وصفها سوى بأنها فاشية صريحة . ففى البلاد الديموقراطية لايمكن فى الواقع تجنب خيار تداول السلطة بين حكومات ذات توجهات مخنلفة ، ولكن الديموقراطية تتضمن دائما المحافظة على الحريات العامة و احترام القواعد الدستورية وضمان حقوق الجميع أغلبية ومعارضة . وبالعكس تنصف الفاشية بسمات معاكسة ، وقد تتسلم الفاشية الحكم بانتخابات ، ولكنها تؤمن بالديموقراطية فقط للوصول للحكم ، وبالإنتخابات لتسلم مقاليد السلطة ، وعندما تحقق غرضها تكون تلك هى المرة الأخيرة . ولا يجب ان ننسى أن الفاشية الأوربية فى الثلاثينيات قد وصلت للحكم بانتخابات ولكنها قامت بجرائم أدت لكارثة مروعة داخلية وعالمية قبل أن ينتحر قادتها وتتم محاكمة الباقين .

بولسونارو لم يتوانى عن إعلان مواقفه العنصرية المعادية للنساء و الأفارقة ، رغم أن البرازيل بلد متعدد الأصول . وفوق ذلك فهو الوحيد الذى جرؤ على الإشادة بالنظام العسكرى الذى حكم البلاد لعشرين عاما وقتل المئات و اعتقل وعذب عشرات الآلاف . وهو اليوم يعد معارضيه بمصير مشابه رغم أن 45 فى المائة من البرازيليين لم ينتخبوه . وتكتمل مواقف هذا النوع من الحكام الفاشست دائما بمناصرة إسرائيل ، ولذلك فليست مستغربة تصريحاته حول نقل سفارة بلاده للقدس ، وإغلاق السفارة الفلسطينية فى برازيليا .

لن تكون مهمة فاشية القرن الواحد و العشرين بنفس سهولة فاشية القرن الماضى ، فالعالم على كل حال عانى من تجربة الماضى ، و البرازيل تعلم جيدا مآسى الحكم العسكرى . ولم يكن هذا المهووس يصل للرئاسة سوى فى غياب لولا دى سيلفا ، صاحب الشعبية الأعلى فى البلاد وفق كل الإستطلاعات ، عن الإنتخابات بسبب حكم قضائى يشك الكثيرون فى نزاهته . سيتوقف الكثير على موقف الشعب لمناهضة الفاشية ، و أيضا على مواقف القوى السياسية . بولسينارو لا يستطيع منفردا تنفيذ تهديداته حيث أنه ينتمى لحزب سياسى صغير يسمى الحزب الإشتراكى الليبرالى ( ولاتتعجب كيف يكون الحزب الإشتراكى يمينيا يلعن رئيسه الإشتراكية تماما مثل الحزب النازى الذى كان يسمى الحزب الإشتراكى الوطنى ) ، وهو لايملك كتلة مؤثرة فى البرلمان البرازيلى ، وبين حكام والمجالس التشريعية فى الولايات .

ومن المعروف أنه نتيجة لوضع مشابه فقد سبق للبرلمان عزل رئيسين من بين أربعة رؤساء تم انتخابهم بعد سقوط الحكم العسكرى ، هما دى كولر عام 1989 ، ثم ديلما روسيف عام 2016 . فهل يجد بولسونارو الدعم فى مخططه الفاشى من الحلفاء الآخرين فى تلك المؤسسات أم إنها ستتمكن من وقفه عند حده ؟ ذلك هو السؤال .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.