يواصل الدكتور كمال مغيث تحليل ما يحدث في النظام التعليمي للفقراء ويتعرض لموضوع التطوع حيث كتب يقول:
“مدارس أولادنا بين التطوع والمهنية”
قديما قال أجدادنا “التشفيط ما يملاش قرب” .. وحديثا قال العظيم طه حسين: “الجهل حريق لا ينفع فيه التقطير”.. والتشفيط أو التقطير هنا هو العمل التطوعى .. وهو موجود ومحترم ومقدر بلا شك .. ولكنه قبل كل شئ فضلة الوقت والجهد والمال يقوم به المستغنى الذى حقق بوقته وجهده احتياجاته الأساسية .. فأنا قد اعطى محاضرة هنا وهناك تطوعا ودون مقابل ولكنى طبعا أكون صاحب الكلمة الفصل فى موضوع المحاضرة ومكانها وزمانها، كجزء من الدور الثقافي والوطنى الذى اخترته لنفسي.. وقد نشجع شباب الحى على القيام بحملة نظافة.. وقد يتطوع بعض الأفاضل الأخيار بالتطوع لجمع تبرعات للأطفال المرضى.
… ولكن من البديهى أن كل هذا كوم والمهنة والوظيفة كوم تانى خالص.. فما الذى يجبر شابا وفتاة على الاستيقاظ الساعة 7 صباحا ليكون في طابور المدرسة قبل الثامنة والانتظام يوميا على هذا البرنامج.. وما الذى يجبره على تحمل شقاوة وعفرتة تلاميذ يتخذون من أوكا واورتيجا ومحمد رمضان مثلا ..وما الذى يجبره على الإخلاص في عمله والأخذ بتعليمات الإدارة والتوجيه الفنى.. وما الذى يجبره على تقديم دفاتر التحضير ودفاتر المكتب لمن يطلبها من المفتشين، وما الذى يجبره على الالتزام بخطة سير المنهج الشهرى أو حتى الالتزام بالمقرر الدراسي، وما الذى يجبره أصلا على الالتزام بالخلق القويم إزاء زملائه ورؤساءه..ومن يجبره على الالتزام بالخلق القويم فى اللفظ والسلوك والتصرف حيال تلاميذه الذين يملك إزاءهم سلطة مادية وأدبية.
البنك الدولي والتعليم
بأي منطق وأي شرف وأي وطنية، يجبرنا البنك الدولي على عدم تعيين مدرسين لأولادنا ومدارسنا، فتلجأ الوزارة لتعاقدات تافهة، أو كوميديا سوداء لسد العجز فى التدريس.. كالتجنيد الإجباري في التدريس.. او تدريس أولياء الأمور، أو التدريس تطوعا.. في تعليم يحصل على المركز قبل الأخير عالميا..
فى نفس الوقت الذي يوافق فيه على بناء قصور الصحراء بالمليارات؟؟