الرئيسية » مقالات » الدكتور محمد فراج أبو النور يكتب عن حقيقية الديمقراطية في تركيا

الدكتور محمد فراج أبو النور يكتب عن حقيقية الديمقراطية في تركيا

كتب الدكتور محمد فراج أبو النور 

ما ان فاز مرشح المعارضة في انتخابات بلدية اسطنبول حتي انطلق كثيرون يتحدثون عن ((الديمقراطية التركية)) وكأنها ((ديمقراطية اردوغان))..
وهذا خطأ فادح.. فالحقيقة أن اردوغان هو أعدي أعداء الديمقراطية في تركيا..
المعارضة في تركيا ترتبط بنظام حزبي عميق الجذور يعود الي مرحلة تأسيس الجمهورية التركية والقضاء علي السلطنة العثمانية في عشرينات القرن الماضي .. و((حزب الشعب الجمهوري)) الذي فاز مرشحه (اوغلو) في انتخابات بلدية اسطنبول كان الحزب الحاكم في البلاد لعشرات السنين ، حتي جاء اردوغان وحزبه الي السلطة..وهو الآن ثاني أحزاب البرلمان ويتمتع بنفوذ قوي في كل أجهزة الدولة ، وفي المدن الكبري بالذات حيث الجمهور الأكثر تعلما وتحضرا (لاحظ أنه فاز برئاسة بلدية العاصمة أنقرة ومدينة ازمير الكبري وغيرها)..وتحالف معه في اسطنبول بالذات ((حزب الشعوب الديمقراطي)) الممثل للاكراد (يشكلون 20% من سكان البلاد) وأحزاب وتجمعات وتنظيمات أخري..
ولاحظ أن هذه الأحزاب كلها لديها صحف ومواقع اليكترونية..الخ يحاول اردوغان وانصاره طوال الوقت اغلاقها والتضييق عليها،وحبس الصحفيين، بل واغتيالهم..
ولاحظ أيضا أن اردوغان – بعد فشل انقلاب يوليو 2016 – اعتقل وفصل عشرات الآلاف من الصحفيين والمثقفين والقضاة وأساتذة الجامعات والضباط والموظفين….الخ دون محاكمة أو فرصة للتظلم.
ولاحظ كذلك أنه تامر بكل الأشكال – مستغلا أجواء الإرهاب والقمع التي أعقبت الانقلاب الفاشل – لتغيير النظام السياسي من نظام برلماني إلي نظام رئاسي يملك فيه سلطات مطلقة،وعبر استفتاء أحاطت به شبهات قوية..
ولا تنس أن اردوغان فتح ارض بلاده لداعش والنصرة وغيرها من التنظيمات الإرهابية لأمر عبرها أكثر من (100الف) ارهابي الي سورية الشقيقة يدمرون ويقتلون شعبها بدعم مباشر منه ومن جيشه وأجهزة مخابرات.. ولا يزال حتي الآن يحتضن هؤلاء الإرهابيين في إدلب السورية ويمدهم بالسلاح والعتاد..واحتضن معهم فلول جماعة ((الإخوان)) الإرهابية الفاشية..وابواقها الإعلامية المضللة.. كما يقوم بنقل الإرهابيين الهاربين من سورية والعراق الي ليبيا وتسليحهم لنشر الإرهاب والفوضى في شمال أفريقيا والصحراء الكبري كلها (مستهدفا مصر في المقدمة بالطبع)..
ولو استطاع اردوغان طبعا لاقتلع كل النظام الحزبي والانتخابي من جذوره..لكن المشكلة أن هذا النظام اقوي من أن يستطيع اردوغان اقتلاعه،خاصة بعد أن بدأت إنجازاته الاقتصادية تتعثر ،وادخلته مغامراته الإمبراطورية الرعناء وغطرسته الحمقاء في مشكلات جدية بدأت تؤثر علي مستوي حياة الناس وتثير غضبهم ضده..كما أنه لابد أن يحسب حسابا لردود الفعل الغربية مهما كان تبجحه..
وقد رأينا رفضه للاعتراف بإرادة الناخبين ،وتلاعباته التي رد عليها الشعب التركي بصفعة قوية في انتخابات الإعادة في اسطنبول.
فإذا أردت بعد ذلك كله أن تتحدث عن ((ديمقراطية اردوغان)) فهذا شأنك..
أما نحن فنعتقد أن اردوغان وحزبه (الاخواني)يمثلان الخطر الأكبر علي الديمقراطية في تركيا..والتي تتمسك أغلبية الشعب التركي باعتبارها مكاسب تم دفع ثمنها بالدماء..
وإذا أراد أي شخص أن يجري مقارنات بأية حالة استبدادية أخري في أي مكان ،فهذا شأنه.. لكننا ضد الاستبداد بكل تجلياته أينما كان..وليس ضد استبداد واصولية اردوغان وحزبه وحدهما..ونعرف جيدا ان المستبدين في كل مكان ينقضون علي المكاسب الديمقراطية للشعوب في كل وقت أو مكان تسمح لهم فيه (علاقات القوي)بذلك..
ماحدث في اسطنبول إنجاز كبير للشعب التركي.. وهزيمة كبيرة لاردوغان وحزبه(الإخواني)..وهذا التيار الفاشي الإرهابي كله..ونأمل أن يكون بداية النهاية لهم جميعا.. وفي جميع الأحوال فإنه يوم له مابعده..وليس في تركيا وحدها..

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.