الرئيسية » صوت اليسار » تحية الي روح الحكيم الدكتور جورج حبش في ذكري رحيله

تحية الي روح الحكيم الدكتور جورج حبش في ذكري رحيله

ايقونات الثورة

تحية الي روح الحكيم الدكتور جورج حبش في ذكري رحيله

( 2 أغسطس 1926 – 26 يناير 2008)

كتب : إلهامي الميرغني 

نحتاج دائما في حياتنا إلي مثل أعلي نقتدي بهديه وندرس سيرته ومسيرته ونتأمل أفكاره وخبراته. ولقد كان الحكيم جورج حبش أحد هؤلاء الذين تعلمنا ونهلنا من سيرته النضالية رغم ان الحظ لم يسعدني لالتقي به شخصيا ولكنني كنت اتابع كل ما كتبه وافكاره وحوارته.وكانت صورته تجمل وتضئ غرفتي باعتباره أيقونة الثورة العربية والعالمية.

في بداية علاقتي بالأفكار الماركسية والشيوعية رأيت صورته والرفيق وديع حداد في غرفة مسئولي الذي نقلني من عالم الي عالم آخر .وسألت وعرفت ودرست وفهمت.وكنا نتبادل أعداد مجلة ” الهدف ” وكتابات الجبهة الشعبية باعتبارها جزء من خطنا السياسي.ونوزعها علي حلقات الاصدقاء كما نفعل مع مجلة ” الانتفاض “.

تحل في 26 يناير ذكري رحيل القائد والمفكر حكيم الثورة العربية الدكتور جورج حبش . ورأيت انه من واجبي ان أعرف اصدقائي وخاصة الشباب منهم بسيرة ومسيرة أحد المفكرين العرب الذين تركوا بصماتهم ليس علي تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فقط ولكن علي الفكر القومي والفكر الثوري العربي كله.

ولد في اللد عام 1926 وتعرض للتهجير والترحيل في حرب 1948 من فلسطين وكان يدرس الطب في تلك الفترة في كلية الطب في الجامعة الأمريكية في بيروت والتي تخرج منها عام 1951 متخصصا في طب الأطفال، بقى في الجامعة الأمريكية معيداً، وفي أحد الأيام تم التخطيط لعمل مظاهرة، فأحيطت الجامعة بالإجراءات الأمنية، وأغلقت أبوابها لمنع المظاهرة. وكانت الطريقة الوحيدة للتحدي والنجاح في نزول جورج حبش والشهيد وديع حداد، وغيرهم ويفتحوا الباب بالقوة. عرفت إدارة الجامعة أن أحد أساتذتها يحرض الطلاب على التظاهر ويخلع باب الجامعة، فبادر جورج حبش و قدم استقالته.

بعد الاستقالة، تم الاتفاق أن يغادر جورج حبش إلى عمان (سقف السيل) لافتتاح عيادة 1952، وبعد فترة يلحق به وديع حداد. في عمان افتتح جورج حبش عيادة طبية. أصبح الأردن هو المركز الذي يشرف من خلاله، جورج حبش، على حركة القوميين العرب، التي بدأت تتشكل في لبنان وسوريا والخليج والعراق. في الأردن تم التفكير بضرورة شق مجرى للعمل بين الجماهير، من خلال بعض الوسائل وأهمها:

  • العيادة المجانية.
  • العمل في أحد نوادي الشباب.
  • مدرسة لمكافحة الأمية.
  • إصدار مجلة أطلق عليها اسم مجلة الرأي.

كانت مشاعر جورج حبش وقناعاته، تتبلور باتجاه أن القوة هي الطريق الوحيد لاسترداد الحق، ومن هنا كان تحركه مع مجموعة صغيرة من الشباب العرب، المتواجدين في سوريا ولبنان والمشرق العربي لتشكيل “كتائب الفداء العربي”. قامت كتائب الفداء العربي ببعض العمليات في ذلك الوقت، وضرب بعض المؤسسات الصهيونية في الوطن العربي. انكشف تشكيل “كتائب الفداء العربي”. بدأت تتبلور لدى جورج حبش فكرة وأهمية العمل من خلال الجماهير، وبين صفوفها، وهذا ما قاد إلى بداية التفكير بتأسيس “حركة القوميين العرب“.

شارك في تأسيس “منظمة الشباب العربي” التي نشأت سنة 1951 وأصدرت نشرة “الثأر” ، وعقدت هذه المنظمة أول مؤتمر لها سنة 1954 برئاسة جورج حبش وانبثق عنها “حركة القوميين العرب” التي عقدت مؤتمرها الأول في 25 كانون الأول 1956 ببيروت، وانتخب المؤتمر قيادة أطلق عليها اسم “اللجنة التنفيذية القومية” التي تألفت من أحد عشر عضواً هم: جورج حبش (فلسطيني) ووديع حداد (فلسطيني) وصالح شبل (فلسطيني) وحامد الجبوري (عراقي) وهاني الهندي (سوري) وأحمد الخطيب (كويتي) والحكم دروزة (فلسطيني) وعدنان فرج (فلسطيني) ومصطفى بيضون (لبناني) وثابت المهايني (سوري) ومحسن إبراهيم (لبناني) وعمر فاضل (ابن مغترب عربي في الكاميرون).

ظل يعمل في مجال دراسته حتى عام 1957، فر بعدها من الأردن إلى العاصمة السورية دمشق وصدرت بحقه عدّة أحكام بين الأعوام 1958 و1963. انتقل بعدها من دمشق إلى بيروت. بعد خروجه من الأردن ركز جهوده نحو القضية الفلسطينية، ولعب دورا في تبني الثورة الفلسطينية للفكر الماركسي اللينيني.

في صيف 1959 تم تأسيس أنوية لحركة القوميين العرب في ليبيا والسودان واليمن بشطريه الشمالي والجنوبي، ومناطق أخرى من الخليج العربي.وفي العام 1961 تزوج من فتاة مقدسية هي هيلدا حبش، وأنجبا ابنتين.

عام 1961 تم اعتقال جورج حبش بعد انفصال سوريا عن مصر ثم أفرج عنه. وبداية عام 1964، غادر جورج حبش إلى القاهرة، لمقابلة الرئيس عبد الناصر، وتكونت بينهما علاقات صداقة ومودة. طرح جورج حبش على الرئيس عبد الناصر، موضوع الكفاح المسلح في جنوب اليمن، والكفاح المسلح في فلسطين، ودار نقاش طويل حول الموضوعين كانت نتيجته بدء الكفاح المسلح في جنوب اليمن الذي انتهى بطرد القوات البريطانية، وكذلك الاتفاق على بدء الإعداد للكفاح المسلح الفلسطيني على أن تتم عملية التنفيذ في اللحظة المناسبة.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

في ديسمبر عام 1967 أسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مع وديع حداد وأبوعلي مصطفى الزبري وآخرون حيث شغل منصب أمينها العام. وقامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على تبني المباديء اللينينية، بعد استغناء جمال عبد الناصر عنها واعادة برمجة دعمه لعرفات.

ظل حبش في موقعه أمينا عاما للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حتى العام 2000، حيث ترك موقعه طوعا وخلفه في هذا الموقع مصطفى الزبري المعروف بأبو علي مصطفى والذي قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باغتياله في 27 أغسطس 2001. تخلى حبش عن منصبه كأمين عام للجبهة في العام 2000. وقال عن سبب تخليه للسلطة إنه جاء من منطلق الديمقراطية “ايماناً مني بإفساح المجال لقادة غرسوا في النضال، وقناعة مني بأن الجبهة الشعبية لديها القدرة على خلق القيادات”.بذلك قدم الحكيم نموذج للمناضل الثوري الحريص علي تجديد القيادة واستمرار الثورة وخلد أسمه في ذاكرة الثورة العالمية .

 

موقفه من إتفاقيات أوسلو

يعد حبش من ألد المعارضين للاتفاقيات المبرمة بين الفلسطينيين وإسرائيل فيما يعرف بإتفاق أوسلو وكان حبش يرى أن الحلول المنفردة للأطراف المتنازعة مع إسرائيل شيء مرفوض، ورأى أن نتائج أوسلو رجحت لمصلحة إسرائيل بشكل حاسم، وظل حبش رافضا لتقديم طلب إلى إسرائيل للعودة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة حتى وفاته.

منذ العام 2003 إتخذ حبش من الأردن مكانا لإقامته وذلك بعد مشاكل صحية عانى منها، وفي 26 يناير 2008 توفي في العاصمة الأردنية عمان بسبب جلطة قلبية وكان حبش قد أدخل مستشفى الأردن بالعاصمة الأردنية أسبوعا قبل وفاته عقب تدهور صحته، ودفن في مقبرة سحاب في العاصمة الأردنية عمان.

يتذكر الرفيق غازي الصوراني أحد سمات شخصية الحكيم وكتب يقول “نستذكر اليوم السمة الرئيسة التي كانت بمثابة كلمة السر في تفسير شكل وجوهر مسيرته الكفاحية ، ونعني بذلك أخلاقه بالمعنى الإنساني والثوري التي طالما حرص على الالتزام بها مفتاحا في كل مسيرته .

وفي هذه الذكرى نؤكد على أن فرضية أن يكون الإنسان أخلاقيا في مبادئه مهما كانت منطلقات تلك المبادئ ، ليست فرضية مثالية كما يدعي البعض ، فالأخلاق أولا ، هي التي تحدد مجرى وسلوك السياسي عموما والمناضل من اجل الحرية والعدالة والديمقراطية خصوصا ، وهنا يمكن بسهولة تفسير هذا الالتفاف المشفوع بكل معاني الاحترام والتقدير والحب للقائد الحكيم جورج حبش من كل من عايشه ليس من رفاقه وأصدقاءه فحسب بل من كل الذين لم يتعرفوا عليه في المكان لكنهم عرفوه في الزمان عبر مواقفه وكلماته أو ما قرأوه أو سمعوه عنه ، ذلك أن الحكيم جسد في كل محطات حياته مع العائلة والرفاق والأصدقاء اصدق وأجمل معاني الأخلاق الإنسانية التي لا يمكن بدونها أن يكون الإنسان –أي إنسان- وطنيا أو ثوريا صادقا .

لم يكن حبش مجرد مفكر ماركسي فلسطيني ولا مجرد قائد عسكري ثوري يتنقل من موقع إلي أخر ، بل كان أكبر من مجرد مفكر قومي ديمقراطي . لقد جسد كل معاني الثائر الأممي بكل معني الكلمة وتحمل مسئولية الثورة علي الرأسمالية في العالم . كان له دور بارز في تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي وجبهة تحرير ظفار والجبهة القومية في اليمن والحزب الثوري في السعودية بهدف اسقاط انظمة الرجعية والعمالة .. وما زال ذلك النهج الثوري هدفا لابد من استعادة تفعيله نظريا وعمليا لدى كل القوى الوطنية القومية الديمقراطية ليس وفاءً للحكيم فحسب بل أيضاً وبالدرجة الأولى التزاماً بتحقيق أهداف شعوبنا العربية عموما وفي دويلات الخليج والسعودية خصوصا للخلاص من كل اشكال الاستبداد والتبعية والاستغلال والتخلف .هكذا وصفه الرفيق غازي .

لذلك يجب ان تدرس اجيال الثورة العربية سيرة جورج حبش الثورية وكيف أمن بقيم الثورة العالمية وعاش حياته من أجل حلم الحرية والاشتراكية .وعلينا أن ندرس ونعلم شبابنا أهم محطات التطور في فكر الحكيم.

من مواقف وآراء جورج حبش

  • “هزيمة حزيران 1967 ليست مجرد نكسة عسكرية، إنها هزيمة أوضاع عربية وهزيمة أنظمة عسكرية وهزيمة بنية معينة للحركة الوطنية العربية”. (الهدف 9/6/1970)
  • “إعلان إنهاء الحرب مع إسرائيل خيانة صارخة ومنظمة التحرير الفلسطينية سارت في الخط السعودي – المصري”. (النهار 26/10/1974)
  • “إذا كانت سوريا تعمل من أجل الحصول على بعض المساندة للدخول في التسوية فإن الجماهير ستلعن النظام السوري كما تلعن الآن النظام المصري”. (10/9/1975)
  • “ليست لنا أية علاقة بالقرار 425 وهو لا يخصنا كثورة”. (إلى الإمام 16/6/1978)
  • “الخط السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية مهد الطريق ووفر الغطاء للسادات”. (10/5/1979)
  • “لا للدولة الفلسطينية إذا كانت ستقوم وثمنها استمرار بقاء إسرائيل”. (الأنباء 14/6/1979)
  • “إن معركة بيروت أثبتت أن شعبنا الفلسطيني واللبناني وجماهيرنا العربية تختزن من الطاقات ما يكفي لدحر الهجمة الأميركية الشرسة”. (16/12/1982)
  • “نرفض العودة المسلحة إلى لبنان بالأخطاء والتجاوزات السابقة. إذ إن أي وجود فلسطيني مسلح يجب ان يكون تحت إمرة القوى الوطنية اللبنانية”. (26/2/1984)
  • “إن خطوة اتفاق غزة – أريحا تفوق نتائج معاهدة كامب دايفيد”. (النهار 18/12/1993)
  • “على الفلسطينيين ألا يتدخلوا في الشؤون الداخلية اللبنانية وفي هذه المرحلة لا كفاح مسلحا فلسطينيا من لبنان نريد دعما لنضالنا المسلح من أجل العودة”. (السفير 28/7/1999)
  • قال في بيان أصدره في 17/1/2002 “إن اعتقال أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية يشكل فاتحة لخطوات أخرى تستهدف ترويض منظمة التحرير الفلسطينية كائتلاف وطني، وستقود تدريجيا لإجهاض الانتفاضة”.

إننا في الذكري الحادية عشر لوفاة الحكيم نتذكر لمحات مسيرته وندعوا كل الشباب العربي لدراسة أفكاره وكتاباته ووثائق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لنعرف كيف نحافظ علي هذا التراث ونستكمله في اتجاه الثورة الكبري التي يتحرر فيها البشر في كل العالم .

إلهامي الميرغني

25/1/2019

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.