الرئيسية » مقالات » رائد سلامة يكتب: عم حلمي.. “مواليمو” شعراوي

رائد سلامة يكتب: عم حلمي.. “مواليمو” شعراوي

“جئتكم بأحد العمالقة ليشارك معنا”..هكذا تحدث السيد/ حمدين صباحي للفريق ذات ليلة من ليالي سَهَرِنا المُضني حتي الصباح لنتمكن من الإنتهاء من البرنامج الرئاسي بإنتخابات ٢٠١٤ في الوقت المرصود..من يا تُري؟ دخل علينا بعدها مُصطحباً إياه.

مفاجأة كبري.. كنت أتابع كتابات الرجل -منذ بداية بدايات تكويني الفكري طالباً في المرحلة الثانوية- بجريدة الأهالي حين صدرت في سبعينات القرن الماضي.. قلمٌ ساحر لم أكن أمتلك إزاءه إلا أن ألتهم في نهمٍ سطور ما يخطه هذا القلم الذي توجت منهجه العلمي ثقافة رفيعة تنساب بين الكلمات.

شارك معنا “الحلم” فكان حالماً و حليماً.. كان ينصت لمناقشاتنا -حتي العبثي منها- و يتداخل بمنتهي الهدوء و الموضوعية و خبرة السنين لإقتناص ومضة يُصَوِب بها إتجاه المناقشات نحو النور.. إنفض زخم المعركة الإنتخابية فإنتهي مشوار ساعات السهر و بقيت بينه و بيني علاقة الأستاذ بتلميذ مازال يحبو مجتهداً في مدرسة البحث.

هاتفته في منتصف سبتمبر ٢٠١٤ لدعوته لحضور حفل إعلان حزب التيار الشعبي فقال لي “عندي لك مفاجأة سآتيك بها يوم الحفل”.. إنتظرته فأتي في الميعاد بالضبط مصطحباً المفاجأة.. رفيق عمره صاحب الأثر و الفضل الكبير عليَّ و علي كثيرين من أقراني، الرجل الذي كنت و مازلت ألقبه “بكبيرنا الذي علمنا”، الدكتور “سمير أمين”، فازدادت أفضال العملاق عليَّ بمفاجأته المُبهجة.

في منتصف نوفمبر ٢٠١٥ دعاني لحضور ندوة بمركز البحوث العربية والإفريقية لمناقشة كتاب “جيفارا الإفريقي-دراسة في الفكر السياسي لتوماس سانكارا” للباحث الدكتور “حمدي عبد الرحمن” والذي كتب العملاق مقدمته في سرد جبار بأسلوبه العلمي الذي لا يخلو من ملمح أدبي متميز لا يملكه سواه.

أثناء الندوة التي أدارتها الدكتورة “شهيدة الباز” كان الدكتور “حمدي” يناديه بـ”مواليمو”، فلما سألته عن معني هذه الكلمة أوضح أنها تعني “مُعلمي” باللغة السواحلية، و منذ ذلك الحين تغير لقبه لديَّ إلي “مواليمو”.

حين تزور منزل “مواليمو” بالعجوزة لن تفاجئك حفاوته و السيدة الفاضلة زوجته، وستجد نفسك وسط مناخ فريد يمثل -بمنتهي الدقة- عبقرية المكان.. عربي/إفريقي أو إفريقي/عربي، قلها كما تشاء فلا فرق ملموس هناك حيث تختلط الثقافتان في نظام بديع فتنصهر كل منهما في الأخري مُنتجة حالة من التوحد غير المسبوق.

أصيب “مواليمو” منذ أيام بوعكة صحية ألزمته الفراش ثم اقتضت دخوله غرفة العناية المركزة بإحدي مستشفيات القاهرة.. أيام عصيبة.. اتصالات هاتفية و رسائل جرت بيني و بين الأصدقاء و التلاميذ للمتابعة فالرجل مُتعب حقاً و لا نريد أن نزيد فوق إرهاقه شيئاً إلي أن أتتنا البشارة من العم زين و زين الأعمام الشاعر الكبير “زين العابدين فؤاد” الذي أبلغنا أنه سيغادر المستشفي إلي منزله بكل سلامة و سلام.. وجدت نفسي أكتب إليه ما كتبه عمنا “الفاجومي” في الطفل الإلهي السمين “صلاح جاهين” قائلاً: “حمد الله علي السلامة، و سلامتك يا جميل، يا ريتُه كان في قلبي شريانك العليل”.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.