الرئيسية » عربي ودولي » فورين بوليسي: عندما كانت أوروبا تحب الإسلام

فورين بوليسي: عندما كانت أوروبا تحب الإسلام

قالت الكاتبتان ماريا هنون طالبة الدكتوراه بجامعة جورج تاون في الولايات المتحدة، وصوفي سبان طالبة الدكتوراه بجامعة أوترخت في هولندا إن الأرستقراطيين الأوروبيين كانوا يغيرون أسماءهم إلى عبد الله ومحمد، وكان ذهابهم إلى المساجد يعتبر من آخر الصيحات، وذلك قبل أن تبدأ أوروبا بحظر الحجاب الإسلامي والنظر للمسلمين بدعوى أنهم تهديد محتمل.

واستنكرت الكاتبتان -في مقالهما بمجلة فورين بوليسي الأمريكية- الحال السلبي الذي أصبح عليه وضع الدين الإسلامي بأوروبا، وذلك بعد أن كان الملجأ لألمانيا وفرنسا وبريطانيا من مواطنين وحكومات أوائل القرن العشرين.

ولفتتا إلى أن الحكومات الأوروبية كانت في تلك الفترة توفر العناية والرعاية والمعاملة الخاصة للإسلام والمسلمين، حيث أنفقت الحكومة الفرنسية العلمانية ببذخ على المساجد كنوع من التباهي، في حين سعت ألمانيا لإثبات تعاملها السامي مع المسلمين، بالمقارنة مع فرنسا وبريطانيا.

وقالت الكاتبتان إنه لمن الغرابة بمكان أن يقول أكثر من نصف الألمان هذه الأيام إن الإسلام صار يشكل تهديدا لهم، وذلك بعد أن كانت برلين تفتخر باحتوائها مثقفين مسلمين من المهاجرين والطلاب، وحتى من الألمان الذين اعتنقوا الدين الإسلامي الذي كان يمثل أحد أشكال التفكير المتقدم لليساريين آنذاك.

وأضافتا أن النظر إلى هذا الماضي يعتبر بمثابة تذكير بأن اللقاء بين الإسلام وأوروبا ليس وليد اللحظة، فالإسلام سبق أن حاز على قلوب بعض الأوروبيين الذي اعتنقوه وغيروا أسماءهم إلى عبد الله ومحمد وطلال.

كما سبق أن أبدت الحكومات الأوروبية التسامح وحتى التحيز تجاه الإسلام، وهو ما قد يدهش القراء المعاصرين. فقد اعتمدت فرنسا وبريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى على رعاياهما المستعمَرين -وكثير منهم مسلمون- للعمل في ميادين القتال الأوروبية.

كما شيدت ألمانيا أول مسجد في معسكر لأسرى الحرب بمدينة فونسدورف بولاية براندنبورج لاستيعاب الأسرى من الجنود المسلمين، وللتوضيح لهم أن طريقة تعامل الألمان معهم أفضل من معاملة الفرنسيين والبريطانيين، وكان الألمان يأملون أن تكون النتيجة من هذه المعاملة خلق الاضطرابات بين المسلمين في المستعمرات التابعة للفرنسيين والبريطانيين.

وأردفت الكاتبتان -في مقالهما بالمجلة- أن جهود الدول الأوروبية تكاثفت أثناء الحرب العالمية الثانية للفوز بتأييد المسلمين، وأن بريطانيا ساعدت في تمويل مسجدين في لندن، بينما قدم النازيون أنفسهم على أنهم حماة الإسلام وحاولوا إقناع المسلمين، وخاصة في أوروبا الشرقية، بالانضمام إليهم للقتال ضد السوفيات.

وقالت ماريا هنون وصوفي سبان إنه على الرغم من تلاشي تلك الفترة من الذاكرة بالعقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، فإنها تعد شاهدا على جهود الأوروبيين وحكوماتهم في التودد للمسلمين والإسلام.

وكشفتا أيضا عن المفارقات في التعامل مع الإسلام في أوروبا الغربية هذه الأيام، حيث يلقى المسلمون معاملة سلبية على اعتبار أنهم يشكلون تهديدا محتملا للمصالح الوطنية.

واختتمت الكاتبتان مقالهما بالقول إن هناك علاقة تاريخية غنية بين الإسلام وأوروبا الغربية، والاعتراف بحسن تاريخ العلاقة بين أوروبا والمسلمين يساعدنا على تخيل مستقبل نرى فيه المسلمين باعتبارهم جزءا رئيسيا في الحياة العامة الأوروبية، وذلك بدلا من اعتبارهم مصدر تهديد أو غرباء دائمين

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.