الرئيسية » أخبار » محمد عبد الحليم يكتب تعقيباً على ارتفاع حجم إحتياطي النقد الأجنبي: انجازات لمن ولصالح من؟

محمد عبد الحليم يكتب تعقيباً على ارتفاع حجم إحتياطي النقد الأجنبي: انجازات لمن ولصالح من؟

 

“كسر الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري حاجز الـ37 مليار دولار لأول مرة في تاريخه، حيث سجل بنهاية ديسمبر الماضي 37.019 مليار دولار، مقابل 36.732 مليار دولار في نهاية نوفمبر السابق، بزيادة قدرها 296 مليون دولار.
وجاءت زيادة الإحتياطي رغم سداد البنك المركزي التزامات خارجية الشهر الماضي، بقيمة 2 مليار دولار لصالح البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد، والتزامات على جهات حكومية لصالح جهات دولية، ضمن ديون والتزامات خارجية سددها البنك خلال العام الماضي، بقيمة 30 مليار دولار”.
كان هذا هو الخبر الاساسي الذي احتل صدارة الاخبار الاقتصادية في مصر سواء في صحف النظام او في فضائياته وعلى افواه اعلاميه واقتصاديه ،وبغض النظر ان سداد مبلغ ال30 مليار دولار لم يقلل دولار واحد من اجمالي الدين الخارجي البالغ 79 مليار دولار بحسب لبيانات المالية الرسمية التي مازالت مبنية على أن إجمالي الديون الخارجية يبلغ 79.03مليار دولار ويمثل 33.6% من الناتج المحلي الإجمالي وان كل ما فعلته الادارة الاقتصادية في مصر لا يعدو كونه استبدال ديون خارجية بديون خارجية اخرى .
صاحب هذا الخبر موجه حارة من التهليل والتسبيح بحمد السياسات الاقتصادية التي يتبعها االنظام بل ووصل الامر باحد الاعلاميين في مداخلة لأحد الاقتصاديين المحسوبين على النظام ، القول حرفيا: “ان احنا نقدر نقول ان حصوة في عين الي ما يصلي على النبي علينا” ، وبغض النظر عن اسلوب “ام سحلول الداية” الذي عاهدناه من امثاله ،اود ان اوضح للقارئ الكريم الذي قد يلتبس عليه الامر حين يسمع مثل تلك الاخبار التي يروجها اعلام النظام من قبيل ارتفاع احتياطي النقد الخارجي او نجاح مصر في تسديد جزء من التزاماتها الخارجية ، ان دراسة الاقتصاد تعلمنا انه هناك دائما اكثر من حل – بالمعنى الفني- لأي مشكلة اقتصادية ،ومرد ذلك ان وراء كل مشكلة اقتصادية اطراف عديدون لكل منهم مصلحة متعارضة بدرجة او بأخرى مع مصالح الاطراف الاخرى ،وبالتالي فان كل حل “فني” تقف وراءه مصلحة ما، لأن كل حل ينطوي بالضرورة على انحياز ما ويؤدي بالضرورة الى نتائج اجتماعية وسياسية لا تراعي بالضرورة مصالح الشعب بقدر ما تراعي اصحاب سلطة اصحاب القرار انفسهم.
فمن الصحيح ان الحكومة المصرية قد سددت العام الماضي نحو 30 مليار دولار من ديونها الخارجية وفي الوقت نفسه استطاعت كسر حاجز ال37 مليار دولار للاحتياطي النقدي ، ولكن هل يعني هذا حقا تحسن الاحوال الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين خلال عام 2017 او حتى في السنوات المقبلة؟
قبل الاجابة عن هذا لسؤال ،سأطرح عليك قارئي الكريم السؤال التالي : قام “مهيطل” بدفع مبلغ 300 جنيه للمعلم “عكوة الجزار” من اصل دينه الذي يبلغ 1000جنيه ،فهل معنى ذلك تحسن المستوى المعيشي للمدعو مهيطل واسرته ؟ علما بان مهيطل قد جمع مبلغ 300 جنيه من خلال بيعه لحلق “سعديه” زوجته ،وتخفيضه للمصروف اليومي لابنه “حبوكشة” من نص جنيه الى ربع جنيه ،مما دفع بحبوكشة للتسول في اشارات المرور ،وأخيرا قام مهيطل بالاقتراض من اولاد ابو اسماعيل مبلغ 100 جنيه اضيفت لاجمالي ديونه !
بالطبع لا تعليق ،والان نعود ونجيب على السؤال الاصلي ، ان ارتفاع الاحتياطي النقدي الخارجي وكذلك سداد جزء من مديونيتنا الخارجية لا تعني بالضرورة تحسن المستوى المعيشي للشعب ، خاصة اذا نظرنا الى الاجراءات الاقتصادية التي قامت وتقوم بها الحكومة في مصر ، من قبيل تخفيض الدعم على المحروقات وعدم الالتزام بالنسب المنصوص عليها في الدستور المصري بشان موازنتي التعليم والصحة ، كذلك تخفيض الدعم الموجه للمزارعين الذي جرى تخفيضه من 5 مليارات الى مليار واحد ، بالاضافة الى اتجاه الحكومة لبيع نصيبها في عدة بنوك ولا سيما بنك القاهرة بعد ان اعلنت طرحها نحو 25% من اسهمه في البورصة – خصخصة يعني – وتخليها التام عن دعم العملة الوطنية امام الدولار مما حدى بالاخير الى الارتفاع الى مستويات قياسية كسرت حاجز 17.70جنيه ومرشحة للزيادة في السنوات المقبلة ،وهو ما انعكس مباشرة على المستوى العام لاسعار السلع والخدمات الاساسية وتضاعف اسعارها خلال العام المنصرف ، ناهيك عن فرض وتوسيع ضرائب المبيعات والقيمة المضافة وغيرها من الرسوم والاتاوات التي ادت الى تفاقم عجز ملايين الاسر المصرية عن الوفاء بالحد الادنى من نفقات المعيشة الضرورية البعيدة كل البعد عن احتوائها على اي بند من بنود الترفيه ،وانهيار منظومتي التعليم والصحة المنعكس في خروج اغلب جامعاتنا من اي تصنيف معتمد لجودة التعليم، والحالة المذرية التي وصلت لها مستشفياتنا العامة والخاصة على السواء وغيرها الكثير والكثير من مظاهر تردي الحالة المعيشية لجموع المصريين.
الخلاصة ان اي ادعاء لتحسن الاحوال الاقتصادية والاجتماعية للشعب المصري لا محل له اعرابيا في ظل وجود سلطة لديها انحيازات اجتماعية واضحة لصالح الاغنياء وكبار الرأسماليين ،سلطة تابعة للرأسمالية العالمية بالدرجة التي جعلتها- اي السلطة- اصبحت ممثلة لمصالح الراسمالية العالمية في مصر أكثر من تمثيلها للشعب المصري في المحافل الدولية – وقضية تيران وصنافير خير شاهد – وان اي حديث عن مشاريع قومية عملاقة من قبيل تفريعة قناة السويس وبناء العاصمة الادارية الجديدة وعلاقتها بالتنمية ، لا يعدو كونه لغوا فارغا ، فالمليارات التي يتم انفاقها على هكذا مشاريع في الوقت الذي يعاني فيه ملايين المصريين من جحيم البطالة والفقر والمرض ،لا يضاهيها في انحيازها وتبعيتها لمتطلبات التراكم الراسمالي في الداخل المصري وفي الخارج الغربي ، سوى ملايين الجنيهات التي تم انفاقها على مشاريع السكك الحديدية وحفر قناة السويس وبناء ارقى المدن والاحياء للاجانب وكبار الاقطاعيين في عهد الاحتلال في الوقت الذي عانى فيه ملايين المصريين من ثالوث الفقر والمرض والجهل.
وأخيرا وليس بأخرا لا امل في تنمية حقيقية يجني ثمارها جموع شعبنا الكادح في ظل وجود نظام راسمالي طفيلي تابع للمنظومة الرأسمالية العالمية ،واقول ق

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.