الرئيسية » صوت اليسار » مدحت الزاهد يكتب : أفكار عن المشاركة والمقاطعة

مدحت الزاهد يكتب : أفكار عن المشاركة والمقاطعة

يتجه الجدل حول التعديات على الدستور الان الى مسألة محورية : نشارك ونصوت بلا ، ويتصدر أصحاب هذا التقدير استاذنا الكبير د. نور فرحات .. أم نقاطع حتى لا نضفى الشرعية على انقلاب دستورى وهو ما يدعو له مجموعة من الأصدقاء المحترمين. .. .
ولدى بعض الملاحظات الأولية (سوف استكملها في بوستات لاحقة) ملتزما بما نبلوره من وفاق وما يصدر عن حزبى والحركة المدنية من توجهات .
وأوجز هذه الملاحظات الاولية في:
– حاولنا استغلال كل مساحة متاحة كى يصل صوتنا المحاصر الى الشعب ، وقد تم حجبه في كل أجهزة الاعلام المملوكة للدولة ولم نمكن من تنظيم مؤتمرات جماهيرية في الشوارع او تنظيم وقفات احتجاجية وواجه المعارضون لتعديل الدستور اشكالا مختلفة من الترويع في حوار مخنوق حصرى للمولاة واقصائى للمعارضين ، ولم نتلقى ردا على مطالبنا بشان نزاهة الاستفتاء او تجميد حالة الطوارئ في غير حالات الإرهاب او اصدار تشريع بعفو عام شامل لسجناء الراى .. ومع هذا لمسنا ميولا جماهيرية لرفض هذا التعدى.
– أن الاختلاف بين القوى الديمقراطية خلاف محدود يدور حول شكل الرفض ، التصويت بلا او المقاطعة رفضا للانقلاب على الدستور وليس خلافا على مبدا رفض العبث بالدستور.
– ان النقاش في اتجاهه الرئيسى يعبر عن مستوى ارقى من الخبرة والنضج ، ولا يستخدم أي طرف (الا فيما ندر) لغة التخوين في مواجهة الطرف الاخر، ربما لمحدودية الخلاف ، وكذلك لمستوى ملحوظ من النضج تتخلص به القوى الديمقراطية من بعض امراضها، حتى لا تحمل نفسها بضعف اضافى فوق ما تعانيه.
– أن التصويت بلا أو المقاطعة لا ينبغي أن يؤسس على مسألة أضفاء الشرعية على هذا الاجراء اذا اتخذنا هذا الموقف أو ذاك (مادام كلاهما انطلق من رفض العبث بالدستور) فقد سبق للقوى الديمقراطية أن شاركت في انتخابات النقابات العمالية في ظل بناء هرمى يجمع العمال وصاحب العمل او من يمثله في اطار واحد ( لسنوات طويلة كان بلطية وسعد محمد احمد وغيرهما وزيرا للقوى العاملة ورئيسا لاتحاد العمال !) وشاركت في انتخابات النقابات المهنية قبل القانون 100 سئء السمعة وبعده (ونقيب المهندسين وزيرا للاسكان أو الرى أو صاحب اكبر شركة مقاولات في مصر، كعثمان احمد عثمان ونقيب الأطباء وزيرا للصحة ونقيب المعلمين لعقود كدكتور مصطفى كمال حلمى وزيرا للتعليم الخ .. ولكنها في كل هذه المشاركات كانت تؤكد على ضرورة ان تقتصر عضوية النقابات على العاملين وعلى ضرورة تمييز النقابات عن الاتحادات المهنية التي يمكن أن تجمع المهتمين بالمهنة وعلى ضرورة رد الاعتبار الى النقابات القاعدية كاس للتنظيم النقابى وغيرها من مطالب استقلال الحركة النقابية ، وهى في غمار سعيها للاستقلال كانت تعمل على دمقرطة التنظيمات النقابية وتشكيل لجان العنابر او صناديق الاضراب او المؤتمرات العمالية الدائمة او الاشكال الضاغطة على التنظيم الرسمي (كاطباء بلا حقوق او المراكز العمالية المستقلة) او النقابات المستقلة في لحظة من تطور قواها.
والخلاصة هنا أن المشاركة لا تعنى بالضرورة الاعتراف بمشروعية الاطار التشريعى ، مادمت ستقول في كل وقت ان هذا البناء مشوه وغير ديمقراطى ولا يستجيب لمعايير الحريات النقابية .. وهذا ما حدث أيضا في انتخابات مجلس النواب التي نفذ منها نواب 25- 30 في بعض الدوائر الفردية والتي جرت بنظام القوائم المطلقة الموروث عن الأنظمة الفاشية، والذى يتعارض مع المبدأ الدستورى الخاص بالتعددية السياسية والحق في التنوع .
– أن المشاركة بلا أو المقاطعة لا ينبغي أيضا أن تؤسس على كيف سيستخدم النظام موقفنا ويوظفه لصالحه لأننا لو قاطعنا سيقول الفيران هربت واختبأت في الجحور واذا شاركنا سيقول عرفوا حجمهم والشعب لفظهم ، وهو في كل الأحوال يختار المواقع التي سيتم فيها الحشد والتعبئة ومكان اللقطة ، ونحن في كل الأحوال لا نملك قوة جماهيرية كبرى نحشدها فنساعد اللقطة المنتقاة .
– السؤال الحقيقى اذن هو كيف نؤثر على المشهد وفقا لما نرصده من ميول .. وهل نقاطع كموقف احتجاجى للتعبير عن الرفض وهو تقدير له وجاهته ، ام نشارك بلا لان كتلا جماهيرية ستعبأ وتحشد عنوة وبينها تيار يرغب في التصويت بلا . ويلزم هنا الإشارة الى ان المقاطعة في تجارب حركات التغيير كانت ترتبط بقدرة الجماهير على صنع اشكال اكثر تمثيلا واوفر ديمقراطية واكثر تعبيرا عن ميول أغلبية الشعب كلجان الاحياء في الارجنتين والحكومات الخيرة في إقليم شاباس في المكسيك والسوفيتات وغيرها .. وما يجرى الحديث عنه في مصر هو المقاطعة كشكل احتجاجى وإعلان رفض.
– ويتفرع عن ذلك أسئلة أخرى منها أيهما أفضل لتعزيز مشاركة الشعب بدعوته للتصويت بلا ام دعوته للمقاطعة .؟ وأى موقف سيساعده أكثر للتوجه للكنبة أو الخروج من جاذبيتها (التصويت بلا ام المقاطعة؟ ) وهل يمكن ان يكون لنا خطاب متنوع ينطلق من نغمة واحدة ولكنه يراعى أن هناك كتلة كبيرة ستذهب ويمكن أن تقول لا .. وتطرح في المقابل واجبات الزامية على الراغبين في المقاطعة في تنظيم حملات امنة وبالوسائل السلمية لبيان موقفهم .
– ويقودنى هذا الى طرح اقتراحا تم تداوله اثناء لقائتنا كحركة مدنية بالمنصورة والإسكندرية وبلوره مهندس محمد الأشقر وعرضت مضمونه في النادى السياسى للتحالف الشعبى الاشتراكى في لقاء امس السبت وهو تصميم بطاقة يتصدرها (لا للتعدى على الدستور) أرفض التعبئة القهرية والاملاءات والاكراه وصوت بلا لتعديل الدستور .. ويلزم على كل مواطن التعبير عن رفضه للعبث بالدستور بكل اشكال الاحتجاج السلمية الملائمة وبالطريقة التي تناسب كل موقع وكل فرد .. أو أي صيغة مشابهة.
– وفى كل الأحوال يلزم ألا تستنزف القوى الديمقراطية قواها ويدب بينها الانقسام وتنشغل بهذا الخلاف عن مهمتهما الجوهرية وحملتها ضد التعدى على الدستور وهى الحملة التي ينبغي أن تتواصل حتى يوم الاستفتاء وبعده وحتى يتحقق حلم الشعب في الحرية والعدالة والكرامة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.