الرئيسية » أخبار » موراليس أراد التلاعب بالدستور فأطاحت به الجماهير

موراليس أراد التلاعب بالدستور فأطاحت به الجماهير

حقق الرئيس البوليفي إيفا موراليس علي مدي سنوات حكمه التي بدأت في 2006 العديد من المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية في بوليفيا . وهو اول رئيس ينحدر من السكان الاصليين . ولكن بعد ثلاث دورات في الرئاسة. اراد موراليس تعديل الدستور الذي لا يعطي الرئيس الحق في الترشح لأكثر من دورتين للرئاسة . ودخل الانتخابات الرئاسية الأخيرة ولكنه لم يحصل علي 50% من الأصوات وترددت انباء عن تلاعب بنتائج الانتخابات فجر مظاهرات الغضب في بوليفيا .

بعد ثلاثة أسابيع من التظاهرات الحاشدة احتجاجا على فوزه في الانتخابات المثيرة للجدل لولاية رابعة غير دستورية. قال الجنرال وليامز كاليمان في خطاب متلفز إن “القيادة العسكرية للقوات المسلحة قامت بالترتيب لعمليات مشتركة مع الشرطة لمنع إراقة الدماء والاقتتال داخل العائلة البوليفية”. وعندما شعر موراليس بتخلي الجيش عنه أعلن استقالته وطلب اللجوء السياسي الي المكسيك التي قبلت طلبه.

وقد شغلت تطورات الأوضاع في بوليفيا العديد من الباحثين وكتب الاستاذ أشرف حسين: ايه اللي حصل في انتخابات بوليفيا؟ هاقول الحقائق المتفق عليها وبعدين هاقول رأيي. موراليس كسب الجولة الاولى من الاصوات بنسبة ٤٧.١٪ التالي له مرشح اسمه ميسا خد نسبة ٣٦.٥ ٪. الدستور بيقول ان في حالة عدم حصول اي من المرشحين على ٥٠٪ تجري جولة ثانية الا اذا كان الفائز حاصل على اعلى من ٤٠٪ من الاصوات وكمان لازم يكون سابق اللي قبله باكتر من ١٠٪ من الاصوات. لو المرشح التاني كان حصل على نص في المية اكتر كان هايبقى فيه جولة تانية وعلشان كدة رغم ان الفرق بين موراليس وتاليه اكتر من عشرة في المية لكن كان فرق نص في المية ممكن يغير النتيجة ويؤدي للاعادة. ومن هنا اي اخطاء في العملية الانتخابية حتى لو بسيطة ممكن تأثر على النتيجة النهائية. كان اعلان المراقبين من منظمة دول امريكا اللاتينية عن خروقات كاف لنزع المشروعية عن النتيجة.

الأستاذ أشرف حسين

         الأستاذ أشرف حسين

تاريخ الانتخابات في بوليفيا تحت حكم موراليس يقول بمصداقية النتايج الى حد بعيد. موراليس لسة خسران معركة تعديل الدستور بما يسمح بالغاء القيود على مدد الرئاسة ٥١٪ كانوا ضد التعديل و٤٩٪ معاه. وعلشان كدة اعادة ترشحه لدورة رابعة غير دستوري . لكن هوة اعتمد على قرار المحكمة الدستورية العليا اللي حكمت بعدم حجية الاستفتاء على التعديلات الدستورية واعتبرت اطلاق مدد الرئاسة حق للرئيس.

فعلا موراليس اللي عمل اصلاحات اجتماعية هائلة خفضت نسبة الفقرا ب٤٢٪ وخفضت عدد من يعانون الفقر المدقع ب٦٠ في المية وكل ده مع المحافظة على معدل نمو اعلى من متوسط النمو في باقي امريكا اللاتينية ب٢٪. ده انجاز عظيم اقتصاديا بس للاسف ارتكاز نجاحه الانتخابي على كاريزمته اكتر من برنامجه خلاه يتصرف تصرف احمق بالترشح لمدة رابعة.

هوه عارف ان ترامب ما بيحبوش وان نموذجه الاقتصادي بيخلق اعداء داخليين واقليميين ما بيرحموش. المهم هوه عرض انه يعيد الانتخابات بس كان فيه قرار من الجيش شجعته احتجاجات انه يتشال. بعد ما اعلن تنحيه عن السلطة ما وقفش الموضوع عند كدة. عنف رهيب من المحتجين مهاجمة لبيته وبيوت اعضاء حزبه اجبرته على الهرب واللجوء في المكسيك. زعيم المعارضة ميسا اللي حصل على ثقة ٣٦ في المية فقط من الناخبين عنده فرصة يحكم ويكسب الانتخابات القادمة في غياب موراليس. تجربة محزنة فيها خليط من النجاح السياسي والانتخابي لبرنامج عدالة اجتماعية وفشل سياسي وتنظيمي. واضح انهم فشلوا في بناء تنظيم جماهيري بحيث يرتكز على زعامات وكوادر متجددة مش على زعيم كاريزمي اوحد.

كذلك كتب الدكتور إيهاب الخراط ” تظهر يوما بعد يوم صحة موقف الرئيس اليساري البرازيلي لولا دا سيلفا الذي رفض تغيير الدستور واحترم المؤسسات الديمقراطية والعملية الديمقراطية في التغيير. حتى لما تلاعب خصومه من اليمين القومجي المتطرف بالإعلام وحتى بجهاز العدالة نفسه خضع لحكم للقضاء بحبسه ١٢ سنة رغم قدرته على حشد جماهيره لمنع تنفيذ الحكم. وتم نقض الحكم بعد مرور سنة ونصف على حبسه وأفرج عنه بطلا شعبيا تاريخيا.

الدكتور إيهاب الخراط

         الدكتور إيهاب الخراط

بينما يجب أن نعارض الاساليب الشعبوية السلطوية لمناضل يساري آخر ايفو موراليس من بوليفيا. بعد مرور مدتين رئاسيتين على حكمه حاول باسم الشعب تغيير الدستور في استفتاء شعبي وفشل. ثم أجرى انتخابات مشكوك في نظافتها ليستمر في السلطة. ثم أسقطته انتفاضة شعبية في الشارع. ليت كل الرفاق من اليسار أن يدركوا أن زمان الديكتاتورية حتى باسم الكادحين قد ولى. وشعبوية ترامب على اليمين او موراليس البوليفي او مادورا الفنزويلي على اليسار لزوال. المستقبل لديمقرطية تبني الاشتراكية الليبرالية الحقة على أساس نمو وعي الشعب لا على أساس فرض أي “وعي” على الشعب .

كل المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية التي حققها موراليس لم تشفع له عندما أراد العبث بالدستور ، كما أنه علي مدي سنوات حكمه الممتدة لم يستطيع تعبئة الجماهير العريضة وبناء تنظيمات جماهيرية قادرة علي التعبير عن حركة الشارع والدفاع عن المكتسبات التي تحققت . وتعطي تجربة بوليفيا درس لكل من يفكر في التلاعب بالدستور والديمقراطية في كل بلدان العالم .

دعم فنزويلا وكوبا وحديثهم عن الانقلاب ضد موراليس لم يمنع ملايين الشعب البوليفي من النزول للشارع لتعلن فشل السياسة التي استهدفها الرئيس بتغيير الدستور والانتخابات لفترة رئاسية جديدة.

موراليس لم تغفر له النجاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تحققت .الديمقراطية الحقيقية وتبادل السلطة والتعددية هي الضمانة الوحيدة لاستمرار أي رئيس وقياس نجاحاته.وبناء التنظيمات المستقلة هي ضمانة التطور الديمقراطي في مختلف بلدان العالم.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.