الرئيسية » تقارير وتحقيقات » ازدواجية تركيا بين التصريحات الإعلامية والمصالح الاقتصادية

ازدواجية تركيا بين التصريحات الإعلامية والمصالح الاقتصادية

لا تزال تركيا تلعب سياسة “الحرب الكلامية” فيما يخص اعتراضاتها على ممارسات دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث يخرج علينا رئيسها كل يوم بتصريحات نارية، لا تمت لواقع المصالح والعلاقات التجارية بين البلدين بشيء.

وكانت آخر تصريحات تركيا ما جاء على لسان رئيسها رجب طيب أردوغان، الثلاثاء الماضي، والتي قال فيها إن “ذلك الإجراء (إقرار قانون الدولة القومية اليهودية) يثبت أن إسرائيل هي الدولة الأكثر صيهونية وفاشية وعنصرية في العالم، بما لا يدع مجالًا للشك”.

وأضاف أردوغان، في كلمته أمام الكتلة البرلمانية لحزب “العدالة والتنمية” الذي يترأسه: “لا فرق بين هوس الجنس الآري لهتلر وبين اعتبار الحكومة الإسرائيلية أن هذه الأراضي القديمة تعود لليهود فقط”.

ودائما ما تثير تصريحات إردوغان مناصري دولة الخلافة الإسلامية التي يسعى إليها الرئيس التركي، حيث يسارعون لإعادة نشر كلماته على نطاق واسع.

لكن الباحثون نادرا ما ينخدعون بتلك الحرب الكلامية، ففي دراسة نشرها مركز الزيتونة، وهو مؤسسة دراسات واستشارات مستقلة، تأسس في بيروت منتصف عام 2004م، أوضح فيها حجم التجارة الإسرائيلية مع عدد من البلدان العربية والإسلامية لسنة 2017، تبين أن تركيا هي الدولة الأكبر في حجم الاستيراد والتصدير لدولة الاحتلال، ما يعكس ازدواجية تركيا في التعامل مع القضية الفلسطينية.

في 27 يونيو 2016، أعلنت تركيا رسميا عن التوصل لتفاهم مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة أنه سيسهم في رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني عامة، وعن غزة بشكل خاص.

اشترطت تركيا ثلاثة شروط لإعادة العلاقات: تقديم اعتذار رسمي مكتوب، دفع تعويضات لعوائل الشهداء، ورفع الحصار عن قطاع غزة.

في البدء وجدت إسرائيل أن الشروط مُهينة، ورفضت الاستجابة، ثم شرعت تطرح حلولاً وسطاً، لحاجتها إلى علاقات مع تركيا، لاسيما ما يتعلق بتصدير غازها إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، وهي الطريق الأقل تكلفة من غيرها.

بعد مفاوضات شاقّة، رضخت إسرائيل لاتفاق يلبّي معظم الشروط، فاعتذرت، ودفعت تعويضات قدرها 21 مليون دولار، ووافقت “جزئياً” على الشرط المتعلق بقطاع غزة، وسمحت لتركيا ببناء مستشفى فيه، ومحطة لتحلية مياه البحر، ومحطة توليد كهرباء، وتزويد قطاع غزة بما يحتاجون إليه من مساعدات إنسانية عبر ميناء أسدود.

إلا أن إسرائيل عادت إلى ممارستها ضد الشعب الفلسطيني، بل يمكنك القول إنها لم تتوقف عنها في الأساس. فما تزال عمليات الاعتقال مستمرة، وتهويد القدس يجري على قدم وساق، وكان آخر الممارسات هو القانون العنصري الذي أقرته دولة الاحتلال وسط صراخ عربي في الكنيست. كل هذا لم يغير أنملة من حجم التبادل التجاري بين دولة الاحتلال وتركيا، في حين أن التعويضات التي دفعتها دولة الاحتلال عادت تسترجعها عبر “قانون اقتطاع مخصصات الأسرى والشهداء من أموال الضرائب الفلسطينية”، في تشريع قال عنه المتحدث الرسمي باسم حكومة الوفاق يوسف المحمود “هذا القانون بمثابة تشريع علني سافر لسرقة ونهب أموال شعبنا الفلسطيني، واستهداف لرموزنا الوطنية ورموز الدفاع عن الحرية والكرامة والتصدى للظلم والتسلط والقهر، الذى يمثله الاحتلال الإسرائيلي”.

نحن إذا أمام دولة لا تعرف للعهود، كما كانت دائما، سبيلا. فماذا فعلت تركيا؟ ارتفع حجم التبادل التجاري بين إسرائيل وتركيا، حيث بلغ في عام 2017 فقط 4.914 مليار دولار وفقا للإحصاء التركي، و 4.310 مليار دولار وفقا لإحصاء الاحتلال.

إن تركيا دولة لا تعرف طريقا للضغط على الاحتلال أو التفاعل مع الأزمة الفلسطينية غير طريق الجعجعة الإعلامية. فكما قال علي ابن أبي طالب: إني لأفتحُ عيني حين أفتحها.. على كثيرٍ ولكن لا أرى أحدا.

حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل – مركز الزيتونة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.