أعلن الرئيس السوداني عمر البشير الجمعة حل الحكومة وفرض حال الطوارىء في كل أنحاء البلاد، بعد أكثر من شهرين من التظاهرات والتحرك الاحتجاجي ضد الحكومة المطالب بإسقاط النظام.
وقال البشير في خطاب توجه به الى الأمة من القصر الرئاسي في الخرطوم “أُعلن فرض حالة الطوارىء في كل أجزاء البلاد لمدة عام”.
وأضاف “أُعلن حلّ الحكومة على المستوى الاتحادي وحكومات الولايات”.
كما قرر البشير تعيين حكومة تصريف أعمال، وأبقى على وزراء الدفاع والخارجية والعدالة.
وكانت التظاهرات قد بدأت في 19 ديسمبر احتجاجا على رفع الحكومة سعر الرغيف ثلاثة أضعاف، وسرعان ما تحوّلت إلى احتجاجات تخللتها مواجهات دامية ضد نظام البشير الذي يحكم البلاد منذ ثلاثة عقود.
ونزل المتظاهرون الى الشارع وهم يهتفون “حرية سلام عدالة”، وغالبا ما تصدت لهم القوى الأمنية التي أوقفت العديد من المتظاهرين والناشطين والمعارضين.
وفي رد على الخطاب أكد تجمع المهنيين السودانيين، وهو الجهة المنظمة للاحتجاجات في السودان، أن التظاهرات ستستمر حتى يتنحى الرئيس البشير عن الحكم الذي يتولاه منذ 1989.
وقال التجمع في بيان “ندعو الشعب السوداني إلى مواصلة التظاهر حتى تحقيق أهداف هذه الانتفاضة والتي هي تنحي رأس النظام ورئيسه وتصفية مؤسساته”.
وفي وقت متأخر الجمعة خرجت تظاهرة في شوارع أم درمان لكن سرعان ما واجهتها شرطة مكافحة الشغب بالغاز المسيل للدموع، وفق شهود.
وبعد ساعات على الخطاب أصدر البشير مرسومين جمهوريين عين بموجبهما 16 ضابطا في الجيش وضابطين أمنيين كولاة جدد لولايات البلاد ال18.
وأعلن ايضا أن خمسة وزراء من الحكومة المقالة بينهم وزراء الشؤون الخارجية والدفاع والعدل سوف يحتفظون بحقائبهم في الحكومة الجديدة.
بدأت التظاهرات أولا في مدينة عطبرة في 19 ديسمبر، وسرعان ما امتدت بشكل سريع الى سائر أرجاء السودان لتتحول الى تحد جدي لحكم البشير المستمر منذ ثلاثة عقود.
وتقول السلطات إن 31 شخصا قتلوا منذ ذلك الحين، في حين تتحدث منظمة “هيومن رايتس ووتش” عن 51 قتيلا بينهم أطفال وأفراد في طواقم طبية.
وشن جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني حملة لوأد الاحتجاجات سُجن على اثرها المئات من المتظاهرين وقادة المعارضة والناشطين والصحفيين.
وقاد البشير البالغ 75 عاما انقلابا سلميا عام 1989 ضد الحكومة المنتخبة ديموقراطيا برئاسة الصادق المهدي.
ودعمته حينها الجبهة الإسلامية القومية بقيادة حسن الترابي الذي توفي في 2016، بعد أن أصبح من أشد معارضي للبشير.
وسبق للبشير أن أعلن حال الطوارىء في ديسمبر عام 1999، بعد الأزمة السياسية التي نتجت عن انفصاله عن الترابي.
كما انها ليست المرة الأولى التي يشهد فيها السودان تظاهرات ضد البشير، فقد حصلت تحرّكات احتجاجية ضدّه في سبتمبر عام 2013 وفي يناير عام 2017، لكن محللين يؤكدون أن التظاهرات الأخيرة هي التحدي الأخطر الذي يواجهه.
وأعلن البشير في خطابه الجمعة انه طلب تأجيل اجتماعات لجنة برلمانية مخصصة للنظر في تعديل دستوري يسمح له بالترشح لولاية رئاسية ثالثة، دون أن يعطي تفاصيل اكثر.
وكان حزب المؤتمر الوطني قد أجاز للبشير الترشح للانتخابات الرئاسية عن الحزب في 2020.
وطالما شكلت المصاعب المالية في السودان عامل احباط شعبي، قبل ان ينفجر الغضب في الشارع بعد ارتفاع أسعار الخبز.
وتسبب التضخم ونقص العملة الاجنبية بانهاك اقتصاد البلاد، خاصة بعد انفصال جنوب السودان عام 2011 الذي حرم الخرطوم من عائدات النفط.
وقال البشير في خطابه أمام مستشاريه وأعضاء حكومته المقالة “بلادنا تجتاز مرحلة صعبة ومعقدة هي الأصعب في تاريخها الوطني”.
وأضاف “التحديات الاقتصادية لا بد من التصدي لها بكفاءات مقتدرة ولذا سأكلف حكومة مهام جديدة بكفاءات مقتدرة”.
واجتذبت التظاهرات في السودان كافة فئات المجتمع، من الطبقة المتوسطة الى المهنيين والعمال الزراعيين والشباب ومعارضي البشير و النساء شاركن فيها.
وبقيت فقط مناطق دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان التي تشهد نزاعات مسلحة بمنأى عن الاحتجاجات.
ويتحدى الرئيس السوداني ايضا منذ سنوات المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت في حقه مذكرتي توقيف.
ودعا منظمو الاحتجاجات كافة الأطياف السياسية للانضمام الى حركتهم عبر توقيع “وثيقة الحرية والتغيير”.
ويحدد نص الوثيقة خطة لما بعد حكم البشير، من بينها إعادة بناء السلطة القضائية ووقف التدهور الاقتصادي الذي يعتبر السبب الرئيسي للاحتجاجات.
وواجه البشير الاحتجاجات ضده بتظاهرات مؤيدة لحكمه وعد خلالها بتنمية اقتصادية في البلاد والدفع باتجاه احلال السلام في المناطق التي تشهد نزاعات.