الرئيسية » أخبار » الجنوب لم يعد هادئاً : الاحتجاجات تملأ السودان رفضاً لسياسات الإفقار

الجنوب لم يعد هادئاً : الاحتجاجات تملأ السودان رفضاً لسياسات الإفقار

تقرير : يحيي الجعفري 

على ما يبدو أن يناير لا يزال مصراً على إثبات أنه شهراً للمقاومة فبالرغم ما ألم ببلاد الربيع العربي من إخفاقات وثورات مضادة على هباتهم الشعبية إلا أن لا تزال القوى الحية في المجتمعات العربية تعود لتظهر مرة أخرى وتشاء الأقدار أن تكون تلك الانتفاضة في مطلع كل عام في يناير ، لتصدق مقولة الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم ” كل ما تهل البشاير من يناير كل عام ”

المظاهرات المناهضة لقرار الحكومة السودانية برفع أسعار الخبز و السلع الأساسية  مستمرة منذ مطلع العام الحالي. ولكن هل هذا هو السبب الوحيد ؟ أم أن للقضية جذوراً أكثر عمقاً وما حدث ما هو إلا قشة قضمت ظهر البعير ؟ وهل يمكن أن تهز الاحتجاجات حكم الرئيس عمر حسن البشير، الذي ضرب مثلاً حياً للديكتاتورية المزدوجة ” عسكرية و دينية في آن واحد ” كما وصفها نصر حامد أبو زيد

بدأت الاحتجاجات  منذ يوم الجمعة الماضي، عندما ضاعفت الحكومة سعر الخبز. وقال موسى حسين، سكرتير الحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن “الشرطة السودانية أطلقت الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع على الطلاب، الذين كانوا يحتجون على مضاعفة سعر الخبز في العاصمة الخرطوم”. ما أدى إلى  سقوط خمسة ضحايا على الأقل بحسب مراقبون  في العاصمة السودانية الخرطوم،

وتضاعفت أسعار الخبز هذا الأسبوع في السودان، بعدما قررت الحكومة التوقف عن استيراد القمح وعهدت للقطاع الخاص القيام بذلك، ما أثار استياءً كبيراً بين السكان. ورفعت المطاحن سعر كيس دقيق القمح زنة 50 كيلوجرام من 167 (24,2 دولار) إلى 450 جنيهاً سودانياً (65 دولار)، ما أدى لاندلاع مظاهرات معارضة للحكومة منذ يوم السبت في بعض مناطق البلاد.

الأمر لم يتوقف على هذا الحد فقد ساعد قرار الحكومة الغير مدروس إلى زيادة معدل التضخم فهبطت  العملة السودانية من نحو 29.5 جنيه  إلى 30.5 جنيه مقابل الدولار الواحد، مواصلة تراجعها وسط الاحتجاجات والنقص الحاد في العملة الصعبة. وخفض السودان هذا الشهر قيمة عملته إلى 18 جنيهاً مقابل الدولار، الذي كانت قيمته في السابق 6.7 جنيهاً فقط. ورغم ذلك، لا تزال العملة الصعبة شحيحة في النظام المصرفي الرسمي، وهو ما يدفع المستوردين إلى اللجوء للسوق السوداء التي ترتفع فيها الأسعار بشكل متزايد ،

فيما أصدر بيان تيار المقاومة الشعبية السودانية وهي أحدى الفصائل التقدمية بالمعارضة السودانية بيانأً أعتبر فيه أن الغرض الرئيس من اجازة الميزانية الاخيرة، هو سحب ما تبقى من أموال قليلة في جيوب المواطن السوداني، لصالح تدعيم بقاء هذا نظام البشير الفاسد – بحسب البيان –  على سدة السلطة ، حيث  أرتكزت جل موارد الميزانية على الضرائب والجمارك والجبايات، وفيها تمت زيادة أسعار الدولار الجمركي، ورفع الدولة يدها من دعم الدواء ودقيق القمح. تذهب ثلاثة ارباع الميزانية الى دعم هذا النظام الاستبدادي، بدعم جيش من الموظفين العطالي الذين يملأون دوايين الخدمة العامة، والذي تم تعيينهم على أساس الولاء والمحاصصة القبيلية والجهوية، وحيث تذهب بقية الأموال الى دعم مليشيات النظام وقواته الأمنية والعسكرية، والتي عقيدتها العسكرية هي المحافظة على النظام ودحر او قتل من يخرج محتجاً على سياساته العرجاء كما وصف البيان .

ورأي التيار انه لا حل لهذه الازمة الاقتصادية الطاحنة التي صنعها هذا النظام، الا بإسقاطه، واجتثاثه من الجذور، ومن ثم تعاون كافة الرؤى السياسية والثقافية وبمختلف مناطق السودان، لصنع دولتنا الديمقراطية، التي تقوم على العدل والمساواة، والشفافية في تنفيذ برامج التنمية المختلفة، وإدارة الاقتصاد بافضل الخبرات السودانية المتوفرة بداخل وخارج السودان. اننا ندعو إلي دولة القانون والمواطنة، دولة تحترم كرامة الإنسان السوداني و تسعي لتحقيق رفاهيته و للاجيال القادمة.

داعين جماهير الشعب السوداني، في كل المدن والقرى، الخروج الى الشارع، وممارسة كل الوسائل السلمية من مظاهرات ووقفات احتجاجية واعتصامات ومسيرات، للتعبير عن رفضهم لهذه السياسات، والمطالبة باسقاط النظام، ومحاكمة قادته واعوانه، وكل من تسبب في هذا الدمار الذي شمل كل نواحي الحياة بالسودان.

يرى إلهامي الميرغني أمين مجلس أمناء حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أن ما يحدث في السودان هو   انتفاضة شعبية ضد سياسات الافقار والتبعية التي يطبقها نظام البشير بعد انصياعه لتوصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. المواطن السوداني يعاني من الغلاء والبطالة منذ سنوات . لكن إلغاء الدعم ورفع أسعار الخبز شكل ضغط شديد فجر سخط الشعب السوداني في عدة مدن . لأن تخفيض قيمة الجنيه السوداني امام الدولار الأمريكي وموجة الغلاء التي وصلت بمعدلات التضخم لأكثر من 25% ثم مضاعفة أسعار الخبز كل ذلك فجر مظاهرات غاضبة تمت مواجهتها بعنف وسقط  خمسة شهداء من الطلبة وعدد من الجرحي . تواكب مع ذلك حملة لمصادرة ست صحف سودانية بما يعني ان نظام البشير مستمر في حصار الحريات السياسية وتطبيق روشتة المؤسسات الدولية والمزيد من الافقار للشعب السوداني .

وتولى البشير السلطة منذ ما يقرب من 30 عاماً، ويحكم البلاد بقبضة تزداد شدة مبتدعاً نظام فاشياً جمع ما بين الأسوأين “السلطة الدينية والسطة العسكرية “.  مزيداً عليهما ، الإنصياع   لتوصيات صندوق النقد الدولي  التي أدت إلى الهبة الشعبية الأخيرة  نتاجاً للارتفاع الشديد في مستوى التضخم التي تشهده السودان  ، وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت مذكرات اعتقال بحقه في عامي 2009 و2010؛ بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور .

 

للإطلاع على بيان تيار المقاومة الشعبية  كاملاً يمكنك الضغط هنا 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.