الرئيسية » أخبار » الدكتور زهدي الشامي يكتب ” مشاركة لا إصطفاف “

الدكتور زهدي الشامي يكتب ” مشاركة لا إصطفاف “

المشاركة ياسادة تستلزم الشفافية والحرية وتنوع الآراء للصالح العام ، والاخذ بالرأى الأصوب ، حتى فى ظل الأزمة ، بل على الأخص فى ظل الأزمة ، وليس الإصطفاف الطفولى الأعمى الذى يدعوننا إليه 

عادة ما نتابع فى زمن الأزمات التى لاتنتهى أبدا دعوات من السلطة ، و أعوانها ، وأيضا بعض الأشخاص من ذوى النوايا الحسنة ، ” للإصطفاف الوطنى ” ، وهو مالايمكننى فهمه سوى على أنه السير خلف السلطة الحاكمة والإدارة بسياساتها و أشخاصها . , إذا كانت تلك دعاوى غير مستغربة ، وقد تعودنا عليها كثيرا ، فإن مادعانى للكتابة فى ذلك الموضوع ، هو صدور مثل تلك الدعوة أيضا من عدد من القوى والشخصيات ، التى لا أشك فى وطنيتها و إخلاصها ، و إن كنت لا أتفهم منطقها بخصوص هذه المسألة .
ومما لاشك فيه أننا فى مواجهة الأزمات خصوصا ، مثلما نحن فى مواجهة كل أمور الدولة والمجتمع عموما ، مدعوون للمشاركة فى هذا الشأن العام المهم . الكلمة المستخدمة هنا فى العالم المعاصر ، والمفروض أن تكون مستخدمة فى مصر ، هى المشاركة وليس الإصطفاف ، وهما كلمتان بينهما من الإختلاف مابين الأرض والسماء . بل إننى أقول أنه حتى فى الأزمنة القديمة ، وفى وقت الحرب والقتال ذاته ، كانت الممارسة الصحيحة أقرب لكلمة المشاركة منها لمعنى الإصطفاف ، فمفهوم الشورى الإسلامى القديم ، هو مفهوم للمشاركة ، لم يعن أبدا السير بشكل آلى وتلقائى خلف أى شخص حتى ولو كان الرسول عليه السلام نفسه . والمثال الشهير فى ذلك هو غزوة بدر عندما سأل الحباب بن المنذر الرسول ، أهذا منزل أنزله لك الله ، أم هو الرأى والحرب والمكيدة ؟ فأجاب الرسول : بل هو الرأى والحرب والمكيدة . فقال الحباب : إنه ليس برأى .. ولم يغضب الرسول بل نزل على رأى الحباب ، لأنه كان الأصح .
المشاركة ياسادة تستلزم الشفافية والحرية وتنوع الآراء للصالح العام ، والاخذ بالرأى الأصوب ، حتى فى ظل الأزمة ، بل على الأخص فى ظل الأزمة ، وليس الإصطفاف الطفولى الأعمى الذى يدعوننا إليه .
وإذا كان من المهم هنا أن نشير إلى أن اللحظة قد لاتكون لحظة دعوة لا لتصفية حسابات ولا للإطاحة بالسلطة ، فإن ذلك لايعنى أبدا الإقرار بمواصلة السير فى السياسات الراهنة التى أوصلتنا و أوصلت العالم للازمة غير المسبوقة . وقد أدت كورونا بالذات لإعتراف عالمى أن سياسات مابعد كورونا ينبغى أن تكون غير سياسات ماقبل كورونا ، فهل تعى السلطة والإدارة المصرية الحالية ذلك ، أم إنها متشبثة بسياساتها القديمة العقيمة الفاشلة إلى أقصى حد ، بل إنها تتشدد فبيها لدرجة تثير بالغ الإندهاش ، وقد وصل موقفها المانع للمشاركة لكل القوى السياسية و المجتمعية إلى درجة العبث المطلق ، بممارساتها حتى مع أهل العلم والإختصاص ، وأقصد هنا الأطباء و الأطقم الطبية ، ونقابة الأطباء ، من منع للإدلاء بالرأى ، وإعتقالات وحبس ، ومحاصرة للنقابة ، وغير ذلك مما لايمكن أن نشاهده سوى فى مصر ، فى وقت زاد فيه شهداء الأطباء عن مائة شهيد ، وهذا ليس سوى واحد من الأمثلة عن الرفض المطلق للإدارة المصرية لمبدا المشاركة المجتمعية ، بل لأداء المواطن لعمله بشكل طبيعى بلا تهديد .
نحن الذين نريد المشاركة ونطالب بها ياسادة ، والحكم فى مصر هو الذى يتعنت ويرفض . لكننا نريد مشاركة مواطنين أحرار ، وليس إصطفاف أطفال فى مدارس إبتدائية !

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.