Site icon بوابة التحالف الإخبارية

الدكتور زهدي الشامي يوضح لماذا نرفض تعديل الدستور

نشر الدكتور زهدي الشامي نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي رؤيته لتعديلات الدستور وكتب يقول:

التاريخ لايكرر نفسه على نحو هزلى فى مسألة تعديل الدستور ليس مرة واحدة ، بل مرتين . ففى عام 1980 عدل السادات الدستور ليلغى قيد الفترتين فى مدة الرئاسة ، ومرر ذلك ضمن تعديلات أخرى فى مقدمتها النص على أن الشريعة الإسلامية ” المصدرالرئيسى” بدلا من” مصدر رئيسى ” للتشريع ، وشاءت سخرية القدر أن تنفذ التنظيمات الدينية الأصولية المتشددة من هذا النص ، و أن يتم اغتيال السادات قبل أن يستفيد من التعديل الذى أجراه هو ، و أن يستفيد منه حسنى مبارك الذى استمر فى الحكم 30 سنة عانت فيها البلاد فى النهاية من ركود سياسى واقتصادى ، حتى أطاحت به ثورة الشعب فى يناير 2011 ، و أعادت النص على الفترتين .

أما السابقة الأولى فكانت فى العهد الملكى . فيعد ثورة 1919 تم إقرار دستور 1923، وكان سعد زغلول قد سمى اللجنة التى قامت بصياغته لجنة الأشقياء . إلا أنه بعد صدور الدستور اتضح أن الجهات التى أصدرته نفسها هى التى تنتهكه ، وهى غير الراضية عنه ، و تريد تعديله لإلغاء ضمانات الحرية فيه . شئ يشبه تماما السيناريو الذى نراه من انصار السلطة الحاكمة اليوم . ففى الحالتين ، بعد ثورة 1919 ، وبعد 30 يونيو 2013 ، تمت صياغة الدستور فى النهاية فى ظل توازن سياسى معين فى المجتمع لم يكن يسمح لانصار الاستبداد و الرجعية بصياغة دستور يوافق أهوائهم . و لذك فبعد أن استتبت لهم الامور سارعوا للإطاحة بالدستور ذاته ليطلقوا أيديهم فى أن يفعلوا بالبلاد و العباد ماتزينه لهم أهواؤهم ومصالحهم . وبهذه الطريقة صدر دستور الديكتاتور اسماعيل صدقى المسمى دستور 1930 ، وولد منذ اللحظة الأولى مرفوضا شعبيا ، وذهب اسماعيل صدقى إلى مزبلة التاريخ و أسقط الشعب المصرى دستوره وانتصر لدستور 1923 . نفس الملابسات و السيناريو يتكرر اليوم مع دستور 2014 الحالى . يريد انصار الديكتاتورية و الإستبداد التخلص من كل ضمانات الحرية و الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية للشعب ، وفى مقدمتها قيد الفترتين على مدة الرئاسة . ومهما حاولوا ، و حتى لو أصدروه بطرق غير شرعية وغير ديموقراطية ، فسيكون ويكونون مرفوضين من عموم الشعب المصرى ، وسيسقطون ويسقط منتجهم الباطل .

وبقراءة أولية لما نشر من مذكرة تعديل الدستور يتضح أن الأمر أكبر و أخطر من مجرد فترات الرئاسة. وفقا للنص الذى طالعته منذ قليل، ففترة الرئاسة ، بما فى ذلك الرئيس الحالى ستمدد إلى ست سنوات بدلا من أربعة . وفوق ذلك فالأخطر هو التوسع غير المسبوق فى سلطة الرئيس بما ينتهك ماتبقى من استقلالية هيئات الحكم الأخرى ، حيث يراد تشكيل مجلس أعلى للهيئات القضائية يرأسه الرئيس نفسه ، وهذا المجلس هو الذى سيقرر شؤون القضاء ، و أن يكون للرئيس سلطة تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا التى قد تنظر فى دستورية القوانين التى وقعها ، أى من عينه هو الذى سيفصل فى دستورية أعماله ، وكذلك سلطة الرئيس فى تعيين النائب العام بعد أن كان من يختاره هو مجلس القضاء الاعلى . ويمتد الأمر لتحجيم دور مجلس الدولة فى مراجعة القوانين ، وهو تطور متوقع بعد الحكم التاريخى للمجلس فى قضية تيران وصنافير .

التطور الأخطر هو إعادة تعريف دور ومهمة القوات المسلحة . فبدلا من النص على أن مهمتها هى حماية البلاد و الحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها ، يتم إعادة تعريف ذلك بإضفاء دور دائم لها فى إدارة الشؤون الداخلية للبلاد تحت مسمى دورها فى حماية الدستور ومبادئ الديموقراطية و الحفاظ على مدنية الدولة ، بما يحولها عمليا إلى رقيب عام على كل أمور البلاد على نحو غير موجود فى أى دولة ديموقراطية معاصرة ، هذا مع التوسع فى دور القضاء العسكرى بحيث يمكن أن يطال الكثير من الممارسات و الأفعال . الجيش يتحول عمليا لهيئة فوق دستورية . من أبرز الإقتراحات الأخرى تشكيل مجلس للشيوخ من 250 عضوا لاتسأل الحكومة أمامه ، ويعين الرئيس ثلث أعضائه . وهو فيما نعلم يكون بذلك مجلس الشيوخ الوحيد فى العالم الذى لاصلاحية له ، والذى يعين الرئيس أعضائه . وهو بذلك أقرب لمجلس لمكافأة الأعوان الذين لم يتسع لهم مجلس النواب .

باختصار نحن أمام دولة الرئيس الفرد مطلق الصلاحيات ، تكملها رقابة و إدارة الجيش ، مع امتيازات ومنح للمتعاونين مع هذا النموذج السلطوى للحكم ، ولاعزاء للديموقراطية و الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة التى ترتكب كل الجرائم ظلما وعدوانا باسمها.

Exit mobile version