Site icon بوابة التحالف الإخبارية

الزراعة المصرية والتقاوي الفاسدة وهموم الفلاحين أزمة تقاوي الطماطم الفاسدة ( 1 )

السيادة الغذائية والأمن الغذائي

أزمة زراعة الطماطم وفيروس تجعد الأوراق

دور إسرائيل في ترويج البذور الفاسدة

المسئولية الحائرة بين الشركة المستوردة ووزارة الزراعة

كتب :إلهامي الميرغني

تفتقد مصر منذ سنوات لرؤية للتنمية الزراعية ومع تحرير أسواق المنتجات الزراعية وإطلاق يد القطاع الخاص والمستوردين تدهورت إنتاجية الزراعة المصرية وجودة المحاصيل وزاد الاعتماد علي الخارج وتفاقم عجز الميزان التجاري وزاد انتشار الانيميا وسوء التغذية وتراكمت هموم وديون الفلاحين المصريين.

لذلك قررت بوابة التحالف الشعبي الالكترونية من واقع انحيازها الاجتماعي ورؤيتها التنموية تبني قضية الزراعة والتقاوي المستوردة وهموم الفلاحين. كمحاولة لعرض ابعاد المشكلة وحجم معاناة الفلاحين والمستهلكين وطرح البديل.

بداية نود التفرقة بين مفهومي الأمن الغذائي والسيادة الغذائية حيث كتبت الاستاذة هالة نيل بركات في 2013 : ” إن الأمن الغذائي في الأساس يعني بتوفير كمية غذاء كافية لإشباع الحاجة الأساسية للسكان، وقد يتسع في تعريفاته الأكثر شمولا فيشير إلى أهمية أن يكون هذا الغذاء صحي وملائم. أما مفهوم “السيادة الغذائية”، فيتميز عن مفهوم الأمن الغذائي بأنه لا يتعامل فقط مع مسألة توفير الكمية الكافية للغذاء، وإنما يوفر رؤية بديلة ومتكاملة لتأمين الاحتياجات الغذائية.

وتعتمد تلك الرؤية على مبدأ أن يكون لمنتجي الغذاء المباشرين، من صغار المزارعين والصيادين والرعاة، الكلمة العليا في تحديد منظومة إنتاج الغذاء. وتعتمد أيضا على قوة موقفهم ومدى قدرتهم على مواجهة سيطرة الشركات العالمية الكبرى العاملة في مجال تجارة مستلزمات الانتاج (البذور والسماد)، وتحكم الشركات الكبرى وكبار التجار فى مجال التسويق.

ولا يؤكد مفهوم السيادة الغذائية فقط على كمية المنتج وإنما أيضاً على نوعيته، ويتبنى بالتالي قضية الحفاظ على البيئة وعلى التنوع البيولوجى، عن طريق الحفاظ على أنواع البذور المحلية وحمايتها من الانقراض نتيجة الانتشار السريع للبذور المهجنة والمعدلة وراثياً، التي تروج لها شركات البذور العالمية وهي بذلك لا تجنى من ورائها أرباحاً طائلة فحسب، وإنما تتحكم بشكل فعلي في منظومة الغذاء العالمية، من خلال احتكارها لإنتاج وتسويق البذور.

وتعتبر قضية “حماية الأصناف النباتية المستنبطة” ركن أساسي من أركان السيادة الغذائية، حيث أن الاتفاقيات الدولية والتشريعات المحلية التي تحكم هذه القضية تنحاز بالأساس لمصالح الشركات العالمية الكبرى، على حساب منتجي الغذاء المباشرين، بما يتعارض مع المبادئ الأساسية للسيادة الغذائية” .

لذلك يتعامل التحالف في بحثه مشكلة البذور الفاسدة وأوضاع الفلاحين علي مفهوم السيادة الغذائية في مواجهة استيراد التقاوي والبذور وسيطرة مافيا الاستيراد والشركات الدولية الكبري مثل مانسانتو واخواتها علي انتاج البذور التي تزرع لسنة واحدة ، وحرم الفلاح المصري من حفظ البذور لزراعتها في المواسم التالية. وأصبح مجبر علي شراء التقاوي والبذور المستوردة بكل ما تحمله من أمراض واسعار مرتفعة أدت لتدهور الانتاجية وتراكم الأعباء والديون علي الفلاحين.

أزمة بذور الطاطم

أكد تقرير صادر عن مركز البحوث الزراعية ممثلا فى معهد بحوث أمراض النبات ومعهد بحوث البساتين، أن ما أثبتته المعاينة للمزارع المتضررة من تقاوي الطماطم الفاسدة 023 أثبتت وجود تجعد في الأوراق وعدم الاثمار وفي النهاية سيتم تقليع المحصول وتعرض المزارعين لخسائر فادحة.

بلغ إنتاج مصر من الطماطم 8 ملايين طن سنوياً، ويصدر منها نحو نصف مليون طن، والمساحة المزروعة نحو 650 ألف فدان على مدار العام.

وبسؤال ” بوابة التحالف ” لبعض الفلاحين المتضررين اتضح وجود بعض الشكاوى من صنف 023 ، ده نوع من الطماطم بتنتجه شركة اسمها جعارة لإستيراد البذور ، يزرع من حوالى 4 سنوات معروف عنه أنه مبكر النضج ويعطى إنتاجية عالية ، لكن الإصابة بالفيرس tylcv تبدأ فى الظهور بعد 45 يوم والفيرس غالباً ما ينتقل عبر الذبابة البيضاء.

وبسؤالنا عن اسعار هذه التقاوي اتضح أن  أسعارها  وصلت لحوالى 2500 جنيه تقريباً فى الشركة للباكو الواحد ، وحوالى ما يقارب ال4000 جنيه تقريباً للباكو الواحد عن طريق تجار التجزئة.لذلك تبلغ مجمل تكلفة المستلزمات للفدان الواحد من الطماطم مابين  20 الى 25 ألف جنيه.

أعراض الفيرس  tylcv

سألنا عن أهم أعراض فيروس الطماطم واتضح انها تجعد الأوراق وذبول وتقزم النبات وإلتفاف الأوراق وإصفرارها وتساقط الأزهار وعدم إكتمال النمو العقدى للثمار ، وبالتالى وقف النمو الخضرى والزهرى للنبات . وأرجع البعض أن السبب وراء ضعف تقاوى 023 وإصابتها بالفيرس هو الظروف المناخية وشدة حرارة الجو ، وهذا الرأى مردود عليه حيث يوجد أصناف مزروعة فى نفس مناطق إصابة صنف 023 ولم تتعرض للأذى بسبب مقاومة تلك الأصناف المرتفعة . ويرى آخرون أن السبب فى إنتشار الفيرس هو أن بذور هذه الشركة من صنف 023 غير صالحة وغير مقاومة للأمراض وغير قادرة على تحمل التغيرات المناخية .

لذلك حاولت ” بوابة التحالف ” البحث عن حقيقة الشركة المستوردة لهذه النوعية من التقاوي. وكان الدكتور عبد المنعم البنا وزير الزراعة السابق قد أعلن في إبريل 2017 أن مصر تستورد تقاوي طاطم وخيار بقيمة 2.7 مليار جنيه سنوياً ( 150 مليون دولار ) .

فتش عن إسرائيل

نشرت جريدة الصباح في 25 أكتوبر 2015 تقرير عن الموضوع جاء به:

مصدر مسئول بوزارة الزراعة، وتحديدًا فى معهد بحوث البساتين، أكد وجود أكثر من 300 شركة، عبارة عن توكيلات لشركات أجنبية، من دول إسرائيل وأمريكا والصين والهند وهولندا، حتى من شركة «هازيرع» الإسرائيلية، تسيطر على استيراد تقاوى وهجن سنويًا. وأشار المصدر، الذى طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن معظم هذه الشركات تتعامل مع شركة «بلوسايد» الهولندية، وهى المسوق الرسمى لشركة «هازيرع» الإسرائيلية، وهى شركة عالمية رائدة فى صناعة البذور، تطور وتنتج وتسوق الأصناف والبذور فى مجموعة واسعة من محاصيل الخضر فى جميع أنحاء العالم.

ويقع مقر هازيرع فى إسرائيل ولها مقر كبير فى هولندا، مع فروع فى اثنتى عشرة دولة وشبكة توزيع واسعة النطاق، تقدم خدمات فى أكثر من 100 سوق إضافية، وقاطعها المصريون لفترة كبيرة، فاتجهت لتسويق منتجاتها عبر شركة «بلوسايد» الهولندية.

5 رجال أعمال يملكون شركات عملاقة، يسيطرون على سوق استيراد التقاوى من الخارج، إضافة إلى شركات أخرى تصل إلى 300 شركة، تعمل بتوكيلات عن شركات أجنبية معظمها إسرائيلية.

من بين هذه الشركات، شركة جعارة للاستيراد، والذى يملكها سيف الدين جعارة ومحمد فريد عبد الهادى جعارة وشركاه، وهى كبرى الشركات المتخصصة فى استيراد وإنتاج البذور الزراعية، والتى تستورد من كبرى شركات البذور اليابانية «سكاتا» وهي المستورد الرئيسي لبذور الطماطم 023 .

حاول المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة الدكتور حامد عبد الدايم، إن هناك شكاوى من المزارعين منذ 10 أيام من إصابة بذور الطماطم بفيروس يتسبب في تجعد الأوراق، ما يؤدي إلى خسارة كبيرة في المحصول.وأوضح أن الأمراض الفيروسية عادة لا يكون لها علاج، متابعًا: «يجب إعدام النباتات المصابة لأن وجودها في الحقل يمكنه نقل الإصابة إلى المحاصيل الأخرى، وبعض الحشرات تنقل المرض إلى أماكن سليمة». وذكر أن سبب انتشار الفيروس؛ نتيجة لشراء بذور فاسدة ومهجنة، معقبًا: «الإصابة لم تحدث في الأنواع الأخرى، ويجب الرجوع للشركة المنتجة لنوعية هذه البذور». بذلك ألقي المتحدث باسم الوزارة المسئولية علي الشركة المستوردة.

لكن محمد فراج، رئيس اتحاد الفلاحين رد علي ذلك بإن الشركة الموزعة “شركة جعارة” لبذور الطماطم التي أثبت إصابتها بالفيروسات هي شركة خاصة حاصلة على الترخيص من وزارة الزراعة، مشيرًا إلى أنها تحضر هذه التقاوي من الخارج، وتحصل على الموافقة من ” الحجر الزراعي ” في إدارة التقاوي، لذلك فإن الوزارة هي المسئولة عن السماح للشركة بدخول هذه الاصناف.

كما قال الدكتور زكريا الحداد، أستاذ الهندسة والنظم الزراعية بكلية الزراعة جامعة المنوفية، إنه على وزارة الزراعة أن تتحمل جزء من المسئولية لما وقع للفلاحين لأن أي شركة تقاوي تبيع للفلاحين لابد أن يكون هناك دور لوزارة الزراعة في ممارسة الدور الرقابي عليها ومتابعة ما تقوم به تلك الشركات وهو أمر لا يعود للفلاحين الذين يجهلون ضرر تلك التقاوي، مؤكدا أن نقابة الفلاحين عليها الدفاع عن اعضاؤها، مشيرا إلى ضرورة زيادة دور الارشاد الزراعي.

كما أعرب المهندس عماد الوزيرى، الخبير الزراعى، عن تخوفه من انتقال الفيروس من الدلتا إلى الصعيد مثل المنيا وبني سويف والأقصر وقنا، مما يؤدي إلى انتشار هذه الأمراض بسبب التقاوى الفاسدة، وبالتالى انهيار زراعة الطماطم فى مصر خاصة أنه محصول زراعى هام ولدينا اكتفاء ذاتى منه.

طالب حسين أبو صدام نقيب عام الفلاحين، بالتدخل لحل أزمة تقاوي الطماطم المغشوشة، قائلا :”أكثر من 6 آلاف من مزارعي الطماطم بمحافظات كفر الشيخ والبحيرة والدقهلية والفيوم والمنيا، وخاصة مزارعي الصنف 023  الذين باتوا قاب قوسين أو أدني من السجن بعد ضياع أموالهم وقضاء الفيروسات علي محاصيلهم” وعجزت وزارة الزراعة عن حل الأزمة التي تهدد حياة الآلاف من الأسر وتؤثر علي سعر محصول الطماطم الهام. وقدر إن الخسائر تعدت 250 مليون جنيه.

أوضح الزميل هيثم الشيخ عضو اللجنة المركزية لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي وجود عدد كبير من المتضررين في البحيرة ووادي النطرون واحتمال وجود حالات لم يحدد حجمها في بني سويف والمنيا.وأرجع هيثم الأزمة إلي عدم تفعيل الدور الرقابى لوزارة الزراعة فى الرقابة على شركات البذور والتقاوى،وترك صغار المزارعين عرضة لإبتزاز شركات البذور والتقاوى ، وغياب الإرشاد الزراعى للفلاح .

كذلك فإن ترك السوق مفتوحة للشركات الخاصة أدي إلي رفع تكلفة مدخلات الإنتاج من بذور وتقاوى وسماد ومبيدات وخلافه ، كما أن عدم وجود تنظيمات للفلاحين ( نقابات حقيقية ) تدافع عن حق صغار الفلاحين عند تعرضهم للضرر بما يفاقم المشكلة ويضيع حقوق الفلاحين ويترك الفاسدين دون محاسبة.وتوقع إرتفاع أسعار الطماطم بصورة جنونية للمواطن العادى إضافة إلي خسائر فادحة للمزارعين مما يزيد من إحتمالية تعرضهم للسجن بسبب وجود إلتزامات عليهم تتمثل فى ضرورة دفع تكاليف المحاصيل.وهو ما يؤدي للمزيد من هجرة الفلاح للأرض الزراعية بسبب تعرضه طول الوقت لإبتزاز شركات البذور والتقاوى والأسمدة والمبيدات إضافة إلي مشاكل التسويق الزراعي.

ونضم صوتنا لصوت الزميل هيثم الشيخ في ضرورة قيام وزارة الزراعة بدورها خاصة وان الطماطم من المحاصيل الاساسية والتي تحقق مصر إكتفاء ذاتي بها. فانتبهوا أيها السادة.

Exit mobile version