الرئيسية » تقارير وتحقيقات » اليسار في انتخابات جنوب لبنان: نجاحات قليلة وإخفاقات كبرى

اليسار في انتخابات جنوب لبنان: نجاحات قليلة وإخفاقات كبرى

وكالات

وفق غالبية المؤشرات والأرقام لم تأتِ نتائج الانتخابات المحلية في الجنوب موافقة لما كانت تشتهيه سفن قوى اليسار وتيارات الاعتراض، وإن كان بمقدورها الزعم انها حققت بعض التقدم قياساً على الدورات السابقة على مستويين:

– الأول، أنها سمت مرشحين ولوائح في نحو مئة بلدة وقرية في كل أقضية الجنوب من دون استثناء .

_ الثاني، أنها سمت مرشحيها في بلدات لم تكن تجرؤ سابقاً حتى على دخولها او التفكير بمواجهة القوى المهيمنة ولا سيما الثنائي الشيعي، فضلاً عن أنها تجرأت ايضاً على رفع شعارات الانتقاد والتحدث بصوت عال وبخطاب مغاير.

لم يعد جديداً القول أن قوى اليسار والاعتراض على اختلاف تلاوينها ساورها في الاشهر القليلة الماضية شعور متعاظم بالثقة بالنفس والإقدام والحماسة مما أعادها الى الواجهة والحضور وذلك في أعقاب تطورات مهمة:

_ مرحلة ما سمي بالحراك المدني الذي أنزل آلاف الشباب الى الشارع للاعتراض اساساً على عجز الحكومة عن معالجة مشكلة النفايات التي تراكمت في شوارع العاصمة ومدن عدة، ومرحلة رفع الصوت احتجاجاً على تفشي ظواهر فساد وسوء إدارة للمرافق العامة وإهدار للمال العام تناولتها وسائل الاعلام وسلطت الاضواء عليها لأسابيع عدة مما وضع الطبقة السياسية الحاكمة امام اختبار كبير.

_ تحولات وتغيرات في داخل أطر قوى اليسار نفسه ولا سيما في الحزب الشيوعي الذي أوصلت قاعدته الى رأس هرم سلطته قيادياً كان حتى الامس القريب رمزاً بارعاً من رموز الحركة المطلبية .

_ تمدد ظاهرة ” مواطنون ومواطنات في دولة ” بقيادة الوزير السابق شربل نحاس وسيرها على هدى نهج وحراك سياسي مختلف يعتمد على نهج مراكمة النضالات والتناقض بين الشعب والنخبة الحاكمة .

_ التقدم المعنوي النوعي الذي احرزته لائحة “بيروت مدينتي ” في انتخابات بلدية بيروت في وجه اللائحة المدعومة من تيار “المستقبل” وقوى اخرى من داخل السلطة ومن خارجها.

تبلور ظاهرة الاعتراض على لوائح الثنائي الشيعي في العديد من البلدات والقرى الجنوبية وعلى طرق تأليفها على نحو دفع ببعض المراقبين الى التكهن سلفاً بصعوبة ان ينجح هذا الثنائي لاحقاً في تكرار التجربة المفضية الى فرض لوائحه.

ومع ان هذا اليسار على اختلاف مشاربه يمكنه القول وهو محق بأنه قد بذل في هذه الدورة الانتخابية جهوداً استثنائية في ميدان المواجهة والتحدي وأبدى شجاعة وحماسة في الاعتراض وسمى مرشحين في ما يقارب مئة بلدة وحقق خروقاً الا أن النتائج لم تكن على قدر الطموحات ول اسيما في بعض البلدات المحسوبة عليه تاريخاً مثل حولا (مرجعيون) وكفررمان (النبطية) والبازورية (صور) ودير ميماس (حاصبيا) .

في إمكان قوى اليسار إعطاء تبرير آخر، وهو أن “عمليات” التحدي والإقدام التي مارسها طوال الاسابيع الماضية في وجه قوى تقبض منذ زمن على الوضع وتجيّر قدرات الدولة لخدمة خطها ونهجها هي مقدمة يمكن البناء والمراكمة عليها في قابل الايام، الا ان ذلك على اهميته لا ينفي ان هناك نقاط ضعف بنيوية لدى هذا المكون السياسي وفي طريقة ادارته للمعركة ومن ابرزها:

– فقدان التنسيق بين مكونات هذا التيار باعتراف رموز منه، بل إن بعضها اختار ان ينافس بعضها في اماكن عدة وهذا ما جرى بين الشيوعي والحزب القومي السوري في بعض البلديات.

عدم لجوء ابرز قوى اليسار واعرقها، وهو الحزب الشيوعي، الى اعتماد نهج ثابت ومحدد في التعاطي الانتخابي. فهو واجه لوائح “حزب الله” في عشرات البلدان وتفاهم معها في عيترون وبليدا (مرجعيون) وطيردبا (صور)، وهو تحالف مع الحزب التقدمي في بعض بلدات العرقوب ونزل في مواجهته في بلدات اخرى.

وبالإجمال بدا اليسار في الاستحقاق الديموقراطي في الجنوب أنه عازم على تجديد حضوره في محاولة منه لاستعادة حضوره في منطقة كانت لعقود خلت مربط فرسه وميدانه المفتوح ولكن دون ذلك عقبات

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.