كتب – أحمد غنام ووكالات:
من العراق إلى الأمم المتحدة مرورا بألمانيا، اتسع، اليوم الاثنين، نطاق موجة التنديد بمرسوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول الهجرة والذي يحظر دخول رعايا من سبع دول ذات غالبية مسلمة (إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن) الأراضي الأميركية لثلاثة أشهر. في إطار ما وصفه بالجهود للحفاظ على سلامة بلاده من “الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين”.
وانتقد البيت الأبيض، اليوم الاثنين، الدبلوماسيين الذين وقعوا على رسالة تحتج على قرار ترامب بشأن الهجرة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، أن الرسالة “تم تضخيمها والمبالغة فيها.. اعتقد أن عليهم الالتزام بالبرنامج، أو الرحيل”.
وأدى قرار ترامب إلى احتجاز لاجئين في مطارات أميركية ما أثار موجة احتجاجات وإدانات واسعة النطاق من مجموعات حقوقية.
ففي فرنسا، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت، اليوم الاثنين، إلى إلغاء مرسوم الرئيس دونالد ترامب الذي يحظر على رعايا سبع دول غالبية سكانها من المسلمين دخول الأراضي الأميركية.
وقال ايرولت، خلال زيارة إلى طهران: “اعتقد انه سيكون أمرا جيدا” إلغاء هذا القرار، معتبرا انه أدى إلى خلق وضع “غير مقبول ومضر كثيرا للأشخاص المعنيين”.
وأضاف الوزير الفرنسي “أفكر بحملة جنسيتين، أكانوا فرنسيين إيرانيين، أو إيرانيين أميركيين، الذين يعانون من هذا الوضع. أنها صدمة لهم”.
ووصف ايرولت القرار الأميركي بأنه “أحادي الجانب ومفاجئ وصادم” مطالبا الإدارة الأميركية ب”توضيح” سريع.
وقال ايرولت أيضا “إن استقبال اللاجئين واجب تضامني يتطابق مع التزاماتنا الدولية. والإرهاب لا جنسية له. سنكون أقوى في مكافحة الإرهاب عبر التقيد بقيمنا، وعلى الولايات المتحدة إن تبقى وفية لهذه القيم”.
كما جددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليوم الاثنين، انتقاداتها للقيود التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الهجرة والسفر إلى الولايات المتحدة، معتبرة أنها تستهدف المسلمين.
وقالت ميركل – في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو – إن “المعركة الضرورية والحاسمة ضد الإرهاب لا تبرر بأي حال الاشتباه في مجموعات محددة من الناس، وهم في هذه الحالة المسلمون أو المنحدرون من أصول معينة”.
وأكدت ميركل دعمها الكامل للمواطنين الألمان، الذين يحملون جنسية مزدوجة والمشمولين بقرار الحظر، مضيفة: “في رأيي أن هذا التصرف يتعارض مع المبادئ الأساسية للمساعدة الدولية للاجئين والتعاون الدولي”.
وتابعت ميركل: “ستقوم المستشارية ووزارة الخارجية بكل ما يمكن، خاصة مع حاملي الجنسيات المزدوجة المتضررين (من القرار) لتوضيح التداعيات القانونية وتمثيل مصالحهم وفقا للقانون”، مؤكدة: “نقوم بمشاورات وثيقة مع شركائنا الأوروبيين بشأن القضية برمتها”.
في السياق، دعت وزارة الخارجية العراقية، اليوم الاثنين، الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في قرارها “الخاطئ” بتقييد دخول الرعايا العراقيين إلى أراضيها، وذلك بعد تأييد مجلس النواب العراقي بالأغلبية مطالبة الحكومة بالتعامل مع الولايات المتحدة بالمثل.
واستقبل وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري السفير الأميركي في العراق دوغلاس سيليمان وقال له حسب ما جاء في بيان عن الوزارة “في الوقت الذي نرفض فيه قرار منع استقبال العراقيين في الولايات المتحدة الأميركية ندعو لمراجعته، ونؤكد تمسكنا بإقامة أفضل العلاقات بين بغداد وواشنطن”.
من ناحيته دعا البرلمان العراقي، الحكومة، إلى التعامل مع واشنطن بالمثل واتخاذ إجراءات مماثلة ضد الأميركيين في حال لم تعد واشنطن النظر في موقفها. وصوت 199 نائبا، من أصل 325 أعضاء المجلس، مع التعامل بالمثل مع الولايات المتحدة الأميركية.
وجاء في الرسالة التي وجهها البرلمان إلى الحكومة، بان يتم “التعامل بالمثل مع القرار الأميركي في حال لم يتراجع الجانب الأميركي عن قراراه”.
إلا إن السناتور جون ماكين والسناتور ليندسي غراهام قالا إن قرار ترامب يمكن إن يؤثر على التعاون العسكري والأمني.
في الإطار نفسه، طالب النائب احمد الاسدي، المتحدث باسم قوات الحشد الشعبي الشيعية، في بيان الأحد “بمنع دخول الأميركيين إلى العراق وإخراج المتواجدين منهم من كافة الأراضي العراقية”.
وأضاف “نطالب أيضا الجهات الأمنية والدوائر ذات العلاقة اتخاذ كافة الإجراءات التي تحفظ حق العراق كدولة وتحفظ كرامة العراقيين كشعب يقاتل الإرهاب ويقدم آلاف الشهداء في خط الدفاع الأول نيابة عن كل العالم”.
كما دان رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر قرار ترامب وقال في تغريدة “أن تدخل إلى العراق وباقي البلدان بكامل الحرية وتمنع دخولهم إلى بلدك فإن ذلك يعتبر تعاليا واستكبارا ..فأخرج رعاياك قبل أن تخرج الجاليات”.
في سياق متصل، أدان الاتحاد الإفريقي قرار الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بمنع دخول رعايا 7 دول إسلامية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وأعربت دلاميني زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي المنتهية ولايتها – خلال كلمتها اليوم الاثنين أمام القمة الإفريقية المنعقدة بمقر الاتحاد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا – عن قلقها إزاء الأجواء الدولية التي بدأت تسود منذ تولي ترامب السلطة في الولايات المتحدة.
وكان أمين عام الأمم المتحدة الجديد أنطونيو جوتيريس أعرب، خلال القمة اليوم، عن تقديره للدول الإفريقية التي تفتح أبوابها بكل كرم أمام اللاجئين في الوقت الذي تغلق فيه الدول الغنية أبوابها في وجه هؤلاء اللاجئين.
كما أعرب المفوض السامي لشئون اللاجئين فليبو جراندي عن قلقه البالغ إزاء حالة عدم اليقين التي تواجه الآلاف من اللاجئين حول العالم، والذين هم في طور إعادة توطينهم بالولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد القرارات الأخيرة للإدارة الأمريكية الجديدة.
وقال جراندي – في بيان اليوم الاثنين صدر في جنيف – إن هذا الأسبوع وحده تم اختيار أكثر من 800 لاجئ لتكون الولايات المتحدة وطنهم الجديد، لكنهم بدلا من ذلك وجدوا أنفسهم ممنوعين من السفر.
وأضاف أن المفوضية تقدر بأن حوالي 20 ألف لاجئ هم في ظروف محفوفة بالخطر، حيث كان يفترض أن يتم توطينهم في الولايات المتحدة خلال مدة 120 يوما، وهي مدة تعليق برنامج اللاجئين بالولايات المتحدة، وذلك استنادا إلى متوسط الأرقام الشهرية على مدى السنوات الخمسة عشر الماضية.
وتابع جراندي قائلا ” أن من تم قبولهم لإعادة التوطين من قبل الولايات المتحدة، وبعد عملية فحص أمني أمريكية صارمة، ذاهبون لإعادة بناء حياتهم في أمان وكرامة”، معربا عن الأمل في أن يتمكن هؤلاء من القيام بذلك في أقرب وقت ممكن.
وأعرب المفوض السامي لشئون اللاجئين عن أمله في أن تواصل الولايات المتحدة دورها القيادي وتاريخها الطويل في حماية الفارين من الصراع والاضطهاد، مؤكدا على موقف المفوضية بوجوب معاملة اللاجئين معاملة متساوية في الحماية والمساعدة وفرص إعادة التوطين بغض النظر عن الدين أو الجنسية أو العرق.
يأتي هذا فيما تواصل الولايات المتحدة خطواتها غير عابئة بالانتقادات. وقال رئيس موظفي البيت الأبيض رينس بريبوس إن السبب وراء ضم سبع دول فقط إلى قائمة الدول المحظور دخول رعاياها إلى الولايات المتحدة الأمريكية يرجع إلى اتفاق مسبق تم بين الكونجرس وإدارة الرئيس السابق باراك أوباما على أن هذه الدول المذكورة يوجد بها التطرف والإرهاب أكثر من غيرها ؛ وكان يجب إدراجها في القائمة قبل غيرها مع مراعاة أن يتم ذلك سريعا.
وأضاف بريبوس ـ خلال حوار أجراه مع شبكة (إن بي سي) الأمريكية ونشرته الشبكة على موقعها الإلكتروني اليوم الاثنين ـ إنه ربما تكون هناك حاجة لإضافة دول أخرى إلى قائمة الحظر ، ولكن من أجل القيام بذلك بطريقة سريعة استخدمنا الدول السبع المذكورة التي تم تقنينها وتحديدها عن طريق كل من إدارة أوباما والكونجرس من قبل.
وتابع : “ربما نحتاج إلى إضافة بلدان أخرى ، ولكن هذا يتم فقط لحماية الأمريكيين ، فالانتظار لثلاثة أيام أخرى والانتظار لثلاثة أسابيع أخرى هو أمر يقصد منه عدم ارتكاب أي خطأ ، فالرئيس دونالد ترامب ليس على استعداد لارتكاب أي أخطاء”.