يميل المجتمع الإسرائيلي بشكل مضطرد نحو اليمين المتطرف، واليسار أصبح متهالكاً، ونتنياهو لا يهمه سوى مصلحته الشخصية
في ظل السياسة الإسرائيلية، يجب أن نعود لنقطة المفاجأة. يجب علينا ارتداء ثوب المغالاة لأن كل الإشارات الخارجة عن حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة، أو أي تعديل وزاري، إنما هو إجراء “يميني حتى الآن.”
هذا هو الحال أيضاً بالنسبة لأحدث مناورة من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي تم فيها إعطاء القومي المتطرف، والمتشدد أفيغدور ليبرمان، من حزب إسرائيل بيتنا، منصب وزير الدفاع.
نتنياهو لا يدور في مدار ليبرمان -في الواقع كان نتانياهو يترصد للرجل قبل عدة شهر – ولكنه جلبه لمجلس الوزراء لحشد الدعم لحكومته الائتلافية الهشة، وبالتالي تأمين موقفه. وبالنسبة لنتنياهو، وزير الدفاع الجديد – الذي دخل مجلس الوزراء يوم الاثنين -هو أقل تهديداً له حينما يكون معه في داخل الحكومة، وبالتالي فإن تعيين ليبرمان هو عمل بالقول المأثور حافظ على أصدقائك قريبين منك وحافظ على أعدائك لكي يكونوا أقرب منك.
ليبرمان، ولعلكم تذكرون، كيف أنه كان يتشدق باستعداء لا هوادة فيه أثناء توليه منصب وزير الخارجية في الأعوام 2009-2012 ومرة أخرى بين 2013 و2015. الرجل الآن المسئول عن الجيش الإسرائيلي والاحتلال العسكري للفلسطينيين في الضفة الغربية، ويريد توسيع المزيد من المستوطنات، وتعهد بأنه لن يكون هناك دولة فلسطينية، ويريد إعادة احتلال غزة، ويحث على نقل المواطنين الفلسطينيين من داخل إسرائيل إلي الضفة الغربية، وهدد باغتيال قيادات حركة حماس وبضرب سد أسوان في مصر.
بالنسبة لكثير من المعلقين خارج إسرائيل، وخاصة المنتمين للوسط السياسي، خبر تعيين ليبرمان يعتبر مفجعاً – وينظرون إليه على أن تطرف آخر نحو اليمين وإعلان وفاة آخر لعملية السلام. ووصف رئيس الوزراء السابق أيهود باراك هذه الخطوة بأنها زرع لـ “بذور الفاشية”. وعبر خبير في الشؤون العسكرية الإسرائيلية عن أسفه على الهواء مباشرة بأنه لم يعد من الممكن أن “أحث أبنائي على البقاء هنا، لأن هذا المكان لم يعد جميلاً كي نبقى فيه”.
ولكن بالنسبة لليسار الإسرائيلي المحاصر -في إسرائيل مصطلح “اليسار” هو الآن مرادف لمصطلح “خائن” – فإن هذا التعيين هو أحدث حيلة من نتنياهو لتحقيق المصلحة الذاتية، ومرة أخرى، يعيد التأكيد على أن عملية السلام ماتت منذ زمن بعيد، وأن المنطق اليميني المتشدد، والأيديولوجية الصهيونية التحريفية المدفوعة من قبل نتنياهو تخلق زخماً يمكن أن يتحرك إلى المزيد من التطرف نحو اليمين.
جعل نتنياهو المناخ السياسي مناسباً للمستوطنين القوميين في الكابينت الذي يقوده ما منحه فرصة لجني المزيد من الثمار؛ وضمن هذا الإطار، لا يوجد توجه آخر للسياسة الإسرائيلية سوى المزيد من التطرف.
تعيين ليبرمان مؤشر على تزايد على الإسرائيليين الذين لا يدعمون حل الدولتين (تماماً كما فعل الفلسطينيون)، وأصبح من غير المحتمل أن ينال الفلسطينيون في إسرائيل حقوقاً متساوية، وأصبح الإسرائيليون أكثر عنصرية وعدائية للشعب الفلسطيني على وجه التحديد والعرب بشكل عام.
بإمكانك التحقق من ذلك من خلال الدردشة مع المراهقين أو جيل الألفية الإسرائيلي وكيف هم الآن أكثر يمينية وتطرفاً مقارنة مع آبائهم. الفرق بين الأجيال صارخ.
الحكومة مشغولة حالياً بمحاولة تعطيل منظمة كسر الصمت، وهي المجموعة التي توثق شهادات حول انتهاكات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وفي الوقت نفسه، أصبح نشطاء منظمات حقوق الإنسان يتعرضون لهجوم شخصي من المنظمات اليمينية التي تتهمهم بالخيانة وتشن حملات تشويه إعلامية ضدهم.
في أبريل، حثت منظمة العفو الدولية الحكومة الإسرائيلية على وقف ترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان وحمايتهم من الهجوم.
ومن الأمثلة على ما سبق تعرض شاب بدوي للضرب بوحشية من قبل الشرطة خارج منزله في تل أبيب وهو خارج للعمل قبل بضعة أسابيع.