«لساها ثورة يناير».. كان من أبرز الشعارات والهتافات التي رددها المتظاهرون في جمعة الأرض الرافضة لتنازل عبدالفتاح السيسي لجزيرتي تيران وصنافير إلى كفيله السعودي الملك سلمان.
«لساها ثورة يناير».. ليست مجرد هتاف أو شعار، بقدر ما هي بشرى بعودة روح يناير مرة أخرى إلى جسد الشعب المصري، بعد فترة من الخمول واليأس الذي استشرى عقب تنصيب السيسي على كرسي الرئاسة.
كل الذين خرجوا في تظاهرات الأمس كان لديهم شعور عام جامع بعودة روح يناير، وربما للمرة الأولى منذ استفتاء 19 مارس 2011، يجتمع المصريون على شيء واحد، ويشعرون بإحساس واحد.
اجتمع كل المصريين بكافة أطيافهم وأيدلوجياتهم بل وطبقاتهم الاجتماعية، على رفض التنازل والتفريط في أراض مصر مهما كان المقابل، ومهما كانت الجهات التي تبارك هذا التنازل، سواء كانت رئاسة الجمهورية او القوات المسلحة.
وجمع الشعور والفرح الكبير بعودة روح يناير إلى جسد الشعب، جمع كل الأطياف السابقة، وكانت الأجواء شبيهة بل مماثلة لأجواء 25 يناير 2011.
مؤشرات عودة روح يناير
حينما نقول أن مظاهرات جمعة الأرض كانت إيذانا بعودة روح يناير مرة أخرى، فإننا لا نقصد بالطبع دغدغة المشاعر، وترديد الجملة دون ذكر المؤشرات التي تؤكد صدق هذه العودة، فكل الذين تظاهروا بالأمس أكدوا أن أجواء 25 يناير 2011 عادت بقوة، وتمثل ذلك في عدة نقاط أوردتها العديد من التحليلات ببعض المواقع، منها:
1- ظهرت هتافات تطالب برحيل رأس النظام الحالي الرئيس عبدالفتاح السيسي مباشرة مثل «الشعب يريد إسقاط النظام» و«ارحل».
2- للمرة الأولى منذ فترة طويلة، يتجمع كافة أطياف الشعب المصري على مطلب واحد، وهو الدفاع عن سيادة واستقلال مصر، ورفض التنازل عن أرض مصر مهما كانت هوية الطرف الآخر، ومهما كانت الجهة المتنازلة عن هذه الأرض.
3- شهدت تظاهرات الأمس ظهور شعار ثورة يناير إلى الواجهة مجددًا «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، وقد حول البعض الهتاف ليتماشى مع مطالب جمعة الأرض ليظهر «عيش.. حرية.. الجزر دي مصرية».
4- المتظاهرون هتفوا بسقوط النظام دون خشية هذه المرة وهو تطور كبير في الحراك المعارض بالشارع المصري، حيث أن المتظاهرين في هذا اليوم غير محسوبين على التيار الإسلامي في مصر وهو التيار المتصادم مع النظام والذي يهتف بسقوطه منذ أحداث 3 يوليو ولا يعترف بشرعيته.
5- الأمر لم يقتصر على العاصمة القاهرة فقط، حيث خرجت تظاهرات حاشدة بالأمس في عدة محافظات في الوجه البحري ووجه قبلي في محافظات الإسكندرية والدقهلية والمنوفية والقليوبية، وكذلك في المنيا والفيوم.
6- لم تخرج هذه الحشود المتنوعة في الخلفيات إلى الشارع منذ زمن بعيد قد يصل إلى 3 سنوات تقريبًا، متجاهلة تحذيرات الأمن والإعلام الموالي للنظام، متحدية قانون التظاهر الذي يجرم كافة المتظاهرين الذين نزلوا بالأمس.
7- لم يستطع النظام أيضًا وصم المتظاهرين بالإخوان لفض التعاطف الشعبي من حول التظاهرات رغم صدور بيانات رسمية من وزارة الداخلية حاولت إدعاء أن جماعة الإخوان هي وحدها من تقف خلف الحشد الجماهيري بالأمس.
8- تظاهرات الأمس بمثابة إنذار أن الأوضاع الحالية تنذر بكارثة وانفجار في الشارع المصري الذي لوحظ فيه بالأمس نزول طبقة غير مسيسة كانت قد عزفت عن النزول إلى الشارع منذ ثورة يناير من خمس سنوات، وهي بداية لانكشاف الظهير الشعبي عن نظام عبدالفتاح السيسي في ظل تدهور اقتصادي وأمني بالإضافة إلى المساس بقضايا وطنية كالتنازل عن الجزيرتين.
9- الرسالة التي بعث بها الشارع المصري للنظام في مصر كان مفادها أن التيارات السياسية والشعبية نجحت لأول مرة أن تنزل إلى الأرض بهدف واحد رغم التبيانات فيما بينها والتي تم تجاوزها بالأمس، وهو ما يعني أن أمر اتحاد هذه المعارضة ليس مستحيلًا كما يتخيل النظام الذي يعيش على التناقضات بين هذه الأطياف.
كانت هذه أبرز الرسائل والمؤشرات التي أكدت عودة روح يناير من جديد، وستكون الأيام المقبلة هي التكملة لإتمام دائرة الغضب الشعبي، والخروج بشكل مكثف في 25 أبريل لاستعادة الثورة