الرئيسية » تقارير وتحقيقات » حرائق مصر بين الإهمال والعشوائية وغياب “الأمن الصناعي”

حرائق مصر بين الإهمال والعشوائية وغياب “الأمن الصناعي”

ما بين شهود “ما شفوش حاجة” وتفسيرات لا تغيب عنها اتهامات لجهات أو أفراد بعينهم، تشتعل حاليا موجة محمومة من الجدل في مصر، لا تقل في وطأتها عن موضوع الجدل نفسه الحرائق التي انتشرت مؤخرا في طول البلاد وعرضها، والتي لا يكاد يخلو حديث بين مواطنين اثنين من التطرق اليها، رغم أن معرفة كل منهما ليست عن معاينة، أو مدعيا باتهامات لا تخلو من المبالغة تارة والشطط تارة أخرى، ليبقى الوضع على ما هو عليه، حرائق تشتعل وشائعات لا تنتهي، بينما يبقى الإهمال وسط تلك الفوضى بلا دليل ادانة واحد.

أبرز الحرائق، التي وقعت يوم أمس، هو حريق مصنع المنتجات الغذائية والعصائر بالمنطقة الصناعية الثالثة بمدينة 6 أكتوبر، فيما تم اخماد حريق آخر نشب بمخزن خردة بالوراق، ولم يسفر أي من الحريقين عن أي إصابات.

ونجحت قوات الإطفاء في إخماد حريق بمخزن خردة بقطعة أرض فضاء بالوراق؛ حيث هرعت سيارات الإطفاء وتمكنت من محاصرة ألسنة اللهب المجاورة لشركة الغاز، وأخمدت قوات الحماية المدنية بالجيزة حريقا اندلع بمحل مفروشات وتنجيد بمنطقة امبابة، كما تم اخماد حريق بمكتب رئيس قسم الكيمياء بكلية العلوم بجامعة القاهرة تسبب باتلاف تكييف وماكينة تصوير، فضلا عن حريق محدود آخر بجهاز تكييف في مبنى تابع لوزارة الداخلية بمنطقة الدراسة ولم يسفر عن تلفيات.

مصدر قضائي مطلع في نيابات وسط القاهرة كشف، في تصريحات صحافية، عن مفاجأة تتعلق بتحقيقات الحريق الأضخم وهو حريق سوق شارع الرويعي بمنطقة العتبة، والذي أسفر عن احتراق ما يقرب من 200 محل وفرشة وفندق و4 عقارات، بقوله إن أقوال جميع الشهود، وعددهم 10 أشخاص، متضاربة ومجرد كلام مرسل.

وأضاف المصدر أن النائب العام المستشار نبيل صادق كلف نيابات الموسكي وحوادث وسط والكلية بالنزول إلى مكان الحريق 3 مرات للكشف عن الجاني، وأن فريقا من النيابة العامة وجود منذ اللحظات الأولي لاندلاع الحريق بعد تلقيهم البلاغ، وعادوا إلى مسرح الحادث 3 مرات، وأجروا معاينة واستمعوا إلى أقوال 120 شخصا من المتضررين، بينهم 10 شهود، وكانت جميع روايات الشهود متضاربة ولا يستند اليها ولم يتم تحديد ما إذا كان الحادث ماسا كهربائيا أو به شبهة جنائي، والذي سيحدده خبراء المعمل الجنائي.

وتابع إن أقوال الشهود ذكرت أن النيران لم تندلع من داخل الفندق، كما روي البعض، وإنها نشبت في عامود كهربائي وامتدت إلى فرش بائع متجول بجوار عامود الكهرباء، بينما نفى 4 من المتضررين رواية الشهود الأولى، وقالوا إن النيران اندلعت في فرش الباعة الجائلين بوسط الشارع، ولم تكن موجودة بالقرب من عامود الكهرباء، ورواية ثالثة، على لسان 2 من شاهدي العيان، حيث قالا إن بداية الحريق كانت داخل مبنى الفندق.

وأكد المصدر القضائي أن روايات الشهود لم تثبت حقيقة اندلاع النيران وأن جميعها كلام مرسل، مشيرا إلى أن النيابة العامة تسلمت 130 محضرا من المتضررين وأمرت بتشكيل لجنة هندسية لمعاينة العقارات التي تضررت جراء الحريق.

من جانبه، علق اللواء عبد العزيز توفيق مساعد وزير الداخلية مدير الإدارة العامة للحماية المدنية الأسبق على أسباب تلك الحرائق بقوله إن ذلك ما ستكشفه التحقيقات، لكن من الواضح أن الاهمال هو السبب، مع غياب الاشتراطات الخاصة بالأمن الصناعي، وهو ما ظهر جليا في حريق الرويعي الذي كشف أن تلك الاشتراطات تكون منعدمة، بالإضافة إلى أن تلك المنطقة مكدسة بوفرة هائلة من الخامات القابلة بل وسريعة الاشتعال.

وفيما يتعلق بجاهزية قوات الحماية المدنية، قال توفيق لدينا كافة وسائل السيطرة على النيران، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية عمدت على تطوير كافة تجهيزات الحماية المدنية بجميع الإدارات على مستوى الجمهورية؛ حيث تم تعزيزها بأحدث سيارات وأجهزة ومواد الإطفاء، لافتا، في الوقت ذاته، إلى أنه يتم تدريب الضباط والأفراد على أحدث برامج الإطفاء، سواء داخل البلاد أو في الخارج، من خلال المنظمة العالمية للحماية المدنية.

بدوره، قال العميد خالد عكاشة الخبير الأمني إن البعض يتهم الدولة مثلا أو وزارة الداخلية بإشعال تلك الحرائق، وإذا سلمنا بذلك، فهل ستقوم بحرق مقار تابعة لها؟ ، هذا كلام لا يعقل، مثل حريق في جهاز تكييف بمبنى تابع للوزارة بالدراسة وآخر، قبلها بيوم، في مبنى تابع لمحافظة القاهرة، ومن قبلها حريق بأحد أجهزة التكييف بمديرية أمن الجيزة.

واتهم عكاشة، الإهمال، بالوقوف وراء معظم الحرائق التي شبت مؤخرا، مشيرا إلى أن حريق فندق الأندلس بالعتبة خير دليل على هذا الإهمال وعدم اتباع اشتراطات الأمن الصناعي؛ حيث لم تكن هناك أية أجهزة إطفاء بالفندق، بل الأكثر خطورة أن العقار الذي يقع به الفندق كان أشبه بالقنبلة الموقوتة لاحتواءه على مخازن عشوائية مليئة بالجلود والمنسوجات والأقمشة والمواد سريعة الاشتعال، مشيرا إلى أنها كانت السبب الرئيسي في الصعوبة التي واجهت رجال الإطفاء خلال تعاملهم مع النيران.

وطالب أجهزة المحليات، والدولة، بإخراج الباعة الجائلين والمخازن العشوائية خارج الكتلة السكنية بوسط القاهرة، خاصة مناطق الرويعي والعتبة والغورية المكتظة بالسكان، ونقلهم إلى مناطق أكثر أمنا وسلاما لهم ولزبائنهم.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.