الرئيسية » أخبار » حسن بدوي يكتب : إعلان المبادئ ومؤتمر النقابات الديمقراطية خطوة أكثر تقدماً .. ومسئوليات جديدة

حسن بدوي يكتب : إعلان المبادئ ومؤتمر النقابات الديمقراطية خطوة أكثر تقدماً .. ومسئوليات جديدة

في 2 أكتوبر 2017 انطلقت مبادرة من قيادات نقابية تمثل 14 نقابة عمالية، في صورة “إعــــلان مبادئ” تمهيداً لتأسيس مؤتمر النقابات المصرية الديمقراطية، الذي انعقد يوم 15 أكتوبر 2017، كتجمع عمالى للنقابات المستقلة المتمسكة بالدفاع عن الحريات النقابية كحق أصيل لكل العاملين بأجر في مصر، يعترض على مشروع قانون المنظمات النقابية الحكومي، ويناضل لإصدار قانون يكفل الحريات النقابية، ويطلق حق العمال المصريين في تكوين نقاباتهم بحرية دون قيود أو تدخلات حكومية، يستمد شرعيته من قواعده العمالية التي تشكل في معترك الدفاع عن مصالحها، قبل أن تفرض هذه الشرعية إرادتها وتقرها نصوص دستور 2014، مدعومة بتضامن واسع من الاتحادات العمالية في مختلف أرجاء العالم والمنظمات الدولية والإقليمية للعمال، وكذلك اتفاقيات العمل الدولية.

وقد أكد إعلان المبادئ على سعي المنظمات النقابية الموقغة عليه لضم النقابات المستقلة الفاعلة الديمقراطية التي تتفق مع الأسس والمعايير الواردة فيه، على طريق الوحدة الطوعية لتتمكن الطبقة العاملة من استكمال تشكيل قيادتها  النقابية المعبرة عن مصالحها والقادرة على التفاوض بشأن تلك المصالح، كطريق لا بديل له للوصول إلى مجتمع ديمقراطي مستقر يضمن حماية الوطن من القلاقل والانفجارات العشوائية، ومن نزعات العنف والإرهاب التى يغذيها افتقاد آليات التنظيم والضغط والمفاوضة التى تستطيع من خلالها الطبقات الشعبية المشاركة بصــــــورة منظمة فى صنع السياسات.

إن أهمية هذه المبادرة أنها تعلن للكافة، لأكثر من 20 مليون عامل بأجر غير منظمين نقابياً، ولأكثر من ثلاثة ملايين عاطل، ولأكثر من 9 ملايين منتفع بأموال المعاشات، وللأصدقاء والمتضامنين مع الحرية النقابية وحقوق العمال في مصر والعالم، وللسلطتين التنفيذية والتشريعية في مصر، أنه قد أصبح للطبقة العاملة المصرية قيادة نقابية مستقلة التكوين والإرادة والقرار، خلقت لتبقى حقيقة واقعة على الأرض يستحيل إنكارها أو حصارها أو منعها من النمو والتطور والانتشار في خضم صراع العمال ضد سياسات الاستغلال الرأسمالي والغلاء والإفقار.

وإذا كانت الحكومة المصرية الآن في مأزق مع منظمة العمل الدولية بسبب ملاحظاتها على مواد مخالفة للاتفاقيات الدولية بشأن الحرية النقابية تضمنها مشروع القانون الحكومي المطروح للمناقشة في مجلس النواب، فإن النقابات الديمقراطية المستقلة عليها أن تبذل المزيد من الجهود لتكثيف قوة ضغطها العمالي والسياسي مدعومة بالتأييد الذي يتزايد كل يوم بانضمام نقابات جديدة إلى إعلان المبادئ وبتأييد ودعم نواب 25 – 30 وكل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني المشاركة في مسيرة إقرار قانون الحرية النقابية المتفق مع الدستور والمعايير الدولية.

كما أنه ينبغي على النقابات الديمقراطية أن تبذل جهداً مكثفاً مع نفسها ومع النقابات المستقلة الأخرى للتخلص من سلبيات الفترة الماضية، وبخاصة انشغال البعض بالسعي إلى مكاسب ذاتية عن الأهداف المبدأية العامة والأصيلة للحركة العمالية وفي مقدمتها الحرية النقابية وحقوق العمال والتضامن النقابي النضالي، وأن يتم الفرز بين الكيانات النقابية التي تنشغل حقاً بهموم وطموحات عمالها والمرتبطة بنسيج طبفتها العاملة، وتلك الملتحقة بركب الدفاع عن سياسات وتشريعات معادية للعمال تزيد من نهبهم وبؤسهم، وهؤلاء الذين يلهثون لمساومات للحصول على بعض الفتات متسترين بشعارات الثورية والوحدة النقابية التي هي بريئة منهم.

إن وحدة الطبقة العاملة تأتي من وحدة مصالحها التي تتمثل في حدها الأدنى في الأمان الوظيفي وعلاقات عمل مستقرة وأجر يكفي الاحتياجات الضرورية للعامل وأسرته وظروف عمل صحية وحياة إنسانية كريمة، وصولاً إلى حدها الأفصى وهو المشاركة في السلطة وصنع القرار السياسي والوصول إلى التحرر من كافة أشكال الاستغلال الطبقي، ومن وحدة المصالح هذه والنضال من أجلها تخلق الطبقة العاملة وتلتف حول تنظيمها النقابي الموحد الذي تختاره بإرادتها الحرة دون إملاء أو إلحاق أو إجبار من أي جهة غير الجمعيات العمومية للعمال ومنظماتهم المستقلة دون أي تدخل أو قيود حكومية.

إن مبادرة إعلان المبادئ ومؤتمر النقابات الديمقراطية المصرية تؤسس لخطوة أكثر تقدماً في مسيرة الحريات النقابية، التى ناضلت من أجلها الطبقة العاملة المصرية بل وأسست نقاباتها بإرادتها الحرة وفي مجرى نضالها الطبقي والوطني منذ نهايات القرن التاسع عشر، وشهدت حركتها النقابية نمواً كبيراً عقب ثورة 1919 ومع تصاعد الحركة الوطنية في أربعينيات القرن الماضي، وقبيل وبعد ثورة 25 يناير 2011، إنها مسيرة طويلة شهدت انتصارات وانكسارت، تقدماً وتراجعاً، كما شهدت تضحيات قدمها بشجاعة ودون خوف أو تردد  قادة عماليون، سجناً وتشريداً واستشهاداً، حتى أصبح حق العمال في تكوين نقاباتهم بحرية واقعاُ على الأرض، مستنداً إلى الشرعية العمالية.. والدستورية.. والدولية، وإن كان يحتاج لفرض شرعيته القانونية إلى مزيد من الجهود العمالية والنقابية الموحدة عبركل السبل الديمقراطية، وبدعم كل القوى المجتمعية المؤيدة للحرية النقابية وحقوق العمال.

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.