الرئيسية » اقتصاد » د. زهدي الشامي يكتب الفصول الجديدة و العلاوة . . ملاحظات و تساؤلات

د. زهدي الشامي يكتب الفصول الجديدة و العلاوة . . ملاحظات و تساؤلات

130 مليار جنيه لبناء 250 ألف فصل ، حتى لو لم نمنح الموظفين العلاوة هذا العام . كم فى هذه العبارة من المفاجئات و الأخطاء غير المبررة ؟ و على كم تنطوى من التساؤلات المشروعة التى تتطلب إجابات لم تقدمها السلطة قبل أن تطرح علينا واحدة من مفاجئاتها العشوائية غير المدروسة و غير السارة ؟ تعالوا نرى ونرصد .
أولا – لعلنا نرى أن أول مانلمسه هو استمرار سياسة القرارات المفاجئة التى لم يدرسها أحد ، والتى تضرب حياة المواطنين دون ان يتم أخذ رأيهم فيها ، واستمرار ماتعودناه من تبخر الوعود الحكومية جميعها . ألم تقل السلطة للشعب أن عليه تحمل القرارات الصعبة التى فاجأتنا بها فى نوفمبر 2016 ، و أنها فترة وستمر ، و أن الغلاء و التضخم سيأخذ فى الإنخفاض فى الفترة القادمة، ولكن وقبل أن يزول الغلاء تفاجئ المواطن يفكرة حجب العلاوة المفترض أنها علاوة غلاء معيشة ، يعنى استمروا من جديد فى الغلاء وبدون علاوة . لايمكن أن تصدق وعود هؤلاء أبدا .
2 – يأتى ذلك فى ظل رؤية تستخف عموما بالصعوبات التى يعانى منها المواطنون البسطاء من عاملين بأجر ومشروعات صغيرة و فقراء و معاشات و طبقة وسطى . و يعبر عن ذلك ماناكلش ، و بطاطس إيه ، وخلافه . ويأتى فى سياق ذلك تكرار الإعجاب بقرارات السادات فى يناير 1977 لرفع الأسعار التى انتفض على أثرها الشعب المصرى و تم إلغاؤها .

السيسى قال : ” الرئيس السادات أضاف قروشا بسيطة جدا على أسعار السلع ، وتحرك المصريون و لم ينته تحركهم إلا بإلغاء هذه القرارات ” . أفلا يعلم الرئيس أن القروش البسيطة جدا التى يتحدث عنها و إن كانت حتى تعريفة واحدة ( نصف قرش بتاع زمان )، تضمنت فى الواقع مضاعفة أسعار الخبز و حوالى 20 سلعة تموينية أساسية بنسبة 100% مرة واحدة ؟ ، و ألا يعلم أن مرتب الموظف المؤهل العالى حينئذ كان يدور حول العشرين جنيها فقط ؟ وألا يتذكر أن المواطنين قد فوجئوا يومها بتلك القرارات مستحيلة التنفيذ فى وقت كانوا يعدونهم فيه بقوة ” بعام الرخاء ” ، مثلما نفاجئ اليوم كل مرة بقرارات صادمة بعد أن يبشرونا بإنجازات العهد الحالى .
3 – ولماذا الموظفون و الغلابة هم الذين يجب أن يتحملوا دائما من جيوبهم الخاوية وعلى حساب بطونهم الجائعة كل خطط السلطة ومشروعاتها المفاجئة غير المدروسة ؟
4 – أما لماذا هى غير مدروسة ، مثلها مثل تفريعة القناة و العاصمة الجديدة وغيرها ، فلأن المواطن الذى سيتحمل و يدفع هو آخر من يعلم . ولنبدأ بالرقم الذى أعلنوا عنه . 130 مليار جنيه لبناء 250 ألف فصل . ويتضح من القسمة أن نكلفة الفصل 520 ألف جنيه . هل هناك أى إنسان عاقل ممكن أن يقبل أن الحكم فى مصر يكلف بناء الفصل الواحد أكثر من نصف مليون جنيه ؟ !
5 – و لنتسائل أيضا لماذا 250 ألف فصل ؟ ومن حدد هذا الرقم ؟ وهل فعلا نحن نحتاج لهذا العدد الضخم من الفصول الجديدة ؟ . قد نكون بحاجة فعلا لتخفيض كثافة النلاميذ فى الفصول قليلا ، ولمواجهة المشاكل فى بعض الأماكن ، ولكن فى كل الأحوال لايمكننى استيعاب أولوية بناء كل هذا العدد الضخم من الفصول الجديدة مرة واحدة . الإحصاءات تدل على ان عدد تلاميذ المدارس فى التعليم الحكومى و الخاص أيضا 20.4 مليون تلميذ ، وعدد المدارس 46.718 مدرسة حكومية ، وعدد الفصول 473 ألف فصل ، ومتوسط كثافة التلاميذ فى الفصل 46 تلميذا ، وبناءا عليه فإن أى توسع فى إنشاء الفصول لتحسين الخدمة لايمكن ان يكون ببناء 250 ألف فصل جديد مرة واحدة ، بوسعها بالمعدل الحالى استيعاب مابين 10 إلى 12 مليون تلميذ إضافى ، فهل نحن محناجون لكل هذا ؟ أمر مشكوك فيه تماما ، و إذا أخذنا فى الإعتبار المغالاة غير المبررة فى تقدير تكلفة بناء الفصل ، ثم فى عدد الفصول المطلوبة لاتضح أن التكلفة الفعلية لعلاج مشكلة الأبنية التعليمية لايمكن أن تصل إلى ربع الرقم المعلن عنه . ثم هل ينحصر تطوير التعليم فى زيادة المبانى الدراسية ؟ أعتقد أن ذلك تبسيط مخل للغاية ، وكل ما أخشاه و بمبررات مشروعة جدا أن كل مايقف وراء ذلك كله ، هو نفس الفكر ، ونفس المصالح المحيطة بالمجموعة المتنفذة فى مصر ، مجموعة العقاريين و المقاولين ، التى تنحط فكرة التمية على أياديها لتصور كئيب لزيادة كتل الأسمنت .

زهدى الشامى
8 نوفمبر 2018

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.