الرئيسية » أخبار » د. مصطفى كامل السيد يتناول 23 يوليو بمنظور مختلف

د. مصطفى كامل السيد يتناول 23 يوليو بمنظور مختلف

مع احتدام الحوار السنوي حول الموقف من ثورة يوليو ما بين مؤيد ومعارض علق الدكتور مصطفي كامل السيد استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو مجلس أمناء حزب التحالف الشعبي الاشتراكي علي صفحته الشخصية علي الفيس بوك بتدوينة قائلاً

حتي نرتقي بالنقاش
لا أعترض علي أن يري البعض في ثورة يوليو إنقلابا عسكريا أدي إلي حكم فردي، أو أن يراها آخرون قفزة هائلة علي طريق الاستقلال الوطني والعدالة الإجتماعية. لن يستطيع طرف إقناع الطرف الآخر بوجهة نظره، ولن نصل إلي نتيجة بناءة من خلال مثل هذا الحوار. ولكن ربما نحرز تقدما علي صعيد الفكر علي الأقل لو حاولنا أن نجيب علي السؤال كيف يمكن لمصر في ظروف العالم الراهنة أن تواجه بنجاح التحديات التي قابلها نظام يوليو ولم ينجح علي الإطلاق من وجهة نظر البعض أمامها، ونجح وقتيا من وجهة نظر الفريق الآخر. سأسلم بأن أهم هذه التحديات هي حكم الفرد، وكيفية تحقيق تنمية إقتصادية متوازنة بمعدلات أسرع، وكيفية الوصول إلي عدالة إجتماعية في ظل تنمية رأسمالية وفي إطار العولمة. طبعا يمكن أن نضيف إلي هذه التحديات ولكن دعونا نبدأ بها.

ولتوضيح موقفي أنا لا أشارك وجهة النظر التي تقول أن النظم السياسية والإجتماعية إما هي شر مطلق أو خير عام. الواقع أكثر تعقيدا وهناك درجات متفاوتة من الأبيض والأسود في كل النظم. والتوضيح الثاني أني لا أري أن السادات ومبارك والسيسي هم جميعا إمتداد لنظام يوليو. المعيار المهم في تحديد طبيعة أي نظام من وجهة نظري هي أساسه الطبقي، سياساته الإقتصادية والإجتماعية، تنظيمه السياسي وسياساته الخارجية. من هذه الناحية كل الدلائل تشير إلي أن الأساس الطبقي لنظام يوليو كان الطبقة المتوسطة المتعلمة والتي حظت بتأييد الطبقة العاملة والفلاحين، وقد اختلف ذلك مع مقدم السادات وسياسة الإنفتاح الإقتصادي ووجود شخصيات مثل المرحوم عثمان محمد عثمان رجل الأعمال البارز إلي جانبه والتحول من التنظيم الواحد إلي نوع من التعددية الحزبية المقيدة وأخيرا الصلح مع إسرائيل والعلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة. وفيما يتعلق بحكم العسكريين لا حظوا أن جمال عبد الناصر نفسه هو الذي بدأ بإبعاد العسكريين المحترفين عن العمل السياسي بعد إقصاء مجموعة عبد الحكيم عامر في أعقاب هزيمة يونيو ١٩٦٧، وهو ما سار عليه كل من السادات ومبارك ولكن خرج عليه الرئيس السيسي. النظم التي خلفت السادات عمقت من سماته البنيوية.

أنتقل الآن إلي مناقشة التحدي الأول وهو كيف يمكن الخروج من حكم الفرد، حتي مع التسليم مؤقتا بأن ذلك كان طابع حكم عبد الناصر مع أنه هو لم يكن يمارس نفوذا كبيرا علي المؤسسة العسكرية التي تمردت عليه في سنة ١٩٦٢ وفي سنة ١٩٦٧. ولكن فلنقل أن حكمه كان فرديا، وحتي تكون مناقشتنا أكثر عمقا نتساءل متي كان نظام الحكم في مصر غير خاضع لسيطرة شخص الحاكم؟ هل في عصر الفراعنة أم محمد علي أم إسماعيل أم فؤاد أم فاروق.؟ طبعا كانت هناك محاولات للحد من سلطة الحاكم، حاولها العرابيون، وحاولها حزب الوفد، ولكن هذا الحزب لم يحكم مصر أكثر من سبع سنوات ونصف في ظل دستور ١٩٢٣، وأصر كل من فؤاد وفاروق علي الإستبداد بالسلطة وكانت آخر مظاهر ذلك في العهد الملكي هي إقالة فاروق حكومة الوفد في أعقاب حريق القاهرة في يناير ١٩٥٢ ولم تكن قد أكملت عامين في الحكم.
الذي يحد من سلطة الفرد طبعا نظام سياسي تسوده طبقة مسيطرة كما هو الحال في الديمقراطيات الليبرالية أو ما يمكن أن نسميه تحالفا بين الطبقات الشعبية ولا توجد أمثلة عديدة له. وفي مصر تقبل الطبقة أو الطبقات الرأسمالية حكم الفرد طالما يحقق مصالحها ولكنها في كل الأحوال لا تثور عليه، وترضخ الطبقات الشعبية لحكم الفرد، وإن تبرمت منه بالنكات وبالإحتجاجات الجماعية من وقت لآخر عندما تضيق بها سبل الحياة.
كيف نعيد علاقة الدولة بالمجتمع علي نحو أكثر توازنا؟ وهل قدرنا التاريخي هو أن نخضع دوما لحكم الفرد؟ وما هي الشروط التي قد تؤدي إلي خروجنا منه؟
أعتقد أن النقاش حول هذا الأمر سيكون أكثر جدوي من التعارك حول ما إذا كان عبد الناصر ديكتاتورا أم ممثلا لإرادة شعبية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.