Site icon بوابة التحالف الإخبارية

ذكري رحيل عميد الأدب العربي صاحب البصيرة

من عتمة الليل النهار راجع
ومهما طال الليل بييجي نهار
مهما يكون فيه عتمة ومواجع
العتمة سور ييجي النهار تنهار
وضهرنا ينجام

سيد حجاب

يحل اليوم 28 أكتوبر ذكري رحيل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين . ولد في 15 نوفمبر 1889 م في عزبة الكيلو مركز مغاغة بمحافظة المنيا وتوفي في 28 أكتوبر 1973 . أصيب طه حسين في طفولته بمرض أدي الي فقدانه البصر وكان من الممكن ان يكون مصيره مثل الالاف من المكفوفين الفقراء في مصر. لكنه صمم علي استكمال تعليمه حيث التحق بالدراسة في الأزهر وعند افتتاح الجامعة الأهلية عام 1908 التحق بها وحصل علي الدكتوراه عام 1914 ثم ابتعث الي فرنسا حيث أكمل دراسته وارتبط بسيدة فرنسية اصبحت شريكة حياته حتي وفاته.

شغل الدكتور طه حسين عمادة كلية الآداب جامعة القاهرة ثم مديراً لجامعة الاسكندرية ثم وزير للمعارف . كتب الدكتور طه حسين سيرته الذاتية الأيام ونشرها عام 1929 . كما كانت له كتابات مثلت علامات مضيئة في تاريخ الأدب العربي مثل في الشعر الجاهلي عام 1926 و مستقبل الثقافة في مصر عام 1938.

وكان الدكتور العميد من اشد المدافعين عن مجانية التعليم . سنة 1965 ظفر طه حسين بقلادة النيل، إضافة إلى رئاسة مجمع اللغة العربية، وفي عام 1968 منحته جامعة مدريد شهادة الدكتوراة الفخرية، وفي سنة 1971 رأس مجلس اتحاد المجامع اللغوية في العالم العربي، ورشح من جديد لنيل جائزة نوبل، وأقامت منظمة اليونسكو الدولية في اورغواي حفلاً تكريمياً أدبياً قل نظيره. ولقب بعميد الأدب العربي.

وفي ذكري رحيله كتب عدد من المثقفين المصريين علي صفحاتهم كلمات احتفاء بذكري رحيل العميد .

كتب الدكتور كمال مغيث أستاذ مناهج التربية : طه حسين: صاحب البصيرة فى ذكراه

انتقد خرافات القرية وتوسلهم بالأولياء وهو بعد طفل صغير، وانتقد جمود الأزهر وعلومه التى توقفت عند القرون الأولى وهو فتى، والتحق بالجامعة المصرية الحديثة وهو شاب، فبعث سيرة الشاعر الفيلسوف أبى العلاء المعرى، وأبتعث الى فرنسا ليعرف معنى العلم الإنسانى، ودعا لفصل العواطف الدينية عن علوم الأدب والاجتماع وهو مدرس بكلية الآداب وتمسك باستقلال الجامعة وهو عميد، وهاجم الاستبداد والظلم الاجتماعى وهو شيخ فى كتابه “المعذبون فى الأرض” فمنعت السلطة طباعته فى مصر..وعندما دعاه مصطفى النحاس لتولى “المعارف” فى آخر وزارة وفدية 1950-1952، اشترط أن تكون أول قراراته “مجانية التعليم الثانوى”، وبينما يقسم اليمين باحترام الدستور يقول له الملك: أهلا طه حسين رجل المتاعب، فيجيبه طه حسين: المتاعب يا مولاى لا تطلب لذاتها ولكن يجيئها الإنسان فى طريقه إلى الحق،

وفى زياراته للمدارس بالأقاليم المختلفة كان الأثرياء يتسابقوا لدعوته إلي بيوتهم، فطلب من سكرتيره قبول كل الدعوات على أن تكون الدعوة إلى الشاى بألف جنيه.. وإلى الغداء أو العشاء بخمسة آلاف جنيه.. توضع كلها فى حساب مبانى المدارس فى المحافظات المختلفة.ومات فى مثل هذا اليوم من 46 سنة.. فلم يكن غريبا أن يرثيه نزار قبانى..

ضوء عينيك أم هما نجمتان… كلهم لا يرى وأنت ترانى

إلق نظارتيك ما أنت أعمى… إنما نحن جوقة العميان

… يسعد أوقاتكم

كما أضاف الكاتب المسرحي نجيب جويلي ” التعليم كالماء والهواء”

زى النهاردة فقدنا رائد عظيم من رواد التنوير وهو صاحب هذا الشعار.وليس غربيا عليه كل مافعله والمعارك التي خاضها طوال حياته وخصوصا معركته الكبري بعد نشر كتابه”في الشعر الجاهلي” ، وقد تتلمذ علي يد الإمام محمد عبده .

ماأحوجنا اليوم في ظل ماتعيشه البلاد من بلاء الدواعش والوهابية والإستبداد إلي الكثير الكثير من أمثاله.التنوير هو القاعدة الصلبة لأي تطور لهذه البلاد المنكوبة.

علموا أولادكم الغناء والموسيقي والرقص وإهدوهم كتب الأدب والشعر والرواية، وشجعوهم علي إرتياد المسارح والمعارض والسينما .

هذا هو درب الإنقاذ فلنسير فيه….وسنصل حتما.

كما أضاف المؤرخ الاستاذ أنور فتح الباب “تكمن قيمة طه حسين الأساسية في المنهج العقلاني الذي أرساه في دراسة الأدب والتاريخ وإدراكه العميق لأزمة الفكر المصري منذ مطلع القرن العشرين في رسوخ القديم وكمونه في حاضر الفكر والثقافة وحركة المجتمع . أدرك وهو ابن البرجوازية المصرية عجز الطبقة وعقم حلولها للمسألة الوطنية والإجتماعية فخلق مسافة ما بينه وبين “السلطة” وكان اقترابها أو اقترابه منه يتراوح مابين البطش او طلب المشورة أو الإستعانة به فكان ينهض طارحا رؤيته وهو البصير لمستقبل الثقافة في مصر أو مشاكل التعليم بارتقاء كرسي الوزارة سنة ١٩٥٠. أو تقديم نظراته النقدية للبؤس والقهر الإنساني في ” المعذبون في الأرض” و”شجرة البؤس” … مات طه حسين ولاتزال القضايا التي طرحها مطلع القرن لم تحسم بل تنتكس للخلف في مواجهة اللاعقلانية والتجهيل.

ما أحوجنا اليوم لاستدعاء واستلهام أفكار الدكتور العميد أحد مصابيح التنوير المصري لمواجهة دعوات الظلامية والتخلف التي تحاصرنا . قالثقافة والتنوير أساس اي تقدم مستهدف.

 

جنازة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين عام 1973

Exit mobile version