الرئيسية » اقتصاد » زهدي الشامي : انتفاضة فرنسا وعدد من الدول ضد روشتة الرأسمالية المتوحشة

زهدي الشامي : انتفاضة فرنسا وعدد من الدول ضد روشتة الرأسمالية المتوحشة

فى البداية كنا نوصف مايحدث فى فرنسا بأنه احتجاجات . اليوم لفظ انتفاضة هو لفظ معتمد من وسائل الإعلام الفرنسية ذاتها ، فقد توسعت الإحتجاجات جدا و انضمت لها قطاعات جديدة ، أمس طلاب المدارس الثانوية فى عموم فرنسا ، وأيضا نقابات عمالية ، كانقابة الزراعية الرئيسية ونقابات النقل البرى . إن مايحدث فى فرنسا غير مسبوق وتكاد تجد تشابها كبيرا بين الإجراءات الحكومية المرفوضة هناك ، وتلك المطبقة فى مصر وبلاد عربية أخرى . ومن المدهش للغاية أن تكون روشتة المحافظين ، والليبراليين الجدد والرأسمالية المتوحشة التى تقف ورائها الهيئات المالية الدولية ، وفى مقدمتها صندوق النقد الدولى ، روشتة واحدة فى الجنوب الذى يشيعون أنه فقير “فقير قوى ” ، وفى الشمال المفترض أنه ليس فقيرا ، بل غنيا قوى . والحقيقة الساطعة أنه من المدهش للغاية أن شعوب العالم فى هذا العصر الذى بلغ فيه التقدم العلمى و التكنولوجى و الإنتاجى آفاقا لم يعرفها البشر من قبل ، يتم إفقار غالبية سكانها بسبب توحش الرأسمالية و الإحتكارات وتواطؤ الحكومات الفاسدة و المتسلطة مع كبار الرأسماليين الدوليين و المحليين . فالفقر يحدث ليس بسبب أنه لايوجد انتاج يكفى ، بل لأنه يوجد أسوأ و أبشع تنظيم إجتماعى لعلاقات الإنتاج و أسوأ إدارة سياسية متخيلة للمجتمع . وقد وصل حال غالبية الشعب فى كل مكان لما لايمكن احتماله ، و أصبحوا بالفعل غير قادرين على تحمل تكاليف المعيشة ، فيما تستمر الحكومات المستبدة فى تحميلهم مزيدا من الأعباء ، بدون أن تعى حتى أنهم لم يعد بوسعهم تحمل المزيد . لذلك كانت احتجاجات تونس ، ثم الأردن التى تجددت هذا الأسبوع ، ثم الإنتفاضة الفرنسية الراهنة ضد هذه السياسات المتوحشة للإستغلال الإحتكارى و الظلم الإجتماعى و الإستبداد السياسى . وكما حدث فى تونس ومصر فى 2011 فحينما تظن السلطة أن القوى المنظمة حزبية أو غير حزبية عاجزة عن مواجهتها ، تفاجئ بالملايين غير المنظمين يخرجون من كل الأحياء و التوابع و المواقع طوفانا تعجز هى عن مواجهته . ودائما أيضا فالعناد والتصلب والتأخر فى رد الفعل و الإستجابة للمطالب يؤدى لخروج الوضع عن السيطرة . هذه هى طبيعة الإنتفاضات ، وذلك مرة أخرى درس عواقب سياسات التوحش الرأسمالى و السلطوى ، لعل فى بلاد العالم التى تعانى من يتعظ ويتخلى عن عناده واستعلائه قبل أن تواجهه حقائق الواقع العنيدة بالعواقب المحتومة .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.