الرئيسية » فن وثقافة » شاهد.. فنان الكاريكاتير السوري نجاح البقاعي يوثق تجربته في السجن بالرسوم
نجاح البقاعي
أعمال نجاح البقاعي

شاهد.. فنان الكاريكاتير السوري نجاح البقاعي يوثق تجربته في السجن بالرسوم

تبدو أشكال الشخصيات التي يرسمها الفنان السوري نجاح البقاعي  الذي يعيش في المنفى بباريس، وكأنها في حالة انكسار وشلل جراء ما يثقل كاهلها من تعذيب وألم ويأس.

ويحيل نجاح البقاعي ، وهو رسام كاريكاتير، الذكريات المفزعة، للتعذيب الذي يقول إنه مر به اثناء سجنه في معتقلات النظام السوري، إلى رسوم مفصلة للغاية ومشوشة في آن واحد. ومعظم رسومه باللونين الأبيض والأسود مع خطوط ترتبط بالواقع الرهيب لكونه كان سجينا في بلد مزقته حرب أهلية منذ سبع سنوات.

وبالنسبة للبقاعي يعتبر الرسم نوعا من العلاج. فالفنان، الذي أضحى أسيرا لتجربة السجن، لم يستطع رسم أي موضوع آخر منذ سنوات.

وقال البقاعي لتلفزيون رويترز من مكانه الذي لم يُكشف عنه النقاب في منطقة باريس “الحقيقة الرسم هو لعدة أسباب، إنه أنا
بأعشق الرسم، أنا رسام وما بأقدر أوقف عن الرسم. السبب الثاني هو شهادة وتوثيق للي أنا شفته بفروع النظام السوري. وبأشعر دائما إن هاي عملية الرسم بشكل يشهر بالنظام السوري هي متابعة للثورة السورية وهي متابعة للمظاهرات اللي صارت بسوريا واللي أنا شاركت فيها. فبأشعر إذا بأوقف عن رسم هذا الموضوع أو عن الرسم بالمعنى السياسي فكأنه إنه أعلنّا استسلامنا قدام (أمام) الديكتاتور وقدام المجرم”.

وتقود طرق تعذيب معروفة بأسماء، منها الكرسي الألماني والسجاد الطائر وتجربة الإطارات، خيال البقاعي إلى صور زملائه السجناء الذين تعرضوا للتعذيب في زنازين مكتظة أمام ناظريه وقد تم إلقاؤهم على أرض قذرة بينما أُجبر على سماع أصوات أنينهم من شدة الألم.

وعن تلك الذكريات الموجعة أضاف البقاعي “كنا تقريبا 190 إلى 125 شخص لنوجد هون. بالشبك القديم هون، كان الممر لعبور لباقي المساجين على الغرف والمنفردات تبع الفرع، وكان يصير التحقيقات بهاي المنطقة بالذات. فكنا المسا بتيجي الجثث من باقي الأفرع من شان نحفظها بغرفة بالطابق السفلي، بالقبو”.

ويضيف: “تاني نهار الصبح بنخرج هاي الجثث مع الجثث الموجودة معنا اللي طلعت عندنا من فرعنا. فكنا وقت بنطلع كان فيه مشاعر للخوف والحزن وقت بنحمل الجثث بالبطانيات وغالبا كنا نحاول ننظر نتأكد إنه يا ترى ها الجثة بنعرفها؟ هذا شخص بنعرفه؟ يا ترى هذا صفوان؟ هذا سامي؟ هذا رهف؟ كلهن أشخاص فقدناهم بمناطقنا ورفقاتنا. بس كون الجثث أكثر شكلا مشوهة أو نحفانين كتير ما قدرنا نتعرف على حدا”.

ويعيش البقاعي حاليا في المنفى بباريس منذ عامين ونصف مع زوجته عبير وابنته التي بلغ عمرها 16 عاما. وكان قد فر من بلده سوريا بعد أن ألقت الشرطة القبض عليه مرتين بتهم تتعلق بأنشطة يعتبرها النظام تمردا.

وقالت عبير البقاعي زوجة نجاح “بالنسبة لنجاح هو كان فرصة لأنه يتواصل مع الآخرين وإنه يقدم الشغل اللي هو عبارة عن شهادة لكل شيء عاشه بالحرب بسوريا وبالسجن عند النظام السوري”.

وتواصل عبير: “لما نتواصل مع الآخرين ونشاركهم آلامنا هذا شيء مو بس بيساعدنا، وبيساعد الآخرين كمان. وكمان بنحاول إنه نسجل بالتاريخ كل شيء عشناه عشان هيك الكرفان السوري الثقافي (القافلة الثقافية السورية) هو كتير حدث ونشاط ثقافي كتير مهم”.

وسُجن البقاعي أولا لمدة 11 شهرا في 2011، وهو العام الذي شهد تفجر الانتفاضة السورية، في المعسكر 227 قرب دمشق. وقُبض عليه عقب مشاركته في تنظيم احتجاج مناهض للرئيس السوري بشار الأسد.

وترك البقاعي منزله في ريف دمشق في أعقاب مقتل 19 من أصدقائه وأقربائه على يد النظام في 2012.

وبعد عامين من الاختباء قرر البقاعي مغادرة سوريا. وفي 2014 أُلقي القبض عليه مجددا على الحدود السورية اللبنانية عقب وشاية من زملاء سابقين له في جامعة دمشق.

ويعيش البقاعي حاليا في شقة صغيرة وجميلة بمنطقة، لم يرغب في تسميتها لأسباب أمنية، بضواحي باريس. وساعده شقيقه الأكبر، وهو طبيب قلب متزوج من فرنسية، في البداية على إعادة بناء حياته كلاجئ.

ويعرف نجاح البقاعي فرنسا بالفعل ويحبها. حيث سبق له أن درس فيها بمدرسة الفنون في مدينة رين بشمال البلاد في اوائل التسعينات.

كما يمكنه أيضا التعويل على القافلة الثقافية السورية، وهي مجموعة من الفنانين السوريين في المنفى، يرأسها المصور محمد الرومي، لتجوب فرنسا وأوروبا لزيادة الوعي بشأن الصراع المحتدم الذي لا يزال يعيشه معظم أفراد عائلاتهم في الوطن.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.