الرئيسية » مقالات » فتحية موسي تكتب عن تطور الحياة الدستورية في مصر منذ عهد محمد علي

فتحية موسي تكتب عن تطور الحياة الدستورية في مصر منذ عهد محمد علي

الحياة الدستورية في مصر منذ عهد محمد علي

كتبت فتحية موسي 

في عام 1837 أصدر محمد علي القانون الآساسي لتنظيم العلاقة بين الدواووين وعُرف بإسم السياستنامة حتي يتمكن من إلغاء مجلس المشورة والذي كان يتكون من كبار العلماء (مشايخ الآزهر) وكبار التجار والآعيان ورغم أن هذا المجلس كان رأيه إستشارياً إلا أن محمد علي كان حكمه دكتاتورياً اوتوقراطياً يرفض اي مناقشة وتتركز في يده جميع السلطات.

لم تعرف مصر الحياة النيابية إلا في عهد الخديو إسماعيل 1866والذي كان مجرد واجهة تضفي علي حكمه رونقاً وبهاء وحتي يبدو في نظر الدول الآوربية بالحاكم الديموقراطي الذي يؤمن بتعدد الآراء حقيقة هذا المجلس لم يكن تشريعياً بالمعني الحقيقي إذ تكون من أصحاب المصالح من كبار ملاك الآراضي الزراعية حيث كانت الزراعة هي المورد الآساسي للدخل القومي وخلا من المتعلمين إلا أصحاب الآراضي.

وبسبب الآزمة المالية والتدخل الآجنبي تدافعت موجات المد الشعبي لتآزر موقف النواب وتدعم مطالبهم، وانعقد برلمان شعبي موسع في أضخم اجتماع وطني عرفته مصر حتى تاريخه، وكان يوم 2 ابريل سنة 1879 هو موعد التئام هذا الالتفاف الشعبي الكبير حول مطالب الحركة الوطنية المصرية وفي منزل السيد علي البكري نقيب الأشراف حضر أعضاء مجلس شورى النواب بكامل هيئتهم، وحضر الأعيان وكبار الموظفين وقادة الجيش والضباط والتجار والعلماء والرؤساء الروحانيون من بطريرك الأقباط وحاخام اليهود وشيخ الأزهر، واستمرت الاجتماعات ثلاثة أيام، وانتقلت إلى منزل إسماعيل راغب باشا رئيس مجلس النواب حتى توصل الجميع إلى الاتفاق على وثيقة سميت باللائحة الوطنية وتقرر رفعها إلى الخديو لاعتمادها ميثاقا وبرنامجا وطنيا لمصر.وقد عُنيت هذه اللآئحة بالآصلاح الدستوري وأن تكون الوزارة مسئولة أمام البرلمان.

وفي يوم 7 أبريل سنة 1879 دعا الخديوي جميع القناصل الأجانب إلى اجتماع كبير في قصر عابدين شهده أقطاب الحركة الوطنية الدستورية وأعلن أمام الجميع قبوله لبرنامج الإنقاذ الوطني، وأنه لتنفيذ هذا البرنامج لا بد من وزارة جديدة تكون مصرية خالصة، وأن الأمير محمد توفيق قد قدم استقالته، وأن الاختيار وقع على محمد شريف باشا لتولي الوزارة، وأن مهمته الأولى ستكون إعداد الدستور، وقانون الانتخاب، وقيام نظام يستطيع تحقيق الأماني التي أجمعت عليها طبقات الشعب.احتج الوزيران الإنجليزي والفرنسي (الوزارة الاُوربية التي شُكلت 1878 كان بها وزير إنجليزي للمالية ووزير فرنسي للآشغال) وإحتجا علي قبول الخديو لها ولكن إسماعيل كلف محمد شريف باشا بتشكيل الوزارة وإعداد الدستور.

وجاء مشروع الدستور الجديد الذي تمت الموافقة عليه، الذي ينص على حق مجلس النواب في مناقشة وإقرار الميزانية ذروة في التحدي، وليزيد سخط القنصليين البريطاني والفرنسي فتقدما بطلب مشترك إلى الخديو بأن يتنحى فورا عن العرش.

وتآمرت كل من إسطنبول ولندن وباريس على ما يجري في القاهرة، وباشرت إلى تأليب السلطان التركي لعزل إسماعيل باشا الذي أصدر قرارا بذلك في 26 يونيو 1879، وخلفه في موقعه ابنه محمد توفيق باشا على سدة حكم مصر.

في 7فبراير 1882 صدر دستور جديد لمصر في عهد الخديو توفيق واُلغي دستور 1879 ولآول مرة أوجد هذا الدستور فكرة إختصاص مجلس النواب بالتشريع وسن القوانين والمراقبة.

نص الدستور على أن مقر مجلس النواب يكون في مدينة القاهرة، يستمر عمله خمس سنوات، لا يتم حله إلا في حالة الخلاف المستحكم مع الحكومة، وإذا استمر الخلاف ولم تقم الوزارة بالاستقالة يقوم الخديوي بفض المجلس والدعوة لانتخاب مجلس نواب جديد يمثل سيادة الأمة المصرية. تبنى الدستور مبدأ سيادة الأمة، والسلطة تستمد من الأمة، وأبرز عيوبه أن الحاكم يتمكن من السلطة المطلقة إذ أنه سيحكم باسم الأمة وتكون له كل السلطات دون حدود ولا رقيب ولا مسئولية مما فتح بابا كبيرا للظلم وعدم احترام الحقوق والحريات. كل هذه التطورات كان نتيجة أحداث الثورة العرابية ومظاهرتي فبراير وسبتمبر 1881 وتشكيل وزارة شريف الثالثة الذي قرر إكمال مشروع الدستور الذي كان قد بدأه في عهد إسماعيل وطالب أعضاء البرلمان بحقهم في مناقشة الميزانية مع الآوربيين ولكن إنجلترا وفرنسا قدمتا المذكرة المشتركة الآولي تحتجان علي وزارة شريف في 7 يناير 1882 فقدم شريف استقالته.

وللحديث بقية

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.