الرئيسية » مقالات » مدحت الزاهد يكتب: عندما يستشعر المقاتل ملل شعبه

مدحت الزاهد يكتب: عندما يستشعر المقاتل ملل شعبه

“عندما يستشعر المقاتل ملل شعبه” يراجع نفسه، ينظر في سياساته، هيئة أركانه، وحلفائه. يتأمل انحيازاته، هل كانت مع أغلبية الشعب أو مع القلة الناجية الطافية؟ وينصت لأنين واحتجاجات الفقراء، ويجوب الأسواق ليرى كيف يكتوى الفقراء بنار الغلاء، وكيف ترتجف أيديهم عند الحساب، ويعيد توزيع الثروة خصما مما جرفه الفساد من موارد البلاد، وما نهبته رأسمالية المحاسيب من ثرواتٍ لم تراكمها قوانين الاقتصاد الطبيعي ومن فائض قيمة العمل المأجور، بل بالاقتراب من طغمة الحكم وعن طريق الأوامر المباشرة و العمولات.

“عندما يستشعر المقاتل ملل شعبه” يسكت قليلا ليسمع صوت الشعب، ويفتح المجال العام ليسمع الأنين، ويتفقد بنفسه أحوال السجون وأماكن الاحتجاز ليرى ما صنعه الجلادون، وينتبه لخطئه فيرفع القيود عن الحريات، ويطلق سجناء الرأي ولا يسمح للسياسة الأمنية أن تخلط بين حملة القنابل وحملة الورود، ويتعلم أن العدل والحرية سلاحنا في مواجهة الإرهاب. وأن الشعب حارس الوطنية وهو أول من وضع روحه على كفه وخرج للميادين.

“عندما يستشعر المقاتل ملل شعبه” يتخلى عن نظرية إدارة المجال الأمني للمجال السياسي، ويعود بالأمور لطبيعتها ليدير المجال السياسي المجال الأمني، و ينتبه إلى أن إدارة دولة ليس كإدارة ثكنة، وأن قوانين الانضباط والتراتبية لا تسرى على المجتمعات، وأن الشعوب لا تدار بالعصا وبتشريعات العقوبات، وأن تفريغ المجال السياسي لا يفسح المجال لغير الفوضى والإرهاب، وينتبه إلى أن التراضي أساس الحكم ويؤكد احترامه لمبدأ التنوع والحق في التعددية ويفض عنه رابطة صناع الطغاة، ويؤمن حقا وفعلا بمبدأ توازن السلطات، وأن البرلمان ليس ذراعا للسلطة التنفيذية بل رقيبا عليها، واستقلال القضاء تصنعه تشريعات عادلة وأجهزة معاونة محايدة وهو ينبغي أن يكون ملاذ الضعفاء ونصير المظلومين.

“عندما يستشعر المقاتل ملل شعبه” يرفض تحويل الوطن لسلعة تباع فيها القيم وتشترى، ويؤكد التزامه بحماية القيم وسلامة الوطن بأرضه، وشعبه، وجنسيته، واستقلال قراره، ووحدة أراضيه، ويرفض أن يصدر عن مسئول فيه تصريح يجمل وجه كيان استعماري غاصب اعتدى واحتل كل دول الجوار سوريا، والأردن، ولبنان، بل ومصر، ويهوّد القدس، ويزرع المستوطنات في الضفة، ويقصف غزة، ويعلن ضم الجولان، غاصبا يملأ الأفق جراحا وأنينا، وعندها يدرك ما أفضت إليه سياساته من أزمات.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.