Site icon بوابة التحالف الإخبارية

واسيني الأعرج: نجيب محفوظ ما يزال يضعنا وجها لوجه أمام مآسينا

تطرق الكاتب الجزائري واسيني الأعرج في بحث عنوانه  تجديد الخطاب الروائي ، إلى مأزق التخييل، وربط بينه وبين مواجهة التطرف، وأشار إلى أن كاتبا مثل نجيب محفوظ ما يزال إلى اليوم يضعنا وجها لوجه أمام أنفسنا ومآسينا، وقلما نجد كاتبا وصل إلى ما وصل إليه محفوظ.

وشدد على أن الخطاب الروائي الجديد لكي يصل إلى المؤمنين به، يحتاج إلى تطوير حقيقي ومستمر، حتى يشعر القاريء بأنه معني بما يقوله لأنه جزء منه.

وقال الأعرج – خلال جلسة العمل الأولى للملتقى الدولي لتجديد الخطاب الديني والتي عقدت أمس في مسرح الهناجر بالقاهرة – تداخلت الرواية مع الحاجة إلى فن جديد يلبي ليس فقط الاحتياجات الاجتماعية، لكنه يحقق أيضا الفن عبر ارتباطاته الثقافية الواسعة والمتعددة، وأمام الرواية العربية مجالات كثيرة عليها أن تفتحمها بجرأة.

وأضاف أنه في مقدمة هذه المجالات يأتي الإنسان كرهان في أي تحول، تم طمسه اجتماعيا ونزعت عنه مواطنته وأصبح مجرد رعية في أرضه، وتساءل: الرواية التي بنيت على الإنسان هل يمكنها أن تصالح البشر مع أنفسهم؟.

وأشار إلى أن المجال الثاني هو التاريخ لا بوصفه إعادة إنتاج لخطاب رسمي متهالك، ولكن بوصفه ممارسة تم تسخيرها لأغراض خاصة بالأفراد والمجموعات، وتساءل: كيف تعيد الرواية ترتيب التاريخ تخييليا، في تماس ضروري مع مادة الحياة، وكيفية تحويله إلى مادة إنسانية كاشفة أدبيا لكل الخيبات التي عاشتها الأرض العربية.

وتحدث عن مجال ثالث هو تحرير المتخيل، معتبرا أن التخييل هو أهم أشكال التجديد والمقاومة، ملاحظا أن الديكتاتوريات تخاف من التخييل لأنه دليل على حرية الإنسان أولا وأخيرا.

والمجال الرابع هو هز يقين الخطاب الذي نشأ في الحاضنة القومية التي تتمزق اليوم، وكبر فيها.. هذا النوع من الفكر وصل إلى سقفه وأصبح مجرد خطاب أجوف، ولكي يتجدد يحتاج إلى نقد ذاتي عميق، وتستطيع الرواية أن تهضم ذلك كله وتحوله إلى مادة أدبية نشأت في الحاضنة القومية وتواجه وضعا تمزقيا شديد القسوة، حيث الإنسان صانع الأحداث والمشكل لمركز الرواية انسحب وبات جزءا عاما من المشهد.

والمجال الخامس، يتعلق بأن الرواية العربية اليوم تضعنا في خطاباتها الكثيرة أمام معضلة أخلاقية كبيرة.. كيف يتصرف الأديب في ظل أوضاع الحروب الأهلية الصعبة حيث تنغلق الرؤى، وما هى الخطابات التي ينتجها؟ هل هى جديدة أم خطابات متهالكة تنم عن قصور واضح وذاتية مفرطة؟ القراءة البسيطة للمنتج الروائي في السنوات الأخيرة تدفعنا إلى القول إنه محكوم في عمومه بنظامين، إما الاستكانة إلى خطاب غير متماسك، أساسياته لم تعد موجودة، وأن المجتمع في حركية جديدة تحتم تغيير الرؤى، أو السقوط في سوداوية الإنسان العادي.

وأكد أن الرواية ليست مجرد خزان للتحدي لكنها بنية شديدة التعقيد، فهى من أكثر الفنون إصغاء للتوترات العميقة التي تحكم المجتمعات.. هذه التوترات ليست إلا مادة خاما، تحتاج إلى قراءة حقيقية وعميقة، وهو ما يجعل الكتابات تختلف ليس بمعنى الجيلية لأن هذه الأخيرة مجرد اصطناع وقناع لا وجود فيه للأجيال.

Exit mobile version