انتقدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، في افتتاحيتها صباح اليوم الثلاثاء، تقاعس أوروبا عن اتخاذ الخطوات اللازمة لحل أزمة اللاجئين المتفاقمة، مشيرة إلى انشغال زعماء أوروبا بتهنئة أنفسهم على تقليص تدفق اللاجئين اليائسين الذين يحاولون الوصول إلى شواطئهم، بينما تتوالى المآسي الإنسانية لحوادث غرق في البحر المتوسط. المخطط مشبوه من الناحية الإخلاقية والقانونية، حيث يتم ترحيل الوافدين الجدد في اليونان إلى تركيا، وذلك مقابل 6 مليارات يورو من المساعدات يقدمها الاتحاد الأوروبي إلى نظام حكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وتلفت الافتتاحية إلى أحدث مأساة إنسانية وقعت في البحر المتوسط، إذ أفادت وكالة الأمم المتحدة للاجئين أن قرابة 500 شخص لقوا مصرعهم غرقاً الأسبوع الماضي من جراء غرق قارب كبير مكتظ بمهاجرين أفارقة، في مكان ما بين ليبيا وإيطاليا. أما الناجون، وعددهم 41 شخصاً فتعددت جنسياتهم بين الصومالية والإثيوبية والمصرية والسودانية.
وأمضى هؤلاء أياماً في البحر، في قارب آخر، قبل أن يتم إنقاذهم. وصرح أحد المحققين أن جميع الأشخاص لقوا حتفهم في غضون دقائق .
ويروج مسئولو الاتحاد الأوروبي للنجاح الأولي الذي أحرزته استراتيجية منع طالبي اللجوء من سوريا وأماكن أخرى في الشرق الأوسط من عبور بحر إيجه من تركيا إلى اليونان.
ولكن الصحيفة الأمريكية تقول إن هذا المخطط مشبوه من الناحية الأخلاقية والقانونية، حيث يتم ترحيل الوافدين الجدد في اليونان إلى تركيا، وذلك مقابل 6 مليارات يورو من المساعدات يقدمها الاتحاد الأوروبي إلى نظام حكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إضافة إلى تلبية مطالبه السياسية، بما في ذلك السماح بمقاضاة الممثل الكوميدي الألماني الذي أهان أردوغان.
وتعتبر الصحيفة أن صفقة الاتحاد الأوروبي مع تركيا أثمرت عن مكافأة قذرة تمثلت في التراجع الشديد لتدفق اللاجئين إلى اليونان، إذ انخفضت أعداد اللاجئين إلى أقل من 6 ألاف شخص منذ 4 أبريل، بعدما وصلت إلى 26 ألف شخص في الأسابيع الثلاثة التي سبقت تنفيذ السياسة الجديدة.
وتستنكر واشنطن بوست التخاذل في معالجة الأسباب التي دفعت هؤلاء اللاجئين إلى النزوح من بلدانهم، وتوضح أن المهربين، على الأرجح، سيقومون بتحويل نشاطهم من مسار تركيا اليونان إلى الساحل الأفريقي الشمالي – إيطاليا ، وهو المسار الأكثر خطورة.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، وصل قرابة 6 ألاف لاجئ، معظمهم أفارقة، إلى الموانئ الجنوبية الإيطالية خلال أربعة أيام في الأسبوع الماضي، ليزداد العدد الإجمالي للمهاجرين لهذا العام إلى ما يقرب من 24 ألف شخص، كما لقي حوالي 800 شخص مصرعهم، من بينهم ضحايا الحادث المأسوي الأخير. إجراءات عدوانية.
وتتوقع واشنطن بوست أن يحض بعض الزعماء الأوروبيين على اتخاذ المزيد من الإجراءات العدوانية لوقف تدفق قوارب اللاجئين، بما في ذلك تمركز السفن الحربية الأوروبية في المياه الليبية.
وعلى الرغم من أن اللجوء إلى استخدام تدابير القوة ربما يكون ملائماً، فإن أوروبا لا تزال تفتقر إلى التزام أكثر إنسانية تجاه اللاجئين ومعالجة الصراعات التي تسببت بتركهم بلادهم.
وتنقل الصحيفة ما ذكرته وكالة الأمم المتحدة للاجئين تعليقاً على حادث الغرق الأخير: إن زيادة المسارات المنتظمة لقبول اللاجئين وطالبي اللجوء إلى أوروبا، تُعد وسيلة لتقويض المهربين .
ومع ذلك، تخفق معظم الدول الأوروبية حتى الآن في تلبية الحصص المقررة من الاتحاد الأوروبي لإعادة توطين اللاجئين الموجودين بالفعل في أوروبا، كما فشل عدد من هذه الدول أيضاً في دفع مساهمته في صندوق تغطية تكاليف الصفقة التركية.
وتشير واشنطن بوست إلى اقتراح رئيس الوزراء الإيطالي ماثيو رينزي بوضع خطة لتقديم المساعدات إلى الدول الأفريقية في مقابل تفعيل المزيد من الإجراءات لوقف تهريب البشر، بيد أن مثل هذه الخطة قوبلت بعاصفة سريعة من الجدل بشأن التمويل، لاسيما في ظل معارضة ألمانيا لاقتراح رينزي بأن يتم جمع الأموال اللازمة من خلال إصدار سندات اليورو.
وتختتم الصحيفة: لا توجد بوادر لدى أوروبا لاتخاذ خطوات من شأنها أن تساهم بشكل كبير في حل أزمة اللاجئين، من خلال إنهاء اعتداءات نظام بشار الأسد على المدنيين، وكذلك مساعدة الحكومة الليبية الجديدة المدعومة دولياً على بسط سيطرتها.
وعلى الرغم من التفويض الضمني لإدارة أوباما بشأن الفوضى السورية، فإنها لا تزال مصممة على انتهاج إستراتيجية عقيمة للدبلوماسية الخالية من النفوذ، الأمر الذي سيفضي إلى المزيد من الرحلات القاسية لطالبي اللجوء وتفاقم المأساة