الرئيسية » تقارير وتحقيقات » 13 أغسطس.. ذكرى مجزرة تل الزعتر: هنا حوصر الأمل الأخير

13 أغسطس.. ذكرى مجزرة تل الزعتر: هنا حوصر الأمل الأخير

كتب – أحمد غنام:

رغم مرور 40 عامًا، إلا أن جراح مخيم “تل الزعتر”، والذي يعد أحد أهم محطات اللاجئين الفلسطينيين التي لم تحظ باهتمام كافٍ لم تشف بعد ولم يستطع النسيان احتوائه. حكايات تتناقلها الأجيال جيلًا بعد جيل تروي مآسٍ وعبر، في واحدة من أحلك صفحات “الحرب الأهلية اللبنانية” التي اندلعت عام 1975 واستمرت قرابة الـ15 عامًا.

52 يومًا عاشها أهالي “تل الزعتر” تحت وطأة 55 ألف قذيفة خلفت 4280 قتيلا من الأطفال والنساء وكبار السن، جنبًا إلى جنب مع الرجال الذين هربوا بعائلاتهم من جحيم الاحتلال الإسرائيلي، ليلحقهم الموت والتشريد والدمار أينما ذهبوا.

من شعارات على جدران مخيم تل الزعتر (كتاب ماري شختورة)شهادات خلدها التاريخ، وقصص تروي مآسٍ كبيرة لعمليات الإبادة الجماعية للاجئين، وسط دعم النظام السوري وصمت من المجتمع والمنظمات الدولية، وتواطئ “أمريكي – إسرائيلي”، ليحظى الجميع بميدالية “الإفلات من الحساب”.

وتحل اليوم السبت الذكرى الـ40 لمجزرة تل الزعتر، حيث بدأ الحصار في أواخر يونيو 1976 من الجيش السوري والقوات المارونية اللبنانية التي تتألف من حزب الكتائب بزعامة بيير الجميل، وميليشيا النمور التابعة لحزب الوطنيين الأحرار بزعامة كميل شمعون، وميليشيا جيش تحرير زغرتا بزعامة طوني فرنجيه، وميليشيا حراس الأرز.

حصار تام، استمر قرابة الـ52 يومًا، تم قطع المياه والكهرباء ومنع الطعام خلالها عن سكان المخيم، تعرض خلالها الأهالي لقصف عنيف، وتم منع الصليب الأحمر من الدخول، مما أدى إلى القضاء على المقاتلين المتحصنين بالمخيم وأهاليهم بالكامل، كل هذا دفع الأهالي الناجون من المذبحة لطلب فتوى تبيحُ أكلَ جثثِ الشهداء كي لا يموتوا جوعاً!

وفي الـ6 من أغسطس عام 1976، أبرمت قوة “الردع العربية” اتفاقا بين القوات اللبنانية والمقاتلين الفلسطينيين بالمخيم، يقضي بخروج المدنيين والمقاتلين دون أن يستسلموا للميليشيات المارونية، حيث تتكفل بهم قوة الردع والصليب الأحمر اللذان سيزودانهم بوسائل النقل اللازمة.

إلا أن القوات المارونية غدرت بالفلسطينيين الذين كانوا متحصنين في “تل الزعتر”، وفتحت النار على جميع السكان وهم يغادرون المخيم عزلًا من السلاح وفقًا للاتفاق المعهود، بينما انقض آخرون على المخيم من الداخل، مطلقين النيران على الأخضر واليابس،في الوقت الذي راحت ميليشات القوات اللبنانية توقف الناقلات التي تراكم فيها الناجون على الحواجز المنصوبة على الطرقات، منتزعة حديثي السن الذين يشتبه في كونهم فدائيين، ثم يقتلونهم بوحشية أو يقتادونهم لجهات مجهولة.

وسقط المخيم بالكامل في 14 أغسطس 1976، ليتحول “تل الزعتر” إلى أسطورة تتناقلها الأجيال، بعد أن كان قلعةً حصينة أنهكها الحصار، فدخلته الكتائب اللبنانية، تحت غطاء حليفها الجيش السوري. وارتكبت فيه أفظع الجرائم من هتكٍ للأعراض، وبقرٍ لبطون الحوامل، وذبحٍ للأطفال والنساء والشيوخ وكذلك ارتكبوا المجازر والجرائم، من اغتصابٍ وهدم البيوت وإبادة الأطفال وسلب الأموال، في مخيمي “جسر الباشا” و“الكارنتينا” الذين سقطا بيد الكتائب قبل تل الزعتر، وبدعم “صهيوأمريكي” بحسب ما ذكر المؤرخ اليهودي إسرائيل شاحاك.

ويقول تقرير لـ”المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان”، إنه رغم مرور 40 عاما على المجزرة، إلا أن عوائل الضحايا لم تحصل على حقوقها، ولم تفتح أي منظمة دولية أو إقليمية أو محلية تحقيقات جدية لكشف الملابسات، ومحاسبة المسؤولين، كما لم تعرف عشرات العائلات مصير أجساد أبنائها حتى لحظة كتابة التقرير.

ياسر عرفات في زيارة لضحايا مجزرة مخيم تل الزعترويروي المؤرخ الراحل ناجي علوش أن قوات منظمة التحرير تركت “مخيم تل الزعتر” يواجه مصيره، وأن ياسر عرفات لم يحاول إنقاذ اللاجئين اعتمادًا على حسابات سياسية كان يأمل من خلالها التصالح مع القوات اللبنانية طمعًا بأن يصل لفتح قنوات مع جهات أوروبية من خلالهم.

ويؤكد كلامه الصحفي الإنجليزي روبيرت فيسك قائلا: ياسر عرفات لم يدعم سكان المخيم دعما حقيقا، رغم رفضه للاستسلام ظاهريا، موضحًا أن عرفات كان يسعى لتحقيق مكسب سياسي، ولهذا السبب بعد انتهاء المجزرة رمته النسوة بالحجارة خلال زيارته للناجين من المذبحة في تل الزعتر.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.