«6 إبريل».. كيف تفككت حركة ساهمت في إسقاط نظام؟
في تقارير وتحقيقات
أبريل 6, 2017
600 زيارة
يعد السادس من أبريل من الأيام المشهودة في تاريخ مصر، حيث انفجرت فيه انتفاضة شعبية منذ تسعة أعوام، كانت بروفة لاندلاع ثورات التي أسقطت نظامين، وفي هذا اليوم تكونت حركة احتجاجية سميت بـ«6 إبريل» كانت المحرك الرئيسي لأي احتجاج شعبي ضد النظام خلال السنوات الماضية.
أخذ بريق تلك الحركة يختفي رويدًا رويدًا، بعدما تفككت لائتلافات وجماعات، وحينما سأل أحمد ماهر عن بداية تأسيس الحركة عام 2008، قال، إن فكرة تكوين حركة شبابية في هذا التوقيت كان أمرًا ملحًّا لمواجهة نظام مبارك بشكل مختلف وبآليات مبتكرة من شأنها زعزعة استقراره والإطاحة به وبرموزه، ومن هنا كانت 6 أبريل بعد نجاح إضراب عمال المحلة في اليوم ذاته عام 2008.
وبعد تسعة أعوام على الحركة، «البديل» تستعرض بالرصد والتحليل أين ذهبت الحركة وشبابها، ولماذا لم تعد موجودة على الأرض حاليًا؟
فمنذ يوم 12 فبراير عام 2011، أي بعد ساعات من تنحي مبارك، تفرقت جماعات الثورة كل واحد أراد أن يخلق لنفسه كيانًا ثوريًّا أو حزبيًا يعبر عنه، واقتربت الحركات الشبابية الناشئة من 500 حركة، بالإضافة لاستقبال لجنة شؤون الأحزاب ما يقارب 200 حزب جديد، وكانت حالة هياج ثوري خاطف للجميع.
كان أحمد ماهر ومحمد عادل وأحمد دومة وطارق الخولي وأسماء محفوظ وعمرو علي، أبرز قيادات 6 إبريل في ذلك الوقت، وكانوا الداعين الفعليين لتجمعات 25 يناير والمنظمين لتلك الفعاليات، وهم من استقبلهم المجلس العسكري بعد تنحي مبارك، لكنهم الآن تفرقوا إلى شعب جماعات.
أكد أستاذ علم الاجتماع السياسي سعيد صادق، أن فكرة إنشاء 6 إبريل من البداية كانت حركة احتجاجية، ولها هدف واضح وقتها وهو إنهاء حكم مبارك، وأضاف في خاص لـ«البديل»: «الحركات الاحتجاجية دائمًا بتكون مرتبطة بأهداف واضحة وانتهت أهداف حركة 6 ابريل بوضوح بعد نهاية حكم مبارك، خلال فترة مبارك كان دورها أن تيقظ الشارع المصري وتحتج على الأوضاع السياسية، وكانت الحركة جزءًا مهمًّا من الثورة، واستمرت حتى جاءت الثورة المضادة، ولعبت دورًا في تخوين كل من ينتمي لثورة يناير».
وأوضح أن قيادات الحركة تم تخوينهم وتلفيق قضايا ضدهم، واستغلت الثورة المضادة كل وسيلة كي تضرب بها خصومها، وتخلصوا من قيادات 6 إبريل بطرق مختلفة، إما بالتخوين أو التشويه أو سجن رموز بعينها، وإما بحملات إعلامية أو جذب بعضهم إلى جانب السلطة والنظام ليصبحوا أعضاءً في البرلمان.
وأضاف أن فكرة الحركة احتجاجية لوقت معين فقط وليس لها إطار تنظيمي؛ لأن طبيعة تكوينها أن تكون حركة احتجاجية وليست حزبًا سياسيًّا، لكنه يرى أن 6 إبريل لو بدأت كحزب سياسي كانت ستفشل كل أهدافها من البداية؛ لأن طبيعة العمل الحزبي لا تدعو لمظاهرات أو احتجاجات، فالحركات الاحتجاجية ليست لديهما الحسابات السياسية الموجودة لدى الأحزاب، «فالوفد مثلًا عنده حسابات أنه يسقط الحكومة وده سقفه، كان هناك 25 حزبًا أيام مبارك لم يقدموا أي شيء للحياة السياسية»..
ماهر وعادل
وبالنظر إلى أحوال قيادات 6 إبريل بعد تسعة أعوام من إنشائها سنجد أن مؤسسها أحمد ماهر، البالغ من العمر 36 سنة، سُجن لثلاث أعوام بتهمة التظاهر في القضية المعروفة بوقفة الشورى التي تم فضها بسبب قانون منع التظاهر، حين أصدرت النيابة العامة أمر ضبط وإحضار لأحمد ماهر على خلفية الوقفة التي لم يكن مشاركًا فيها من الأساس، حيث كانت الوقفة بدعوة من مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين اعتراضاً على محاكمة المدنين عسكريًّا» الذي كان يُكتب في ذلك الوقت، فذهب لتسليم نفسه في 30 نوفمبر 2013، وقررت النيابة إخلاء سبيله لكنه رفض تنفيذ القرار لحين إخلاء سبيل كل معتقلي الشورى، وأحيل للنيابة مع القيادي الآخر بالحركة محمد عادل.
وتم الإفراج عنهم يوم 5 يناير الماضي بعد اكتمال مدة عقوبة الحبس، لكن ماهر وعادل، الذين أُطلق سراحه لا يزال يعاني من الحبس غير الرسمي، حيث يتوجب عليه إثبات حضوره يوميًّا في قسم عابدين لمدة ثلاث سنوات أخرى حسب نص الحكم عليهما.
وبسبب تلك الإجراءات، يقضون نص يومهما محبوسين في القسم من الساعة 6 مساء، ويكتبان إقرارًا على أنفسهما بألَّا يغادران مطلقًا وتحت أي ظرف من الساعة 6 مساءً وحتى 6 صباحًا.
أحمد دومة
ودومة هو الآخر، الذي يعد من أبرز قيادات الحركة، يعتبر سجين كل الأنظمة مبارك والإخوان والنظام الحالي، حيث تم حبسه في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك 18 مرة، بينما دخل السجن في عهد الرئيس السابق محمد مرسي لمدة 3 شهور من أصل 12 شهرًا حكم فيها البلاد، كما يقبع في السجن من ديسمبر 2013 حتى الآن، بتهمة حرق المجمع العلمي في ديسمبر من عام 2011، وحُكم عليه بالمؤبد وتغريمه 16 مليون جنيه في تلك القضية، بينما تحكي زوجته وأصدقاؤه أنه محبوس انفراديًّا الآن ويعاني من مشكلات صحية ولا تسمح له إدارة السجن بالرعاية الكاملة.
طارق الخولي
كان هناك شاب آخر من قيادات حركة شباب 6 إبريل أعلن التمرد على القيادات مبكرًا، وبعد ساعات من تنحي مبارك، وتشكيل ما يعرف باسم ائتلاف الثورة، شكَّل طارق الخولي، صاحب الـ 30 سنة عمره، حركة جديدة باسم 6 إبريل الجبهة الديمقراطية، وأعلن أنها لا تخضع لماهر ورفاقه.
وظل الخولي متحدثًا إعلاميًّا للحركة لفترة، شرع بعدها في تدشين حزب يحمل الاسم نفسه إبان حكم الإخوان، ولم يظهر الحزب للنور حتى الآن.
الخولي كان عضوًا مؤسسًا في عدد كبير من الحركات الشبابية التي عارضت نظامي مبارك والإخوان، وكان أحد أعضاء المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة الذي ظهر ككيان شبابي معبر عن ثورة 25 يناير.
وأسس الخولي «جبهة شباب الجمهورية الثالثة» بغرض الاهتمام ببناء مؤسسات الدولة، وتتبنى الجبهة مشروعًا لتدريب وتأهيل الشباب، وإفراز نخبة جديدة من السياسيين والتنفيذيين على مستوى الجمهورية، حسب تصريحات قياداتها.
انضم الخولي بصفة رسمية لحملة المشير عبد الفتاح السيسي أثناء ترشحه لرئاسة الجمهورية، وتولى طارق لجنة الشباب في الحملة الرسمية للسيسي في انتخابات الرئاسة لعام 2014.
ومع بداية ظهور قائمة «في حب مصر» التي دشنها اللواء سامح سيف اليزل، برز اسم طارق الخولي كوجه شبابي، واختير مرشحًا لقطاع القاهرة، فضلًا عن عضويته باللجنة التنسيقية للقائمة، وأصبح عضوًا بارزًا بمجلس النواب في ائتلاف يدعم الحكومة والنظام الحالي بشكل كبير.
لكن فكرة تفكيك الحركات الشبابية ومن بينها 6 إبريل لم يكن معتمدًا من أجهزة أمنية بعينها، وإنما ارتبط ارتباطًا كبيرًا بالمناخ السياسي العام الذي أصبح لا يميل لثورات أو احتجاجات جديدة، فالحالة النفسية للمواطن جعلته غارقًا في مشكلاته الاجتماعية والاقتصادية، فأصبح المواطن مستاء من كل الأوضاع الحالية لكن ليس لديه الحماس أو القدرة على تغيير تلك الظروف السيئة.
ويقول أستاذ علم الاجتماع السياسي سعيد صادق: التيارات الثورية كلها تم تدميرها من خلال أجهزة إعلامية موجهة، وثورة مضادة لعبت دورًا كبيرًا في تفكيك تلك الحركات، مؤكدًا أن تلك الأوضاع لن تستمر؛ لأن أسباب الثورة قائمة حتى الآن.
اختيار المحرر 2017-04-06