قال الممثل المقيم السابق لصندوق النقد الدولي في مصر، الدكتور نديم الحق، إن أفضل حل للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه مصر الآن هو تحقيق نمو اقتصادي متسارع، داعيًا إلى تبني نموذج مصري للإصلاح المالي نابع من الظروف المصرية حيث لا توجد “روشته” إصلاحية تطبقها جميع الدول.
وقال -في جلسات الحوار النقاشية التي نظمها المجلس الوطني المصري للتنافسية، حول الإدارة المالية الحكومية ومبادرات الإصلاح وشارك فيها عدد من أعضاء مجلس النواب والدكتور محمد معيط نائب وزير المالية لشئون الخزانة واللواء رفعت قمصان مستشار رئيس مجلس الوزراء لشئون الانتخابات- إن الإصلاح لا يمكن قيادته من الخارج وليس من أعلى لأسفل ولكنه عملية تحتاج لمشاركة واسعة في نقاش مفتوح بين أفراد المجتمع والحكومة، كما أن الإصلاح غير ممكن تنفيذه في جميع الجهات في الوقت نفسه ولكن نبدأ بوزارة أو اثنتين وبعد النجاح يعمم على الجميع.
وأشاد بإطلاق “رؤية مصر 2030” معتبرًا أنه تطور مهم لتحديد أهداف للتنمية المستدامة حيث تحتاج الدول لرؤية طويلة الأمد تحكم إدارتها لأولوياتها المالية خاصة عند إعداد الموازنات العامة عاما بعد آخر حتى لا تصبح مثل الممالك القديمة التي لم تهتم برفاهية شعوبها.
وأوضح أن المجتمع المصري مطالب عند وضع برنامج الإصلاح بالنظر أولا في الدور المطلوب من الحكومة القيام به في الحياة الاقتصادية والاجتماعية حيث تعاظم هذا الدور خلال المائة عام الأخيرة حتى أصبحت الحكومة في بعض دول العالم تتحكم في 80% من النشاط الاقتصادي، لافتا إلى أن المجتمع الأمريكي علي سبيل المثال يفضل إدارة القطاع الخاص لخدمات الرعاية الصحية عكس الحال في انجلترا التي تفضل إدارة الدولة أما في باكستان فإن القطاع الخاص يمتلك ويدير 60% من المؤسسات التعليمية.
وأضاف الممثل السابق لصندوق النقد الدولي -والذي شغل من قبل منصب وزير التخطيط في باكستان- أن جزءًا من المشكلة في إصلاح إدارة المالية العامة يتمثل في علاقتها بطريقة إعداد الموازنة العامة التي في جوهرها عملية سياسية وفنية في ذات الوقت حيث أنها عبارة عن طريقة لتلبية الاحتياجات المتعددة للمجتمع، مشيرًا إلى أن التجارب الناجحة عالميًا في التغيير للأفضل اعتمدت على وجود إرادة سياسية قادها زعماء مثل ريجان وكلينتون في الولايات المتحدة الأمريكية وتاتشر وتوني بلير في بريطانيا.
ودعا إلى الاهتمام بإصلاح القطاع العام حيث أن ذلك جزءًا مهمًا من إصلاح إدارة المالية العامة والتي قد تتاثر باخفاقات هذا القطاع، لافتا إلى أن الولايات المتحدة على سبيل المثال ارتفعت ديونها العامة بنحو 8 تريليونات دولار في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008 بسبب موجات التعثر المالي التي واجهت مؤسساتها المصرفية والقطاعات الإنتاجية.
وأكد أن أهم جزء في الإصلاح المالي هو تواكبه مع إصلاح إداري شامل لإعادة ترتيب الجهاز الإداري لمنع تضارب اختصاصات الوزارات وتنازعها إلى جانب إقرار حوافز للعاملين بالحكومة وأيضا للقطاع الخاص لضمان نجاح الإجراءات الإصلاحية واستجابة المجتمع طواعية لها.
وقال إن كثير من دول العالم تتجه الآن لتحسين أساليب إعداد موازناتها السنوية لتعتمد أكثر على معلومات وتنبؤات دقيقة حول حجم العوائد والإيرادات المتوقعة وحجم الانفاق العام المنتظر بحيث تكون قراراتها أفضل.
ودعا إلى تطوير عملية إعداد التقارير عن تطور الإنفاق العام حيث أن الوقت عامل مهم وحاسم لتصويب الأمور ولذا غير مقبول إصدار تقارير حكومية عن تطورات أداء الموازنة بعد الصرف فعلا بعام ولكن يجب أن تكون هناك تقارير أسبوعية وشهرية مع إتاحتها للرأي العام والخبراء.
من جانبها، أثارت المدير التنفيذي للمجلس الوطني المصري للتنافسية، أمينة غانم، قضية الإجراءات التقشفية حيث أشارت إلى أن أغلب الدول الصاعدة والنامية لا تحتاج إلى مثل هذه الإجراءات إنما تحتاج إلى إعادة ترتيب أولويات الإنفاق وهو ما نفذته مثلا دول شرق أوروبا التي كانت تعاني من عجز كبير في موازناتها ومع إعادة ترتيب الأولويات وترشيد الإنفاق العام زادت كفاءته ومن ثم تناقص هذا العجز عامًا بعد آخر، أما الإجراءات التقشفية فأمر قد تلجأ له بعض الدول المتقدمة فقط عندما تفشل الوسائل الأخرى في استعادة الاستقرار المالي مثل اليونان التي أجبرت على اتخاذ إجراءات تقشفية وثبت خطأها حيث تناقص معدل النمو الاقتصادي الذي يعد الهدف الأساسي لأي سياسة مالية.
