الرئيسية » عربي ودولي » فنزويلا.. انقلاب عسكري بدعم أمريكي (محدّث)

فنزويلا.. انقلاب عسكري بدعم أمريكي (محدّث)

أعلن رئيس البرلمان الفنزويلي خوان غوايدو، أمس الأربعاء، تنصيب نفسه قائماً بأعمال رئيس البلاد بالوكالة، بدلاً من نيكولاس مادورو، وهو ما اعتبر انقلاباً بدعم أمريكي.

وبحسب وكالات، قال غوايدو أمام حشد كبير من مناصري المعارضة في العاصمة كاراكاس: “أقسم أن أتولى رسمياً صلاحيات السلطة التنفيذية الوطنية كرئيس لفنزويلا (…) للتوصل إلى حكومة انتقالية وإجراء انتخابات حرة”.

وبمجرد إعلان غوايدو، اعترف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، به رئيساً لفنزويلا، ودعا في تغريدة عبر تويتر، الدول الغربية، إلى الاعتراف به كذلك.

وقال البيت الأبيض: إن “الولايات المتحدة ستستخدم كامل قوتها الاقتصادية والدبلوماسية للضغط من أجل استعادة الديمقراطية في فنزويلا”.

وأعلنت منظمة الدول الأمريكية، والتي تشمل 24 دولة من بينها الأرجنتين، وبوليفيا، والبرازيل، وكولومبيا إضافة إلى الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، اعترافها برئيس البرلمان في فنزويلا خوان جويدو “رئيسا انتقاليا” للبلاد، فيما أيدت دول، بينها روسيا والمكسيك وكوبا وتركيا وبوليفيا، وسوريا وفلسطين، الرئيس مادورو، مؤكدة أنه الرئيس الشرعي للبلاد.

يأتي ذلك إضافة إلى تصريحات من وزير الدفاع الفنزويلي الجنرال فلاديمير بادرينو الخميس بأن إعلان رئيس البرلمان خوان غوايدو نفسه رئيسا للبلاد بالوكالة، يشكل “انقلابا”.

وأوضح خلال مؤتمر صحافي محاطا بكبار أعضاء قيادة الجيش “أنبه شعب فنزويلا الى انقلاب يتم ضد المؤسسات وضد الديموقراطية وضد دستورنا وضد الرئيس نيكولاس مادورو، رئيسنا الشرعي”.

وكرد سريع؛ أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة وطرد كافة الدبلوماسيين الأمريكيين من البلاد في غضون 72 ساعة.

وقال مادورو أمام مؤيديه: “لا نريد العودة إلى عهد التدخلات الأمريكية .. نحن الأغلبية ونحن شعب هوغو تشافيز، سنبقى في قصر الرئاسة مع أصوات الشعب الذي هو الوحيد من ينتخب رئيسا دستوريا لفنزويلا”.

واتهم مادورو وسائل الإعلام الدولية بالتلاعب بالوقائع وتجاهل مظاهرات مؤيديه، كما اتهم المعارضة بمحاولة الانقلاب على نظام الحكم.

في السياق، كتبت نتاليا بورتياكوفا، في صحيفة “إزفستيا”، مقالا تحت عنوان ” صعود مع انقلاب: كيف ظهر لدى فنزويلا رئيس ثان”، علقت فيه على إعلان رئيس البرلمان الفنزويلي نفسه رئيسا للبلاد، وتفاقم الأزمة مع اعتراف ترامب به رئيسا انتقاليا لفنزويلا.

وجاء في المقال: تغيير محتمل للسلطة في فنزويلا يمكن أن يتحول إلى حرب أهلية، يتبعها إدخال قوات حفظ سلام. في 23 يناير الجاري، أعلن رئيس الجمعية الوطنية خوان غوايدو نفسه رئيسا للبلاد. اعترف زعيم الولايات المتحدة، دونالد ترامب، به رئيسا انتقاليا لفنزويلا.

رأت موسكو في تصرفات الولايات المتحدة تدخلا في شؤون الدول الأخرى. وأشار رئيس لجنة الشؤون الدولية، قسطنطين كوساتشيف، إلى أن الولايات المتحدة سبق أن فعلت ذلك في دول الشرق الأوسط.

ووفقاً لخبير المعهد الروسي للأبحاث الاستراتيجية، إيغور بشنيشنيكوف، فإن هذا السيناريو تم وضعه مسبقا من قبل الولايات المتحدة، ولم يكن عفويًا: فقد أعلن الأمريكيون على مختلف المستويات دعمهم لزعيم المعارضة، و”ربما، يُطلب من مادورو، من أجل تجنب سفك الدماء، مغادرة البلاد. وإذا ما رفض، فإن فنزويلا مهددة بحرب أهلية وإدخال لاحق لقوات حفظ سلام”. بحسب المقال الذي ترجمته “روسيا اليوم”.

ووفقا للمحلل السياسي ألكسندر فيدروسوف، فإن ما يحدث لا يبشر فنزويلا بالخير. ويرى أن “الفوضى الواعية القادمة المدعومة أمريكيا تزعزع استقرار البلاد بشكل متزايد وتنقل عملياته السياسية من الشرعية النسبية على الأقل إلى عدم اليقين..  تستغل الولايات المتحدة الصعوبات الاجتماعية الحقيقية لمواطني فنزويلا لأغراضها الجيوسياسية، ما يزيد من تدهور الوضع في البلاد”.

فيما قال بشينيتشنيكوف: “إذا لم تحقق الجولة القادمة من” الثورة الملوّنة “في فنزويلا النجاح الأمريكي، فلا يمكن استبعاد استفزازات عسكرية خطيرة ضد كاراكاس من قبل جارتيها، كولومبيا والبرازيل. لا يمكن استبعاد احتمال أن تجبرهما واشنطن على إثارة نزاع عسكري مع فنزويلا، من شأنه وفقا لخطط الاستراتيجيين الأمريكيين، أن يؤدي إلى إزاحة مادورو من السلطة وتغيير سياسة البلاد الداخلية والخارجية”.

وكان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أدّى، الخميس 11 يناير الجاري، اليمين الدستوريّة، ليبدأ ولاية رئاسيّة من ستّ سنوات يعتبرها قسم من المجتمع الدولي، وفي مقدّمه واشنطن، غير شرعيّة مع التهديد بزيادة الضغط على النظام.

وقال مادورو بعد تلقّيه الوشاح الرئاسي من رئيس المحكمة العليا أثناء موكب تنصيب في كراكاس “أقسم باسم الشعب الفنزويلي (..) أقسم بحياتي” على خدمة البلاد.

ولم يؤدّ مادورو (56 عامًا) اليمين أمام البرلمان، المؤسّسة الوحيدة التي تُسيطر عليها المعارضة.

و”طاولة الوحدة الديمقراطية” مجموعة من القوى والأحزاب السياسية ذات توجهات يمينية -في غالبها- معارضة للنظام “الاشتراكي” الحاكم في فنزويلا. تتجمع هذه الأحزاب التي تصل إلى ثلاثين حزبا سياسيا ضمن إطار ائتلافي يطالب بإقالة الرئيس نيكولاس مادورو وتنظيم انتخابات مبكرة.

تأسس تجمع المعارضة الفنزويلية يوم 23 يناير/كانون الثاني 2008 من مجموعة من المنظمات السياسية المعارضة لنظام الرئيس الراحل هوغو شافيز، ويضم نحو ثلاثين حزبا أغلبها من اليمين، ورغم اتفاقها على معارضة النظام فهي تعاني من الفرقة والانقسام الداخلي خصوصا بين الجناح “المعتدل” يمثله إنريكي كابريليس، وآخر يوصف بالمتشدد على رأسه ليوبولدو لوبيز.

برز الائتلاف بعد رحيل شافيز، وشارك بالانتخابات الرئاسية التي جرت في العامين 2012، و2013، وفرضت السلطات عام 2017 عقوبات على أحد قادتها كابريليس، الذي نافس مادورو بانتخابات 2013 الرئاسية حيث منع في العام 2017 من ممارسة العمل السياسي.

ثم أصبح يتمتع بأغلبية الثلثين في البرلمان، بعد صعودهم في الانتخابات التشريعية عام 2015، وحصوله على 109 من أصل 167 عضوا بالبرلمان، و3 مقاعد لنواب كان القضاء قد علق عضوياتهم، لتحصل على 112 صوت، من أصل 167، ما منحه سلطات واسعة.

ورفض زعيم كتلة الشافيزيين في البرلمان والرجل الثاني بالنظام ديوسدادو كابيلو الاعتراف بهؤلاء النواب الجدد، وأعلن أنه سيرفع الأمر إلى المحكمة العليا، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، والتي قررت في يوم 12 يناير/كانون الثاني 2016 أن كل القرارات التي سيتخذها البرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة ستكون باطلة، لأنه تم تنصيب ثلاثة نواب من المعارضة بالرغم من تعليق عضويتهم من قبلها.

وعدد النواب أمر حاسم بالنسبة للمعارضة، فمع 112 نائبا بدل 109 تكون المعارضة قد انتقلت من ثلاثة أخماس عدد نواب البرلمان إلى الثلثين بحيث إنها مع العدد 112 تستطيع الدعوة إلى استفتاء وحتى تقليص ولاية الرئيس.

واتهم مادورو المعارضة بالسعي لزعزعة سلطته، وقال يوم 11 ديسمبر/كانون الثاني 2015 إن “هذا اليمين شغله الشاغل هو مواصلة خطته الثابتة لزعزعة الاستقرار والانقلاب عبر استخدام الدستور”.

ومنذ ذلك الوقت، دخلت المعارضة في صراع سياسي متصاعد مع نظام الرئيس، وسعت إلى استخدام أغلبيتها البرلمانية لتحقيق مكاسب سياسية، ومن ضمن القوانين الهامة التي أصدرها البرلمان قانون العفو عن المساجين السياسيين والمصالحة الوطنية الذي تبنته الجمعية الوطنية في الـ 29 من مارس 2016، ولكن الرئيس مادورو رفضه وأعلن أن “قانون الإفلات من العقاب لا يمكن أن يمر، إذا كنا نريد السلام فإن ذلك القانون لا يمكن أن يمر”.

ولاحقا، رفضت المحكمة العليا قانون العفو، وقضت الدائرة الدستورية في المحكمة بعدم دستوريته “لأنه يشجع على الإفلات من العقاب ويعرض عفوا عن جرائم غير مؤهلة لمثل هذه المعاملة”.

وكثيرا ما أيدت المحكمة مادورو في نزاعاته مع الهيئة التشريعية عقب فوز المعارضة المدوي في انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2015 التي أعطتها أغلبية الثلثين بالبرلمان.

ومع “تقييد” عمل البرلمان من قبل المحكمة العليا بدأت المعارضة خطوات أخرى للضغط من أجل إسقاط الحكومة، حيث حركت عريضة مطلبية تسعى من خلالها لإجراء استفتاء بشأن عزل الرئيس، وأعلنت بالثامن من يونيو 2016 أن اللجنة الوطنية للانتخابات قبلت تواقيع 1.3 مليون مواطن يلتمسون إجراء استفتاء بشأن عزل مادورو الذي تتهمه بقيادة البلاد إلى حافة الانهيار.

ولكن المجلس الوطني الانتخابي الموالي للحكومة أوقف تلك العريضة يوم 20 أكتوبر 2016 بذريعة وجود تلاعب في تلك العملية.

وفي نهاية مارس 2017 دخلت الأزمة بين المعارضة والرئيس (معززا بالمحكمة العليا) مرحلة حرجة، إذ أعلنت الأخيرة سحب صلاحيات البرلمان إليها، وتجريد النواب من حصانتهم فرد عليه النواب بالبدء في إجراءات لإقالة القضاة، ولكن المحكمة العليا تراجعت أول أبريل 2017 عن القرار بعد انتقادات داخلية وخارجية واسعة له.

وفي خطوة أخرى، أعلن يوم 7 أبريل 2017 عن منع أحد أبرز قادة المعارضة اليمينية كابريليس من تولي أي منصب حكومي لمدة 15 عاما، بسبب ما وصفته بـ “مخالفات إدارية” وقعت خلال حكم كابريليس لولاية ميراندا الشمالية التي ما زال يحكمها، ما سيمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2018.

وإثر ذلك بدأت المعارضة حملة احتجاجات واسعة، وقابلت حكومة مادورو تلك الاحتجاجات بقمع شديد، وسقط حتى مايو 2017 نحو 50 قتيلا في تلك الاحتجاجات والاشتباكات المتصاعدة.

وفي غمرة الاحتجاجات، وفي مسعى لاحتوائها على ما يبدو أصدر الرئيس الفنزويلي مرسوما بإعادة صياغة دستور جديد، ولكن المعارضة رفضت، ثم دعا للعودة إلى طاولة الحوار ولكن المعارضة رفضت أيضا، وطلب من الفاتيكان -حيث تتهم الحكومة الكنيسة بأنها لاعب أساسي إلى جانب المعارضة- المساعدة للعودة إلى الحوار.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.