الرئيسية » مقالات » مدحت الزاهد يكتب : نظرية أهون الشرين
مدحت الزاهد - رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي

مدحت الزاهد يكتب : نظرية أهون الشرين

كتب : مدحت الزاهد 

جمعتنى بالصديق والقيادى الكبير حسين عبد الرازق مواقف وذكريات لا تنسى أثناء رئاسته لتحرير الأهالى واليسار يجمعها حرصه على استقلال فريق العمل بعيداً عن تدخلات الإدارة ومحاولات السيطرة الحزبية من بعض القيادات على إدارة التحرير ومن هذه المواقف ان قيادة حزبية كانت تشغل موقعا قياديا بالانتخاب فى نقابة المحامين، التى دخلت فى نطاق متابعتى لفترة ،طلبت منى أن تطلع على ما أكتبه قبل أن أقدمه لإدارة التحرير ورفضت وأحتدم النقاش بيننا فتركت مؤتمراً كنت أغطيه وقلت ما دمت تتمتع بمهارة الصحفى أكتب أنت التقرير وأنصرفت . وطبعا أخبرت حسين عبد الرازق بما جرى فوافقنى وطلب منى عدم الاستجابة لأى طلب من هذا النوع ، حتى لو كان من خالد محيى الدين، وقال ” اللى عاوز يتناقش يكلمنى” ولم يكن هذا بالطبع تقليلا من قدر خالد . فالأستاذ خالد كان يحترم قاعدة عدم التدخل التفصيلى أو إصدار أوامر للمحررين ويفهم أن دور القيادة الحزبية هو متابعة توجهات الجريدة على ضوء خط الحزب وليس مطاردة المحررين ولم أتلقى منه أمراً بشأن يتعلق بعملى الصحفى يشمل طريقة إنجازه أو حتى لزومه لو تبين خطاه .. وفى مناسبة أخرى أختلفت أيضا مع قيادة حزبية رفيعة شغلت بالانتخاب موقعا فى نقابة الصحفيين وتهادنت أثناء لقاء أستضاف فيه مجلس النقابة زكى بدر وزير الداخلية وقتها لتسوية خلاف أحتدم بين الصحفيين والداخلية وخرج زميلنا التجمعى يتلو بيانا يقول نصه أدان المجتمعون تجاوزات بعض الصحفيين ضد بعض رجال الأمن وتجاوزات بعض رجال الأمن ضد بعض الصحفيين ! وكانت مأساة وشملت تغطيتى إبرازا لتطاول زكى بدر على بعض اعضاء مجلس النقابة وانسحاب ثلاثة من اعضاء المجلس وثورة الصحفيين على بيان سكرتير النقابة القيادى بالتجمع الذى تدخل بقوة لضبط النشر ورفض حسين عبد الرازق ، بل كتب صلاح عيسى مدير التحرير بقلمه الرشيق الساخر مقالاً متميزا عن بيان بعضشى .. سخرية من بعض وبعض وسأل ماذا كان سيقول اللواء بهاء مساعد وزير الداخلية غير ما قاله بيان النقابة الهزيل. وكان حسين عبد الرازق من أكثر رؤساء التحرير إيمانا بأنه مع التزام الجريدة بخط الحزب وهذا حق الحزب، ولكنه الخط الذى ورد فى أدبياته ، وليس خط الموازنات اليومية، يلزم ألا تتدخل ادارة الحزب فى ادارة التحرير وان الترجمة الصحفية للتوجهات شأن خاص بالتحرير يحاسب عليه هو امام اللجان الحزبية . ويتصل بهذا ايضا أن الاهالى واليسار فى فترة حسين كانت تفسح مساحة لنقد الحزب وللخلافات الحزبية ودلرت على صفحاتها مناقشات مهمة خلافية حول طبيعة التجمع والولاء المزدوج ونظرية أهون الشرين التى وفرت غطاءاً للتهادن مع مبارك فترة صعود العمليات الإرهابية باعتباره أهون الشرين وهو ماكان يوجب ضبط أداء الحزب والجريدة . والحقيقة أن إنتصار خط اهون الشرين هو السبب الحقيقى للاطاحة بحسين عبد الرازق فنفس الفريق الذى صنع مجدها كان متهماً بإفشالها، ولكن لم يكن ممكناً ضبط الخط مع استمرار نفس رموز مرحلة المواجهة. وهو أمر لم يرتبط فقط بلحظة احتدام الصراع بل كان له تفاعلات كثيرة ارتبطت بالإستجابة لتفاعلات الحملة على التجمع بعد يناير ٧٧ ومبادرة السادات وكامب ديفيد ورسم خطوط حمراء للأحزاب والنقابات والصحافة والعمل المدنى بشكل عام.
والصراع حول هذه القضايا لم يكن صراعا بين أخيار وأشرار ، فقد انهمك فيه على الجانبين قيادات كبيرة، بل كان الصراع بين ميول وتوجهات انحاز فيها حسين عبد الرازق للجانب الصحيح
ويتناول حسين فى كتابه الأهالى جريدة تحت الحصار بعض ملامح هذه الفترة وباختصار فإن إجهاض تجربته كان حصاداً لتجربة التعددية المقيدة أو الأحادية فى قالب تعددى ، ونظرية الحزب = الجريدة والمقر وقد تدهورت هذه المعادلة الآن واصبحت سمع هس والادارة بطريقة الثكنة .. والحديث عن حسين والاهالى واليسار يطول ولنا عودة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.