قلتلن بلدنا عم يخلق جديد
لبنان الكرامة والشعب العنيد
عاشت لبنان يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين في ترقب وقلق بسب اندلاع أكثر من 140 حريقاً في الغابات والأحراش، خلال 24 ساعة.والتهمت الحرائق مساحات واسعة من لبنان وهددت منازل المواطنين من الشمال إلى الجنوب جراء ارتفاع درجات الحرارة، في وقتٍ أعلن فيه الصليب الأحمر اللبناني أن الحرائق التي تعرّضت لها البلاد “هي الأكبر والأخطر”.
كما شهدت لبنان إضراباً جزئياً لأصحاب المخابز والأفران الإثنين الماضي وذلك نتيجة شح الدولار.وقد أوضحت نقابة أصحاب المخابز والأفران أن “المخابز تبيع بالليرة اللبنانية لكنها مضطرة لتسديد سعر القمح بالدولار الأمريكي، مما يفرض عليها خسائر كبيرة نتيجة تفاوت سعر صرف الدولار، وعدم وجود سعر صرف ثابت في الأسواق”.
كذلك شهدت لبنان أزمة محروقات متقطعة على مدار الأسابيع الماضية، تمثلت في إضراب محطات الوقود احتجاجاً على شح الدولار المستعمل في عملية تأمين المحروقات للسوق اللبناني.
وفي إطار أزمة الدواء المرتقبة، تشير المعلومات إلى أن كميات الأدوية المتوافرة في المستودعات في لبنان قد تنفد تدريجياً، ما لم تُحل أزمة تأمين الدولار لمستوردي الأدوية. وفي التاسع من الشهر الجاري، أكد نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة أن “أكبر مستورد للأدوية لا يملك اليوم مخزوناً لأكثر من ثلاثة أشهر، ولم يعد بالإمكان الاستمرار بتأمين الدولار من الصرافين بنحو 1600 و1650 ليرة”.
يوضح المحلل السياسي والخبير الاقتصادي سامي نادر: “أزمة اقتصادية هي الأقسى، تُترجم بالحياة اليومية من غلاء الأسعار وتأثر القدرة الشرائية للمواطن، وبطالة مستشرية وفساد معمم وأخيراً شح بالدولار في اقتصاد مدولر”.ويربط الخبير الاقتصادي أزمة السيولة “بانقطاع أموال السياحة والصادرات والاستثمارات الخارجية وتململ القطاعات التي كانت تدر للبنان عملة خارجية تمكنه من تغطية العجز الحاصل في الميزان التجاري بالإضافة لعجز الخزينة”.
ويضيف: “الدولة اللبنانية تنفق أكثر بكثير من قدرتها الاقتصادية، إذ يتم إنفاق 19 مليار دولار ببلد كل ناتجه القومي 5 مليارات دولار، واستدانت (الدولة) على حساب الأجيال القادمة لدرجة تعاظمت فيها فاتورة الدين حدّ التوقف”.ولا ينكر نادر أن الجهات المعنية وأصحاب القرار تأخروا جداً عن الحلول التي لا يمكن أن تتأتى إلا بتقليص النفقات أقلها 4 مليارات دولار وإلا سيكون لبنان مهددا بانهيار حقيقي، وفق تعبيره.
لكن أي تقليص نفقات قد يحصل والمهلة الدستورية لإحالة الحكومة اللبنانية مشروع موازنة العام 2020 لمجلس النواب قد انتهت في 15 أكتوبر الجاري، ما يطرح من جديد علامات استفهام حول جدية الدولة اللبنانية في إدارة الأزمات التي تعصف بالبلاد.
وفي 29 سبتمبر الماضي انطلقت سلسلة احتجاجات شعبية من وسط العاصمة بيروت إلى مختلف المناطق اللبنانية، تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية، في ظل أزمة شحّ الدولار، والحديث عن فرض ضرائب إضافية على المواطنين، في موازنة عام 2020.ولم يعد بإمكان المواطنين تحمل غلاء المعيشة الناتج عن تدهور الوضع الاقتصادي، والذي ترافق مؤخرا مع ارتفاع سعر صرف الليرة في السوق السوداء إلى أكثر من 1600 مقابل الدولار الذي بات من الصعب جدا الحصول عليه.وسجل الاقتصاد اللبناني في العام 2018 نموا بالكاد بلغ 0,2 بالمئة، وقد فشلت الحكومات المتعاقبة بإجراء إصلاحات بنيوية في البلد الصغير الذي يعاني من الديون والفساد.
يعاني لبنان من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية. ويقدر الدين العام اليوم بأكثر من 86 مليار دولار، أي أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وتبلغ نسبة البطالة أكثر من 20 في المئة.
وتعهدت الحكومة العام الماضي بإجراء إصلاحات هيكلية وخفض العجز في الموازنة العامة، مقابل هبات وقروض بقيمة 11,6 مليار دولار، لكنها لم تتمكن من الوفاء بتعهداتها.
كما اصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني بيان قال فيه :
لقد استبيحت أبسط حقوق المواطنين، وبالتحديد الفقراء عبر فرض المزيد من الضرائب غير العادلة عليهم، حيث تتابع أطراف الحكومة الحالية في اقرار المزيد من الضرائب غير المباشرة والانقضاض الممنهج على وظيفة الدولة وتقاسم ما تبقّى من مؤسسات، والسعي الحثيث لبيع المرافق العامة وخصخصتها بأبخس الأثمان، كما حصل مع المرفأ، بما يخدم مصالح الاحتكارات، وما رشح عن زيادة تعرفة خدمات الواتس اب وزيادة البنزين تحت غطاء ما يسمونه مشاريع إصلاح وتخفيف العجز وزيادة الإيرادات.
الى المواجهة في الشارع، ضمن خطة تصعيدية بمختلف أشكال التحرك، فلا إنقاذ من دون تغيير، ولا تغيير من دون مواجهة؛ لاسقاط هذه المنظومة الحاكمة وسياساتها، الى الشارع، في بيروت وكل المناطق اللبنانية لتأكيد رفضنا للامعان المستمر في سرقة اموال الشعب اللبناني.
ومساء أمس الخميس تفجرت بركان الغضب في مظاهرات حاشدة عمت كل المدن والبلدات اللبنانية ضد الأزمة وضد المصارف وفرض ضرائب جديدة علي كاهل المواطنين.