يجرى الآن طى صفحة الحرب المريرة المدمرة فى سوريا . المعارضة خسرت الحرب . ولايوجد سيناريو متخيل لنظام الأسد أفضل مما يحدث اليوم .فقبل عام كانت الفصائل المسلحة منتشرة فى كل محافظات سوريا تقريبا وبدون استثناء . الآن وبعد السيطرة على درعا ، ثم القنيطرة فى الجتوب ، ثم توقيع الإتفاق المثير مع قوات سوريا الديموقراطية الكردية ، الحليف السابق للولايات المتحدة ، و الذى بموجبه تعود الحسكة و الرقة ، وبالتالى حقول النفط ، طوعيا وسلميا لسيطرة السلطة ضمن اتفاق لللامركزية ، لم يبق خارج سيطرة الاسد سوى إدلب ، ومن المتصور أن تجرى تسوية بشأنها قريبا .
هنا الدور الروسى حاضر وبقوة . ولكن من المهم الإشارة إلى ان هذا الدور ليس فقط القوة العسكرية و الطائرات الحربية و الأسطول . إنه وجود سياسى جديد فى المنطقة يستند لتحالفات واسعة جديدة و إلى تحول روسيا من دور الإتحاد السوفيتى القديم المناصر لحركات التحرر ، لدور جديد متوافق مع الطبيعة المحافظة و البرجماتية لنظام بوتين . وقد تمدد هذا الدور فى منطقة الشرق الاوسط ، و أتخيل وعالميا أيضا ، لوجود فراغ استراتيجى كبير ناتج عن التخبط و الإرتباك الأمريكى و الغربى . وتتقدم روسيا بوتين المحافظة ، ولكن العقلانية أيضا ، لملا هذا الفراغ أو للإستفادة منه ، وتحولت بدرجة كبيرة لوسيط مقبول بين الأطراف الممتنازعة المختلفة .
لقد توصل هذا الوسيط فى الفترة القصيرة السابقة لتفاهمات وتسويات بين الأطراف المتنازعة والمتصارعة شملت سوريا وتركيا ، و الأكراد وسوريا وتركيا ، و إسرائيل وسوريا ، و إسرائيل و إيران . وبدون تلك التسويات ودور الوسيط ذلك ماكان من الممكن الإقتراب من طى صفحة الحرب . المثير جدا ان تتحول روسيا بالذات لوسيط بين العرب و إسرائيل بعد تعثر الوسيط الامريكى فى مهمته التقليدية ، لدرجة أن زيارات نتنياهو لروسيا و لقائاته ببوتين تعددت و أصبحت شبه دورية، وتجاوزت فى عددها زياراته لأمريكا بعدة أضعاف.و أضيف أن مصر هى التى لازالت شبه غائبة عن هذا الحراك ، على عكس ما أوحت به بدايات السيسى .