أطلقت حملة #الرئيس_في_الميزان التي دشنها حزبا التحالف الشعبي الاشتراكي وتيار الكرامة بيانها الأول تحت عنوان #الرئيس_والغلاء ، والذي حللت فيه الأوضاع الإقتصادية والاجتماعية للشعب المصري في ظل السياسات التقشفية التي أتبعتها السلطة خلال السنوات الأربع تنفيذاً لتوصيات صندوق النقد الدولي ما أدى بتدهور أوضاع المصرييين الإقتصادية بشكل عام و أسقط العديد من أبناء الطبقة المتوسطة إلى هوة الفقر تحت مسمى التقشف
وفيما يلي نص البيان التحليلي :
#الرئيس_في_الميزان
الرئيس والغلاء
يعد الغلاء المشكلة الأولى التى يعانى منها المصريون اليوم . ويعد مع عجز الموازنة وانفلات الدين العام عموما ومعه الدين الخارجى بشكل خاص أبرز مؤشرات الأزمة الإقتصادية الراهنة التى قادتنا لها سياسات الرئيس. ويتميز الغلاء بشكل خاص بين المشكلات الإقتصادية الأخرى بأنه الظاهرة التى يشعر بها المواطنون بشكل مباشر لأنها تتصل بحياتهم اليومية ومعيشتهم فى كل مناحيها ، إذ يتعرض مستوى معيشتهم نتيجة لهذا الانخفاض بشكل مطرد ، ويصبحون عاجزين عن الوفاء باحتياجاتهم المعيشية الأساسية ، ولهذا كان الغلاء ومايزال احد الأسباب الرئيسية للإحتجاج الجماهيرى ضد سياسات الإستغلال والتمييز و الظلم الإجتماعى.
أولا – تطور الغلاء ( التضخم ) و أبعاده
الغلاء هو إرتفاع الأسعار أو مايعرف بالتضخم . وهو يقاس بعدة طرق ، و أكثرها شيوعا هى طريقة الرقم القياسى لأسعار المستهلكين ، الذى يحدد على أساس الزيادات الشهرية و السنوية لسلة مختارة من السلع و الخدمات التى يستهلكها المواطنون.
وتقليديا شهد الإقتصاد المصرى معدلات مرتفعة للتضخم و الغلاء بفعل سياسات الإنفتاح العشوائى التى شهدتها مصر على مدار الأربعين عاما الماضية.
و إذا أتينا لموجة التضخم و الغلاء التى نعيشها اليوم ،لوجدنا أنها أكبر و أعتى موجة غلاء يعيشها المصريون على الإطلاق . ففى فترة مابعد ثورة يناير المجيدة ، حافظ الإقتصاد المصرى عموماً على معدل للتضخم تحت الخط الاحمر المذكور ( يعنى أقل من 10 فى المائة ) . ولكن فترة رئاسة السيسى تميزت بتضخم صاعد وزاحف بالتدريج حتى وصل لرقم غير مسبوق .
فقد تزايد معدل التضخم تدريجيا من 6.7 % فقط عام 2012- 2013 إلى 10.3 % فى عام 2013 -2014 ، ثم واصل الإرتفاع مجددا ليصل إلى 16.4 % فى شهر أغسطس 2016 .
ومع الحصول على قرض صندوق النقد الدولى ، بعد تقديم الحكومة المصرية لخطاب النوايا له ، وتوقيع الإتفاق مع الصندوق ، قفز التضخم و الغلاء قفزة هائلة اخرى تتجاوز 100% ، بمعنى آخر فإن الغلاء أو التضخم تضاعف فى 4 سنوات فقط بما يصل إلى 350 % ، وهذه أعلى نسبة غلاء يشهدها المصريون.
ثانيا أسباب و سمات موجة الغلاء الراهنة
نستطيع إذن أن نرى أن موجة الغلاء و التضخم الحالية ،مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسياسات الإقتصادية للرئيس،و ان الإتفاق مع صندوق النقد الدولى قد ادى لزيادة التضخم وليس خفضه على خلاف ماهو معلن من أهداف لهذا الإتفاق.
و الأسوأ فى الامر هو ان الإقتصاد المصرى يعانى حالة من الركود التى يستشعرها الجميع.متزامن مع التضخم ، وهو ما يسمي الركود التضخمي.
وبالإضافة لما سبق ،تتميز موجة الغلاء الراهنة بأنها تجرى بالتوازى مع توجه حكومى و صندوقى لوقف الزيادات فى الأجور ، وخفضها عمليا بشكل متواصل ، وذلك سواءا من زاوية الأجر الحقيقى ، أو نسبة الأجور فى الإنفاق العام .فقد انخفضت بشكل كبير منذ عام 2014 ، مما يؤدى لمزيد من الضغط على الجماهير، ويوضح أن أسباب الغلاء لايدخل فيها أجور العاملين كما يدعون ، بل السياسات غير الرشيدة ، ونشير هنا فقط إلى ان نسبة الاجور فى إجمالى الإنفاق الحكومى تنخفض سنويا بشكل مطرد ، حيث كانت 24.5 % فى عام 2013-2014 ،بينما تصل فى الموازنة الحالية إلى 16.1 % فقط .
إن الموزنة أصبحت موجهة لسداد الفوائد وخدمة الديون ، ومن المهم هنا أن نشير إلى إن عبئ التضخم يقع على المواطنين بشكل غير متساوى ، هذا مع التسليم بصحة الأرقام الحكومية . فالغلاء بنسبة 35 % هو متوسط عام ، ولكن أسعار السلع تزيد بنسب مختلفة ، ومن الثابت أن أكبر نسبة للزيادة هى لأسعار السلع الأساسية التى ينفق الفقراء معظم دخلهم عليها.
ونشير هنا لان أسعار الطعام و الشراب الذى يهم الفقراء زادت وفق الارقام الرسمية بنسبة 43 % ، بينما زاد سعر الخبزبنسبة 48 % ، وسعر الزيت بنسبة 59.9 % ، والسكر بنسبة 86.3 % .
إن أسباب موجة الغلاء الراهنة متعددة ، وترجع إلى فشل الرئيس حتى الآن – على خلاف ماهو معلن – فى السيطرة على عجز الموازنة العامة ، حيث يصل العجز هذا العام إلى 370 مليارجنيه ، ومن الممكن ان يزيد عن ذلك ، ثم رفع الدعم عن السلع الرئيسية وفى مقدمتها الطاقة و الكهرباء ، بما ينعكس على مجمل الاسعار ، وتعويم الجنيه بما أدى لارتفاع سعر الدولار فى مواجهته من حوالى 8 جنيهات إلي 18 جنيها ، ثم المشروعات غير الإنتاجية الكبيرة غير المدروسة جيدا وبخاصة من زاوية الأولويات،من طرق صحراوية وتفريعة قناة السويس ،والعاصمة الجديدة …إلخ،ورفع أسعار الفائدة أكثر من مرة مما كلف الخزانة العامة مبالغ طائلة إضافية، وزاد من عجز الموازنة .
ولابد أن نشير فى النهاية للسياسات الإحتكارية لعدد من الشركات الكبرى فى مجالات مختلفة كالحديد و الدواء و المحمول ، وهى سياسات إستغلالية تتساهل معها الحكومة .
ثالثا – الآثار الإجتماعية و الإقتصادية للتضخم و الغلاء
كما نرى فإن الغلاء هو العدو رقم واحد لجموع العاملين و الجماهير الشعبية و الطبقة الوسطى، إنه يحملهم أعباءا كبيرة ، ويؤدى لخفض أجورهم الحقيقية ، ونهب مدخراتهم ، وخفض مستوى معيشتهم،وزيادة معدلات الفقر، حيث تشير التقديرات إلى انها تجاوزت عتبة ال60 % ، بعد هذه الموجة الضارية للغلاء .
وعلى الجانب الآخر فهناك فئات مستفيدة من التضخم.إنهم أولا أصحاب الودائع بالعملات الأجنبية،الذين استفادوا من زيادة سعر الدولار استفادة كبيرة ، و الشركات الأجنبية التى تريد شراء الأصول المملوكة للشعب التى تطرحها الحكومة للبيع ، و المضاربون الأجانب من أصحاب الأموال الساخنة الذين يربحون من أسعار الفائدة العالية جدا التى تدفعها الحكومة المصرية على أذون وسندات الخزانة المصرية ، وكافة الشركات الإحتكارية التى تستفيد من الفوضى المصاحبة للغلاء وتغنم أرباحا مضاعفة .
ويعنى هذا أن التضخم و الغلاء ليس مجرد سياسة للإفقار العمدى للجماهير ، بل هو مع ذلك مخطط لإعادة توزيع الدخل القومى لصالح قلة من رأسمالية المحاسيب.
من أجل ذلك كله فإن الغلاء هو محور بارز لنضالنا مع جماهير الشعب المصرى ، بالطبع يمكننا دائماً تبنى كافة الشعارات المطلبية للجماهير و العاملين لتحسين اوضاع العمل وزيادة الأجور،ويمكننا تجميع الجماهير والقوى الشعبية ضد الزيادات الفاحشة فى الأسعار و الممارسات الإحتكارية ، ولكننا مع ذلك ، ينبغى أن نناضل ضد أسس تلك السياسات ، وفى صلبها الإتفاق المشؤوم مع صندوق النقد الدولى ، التوسع فى الديون،وفرض إجراءات تقشفية ، وتحميل الأعباء علي الجماهير العاملة و الشعبية.
وكل ذلك لايكمله إلا سعينا من أجل سلطة جديدة ديموقراطية منحازة للأغلبية وليس الأقلية، ولمبادئ وأهداف و شعارات ثورة يناير فى العيش و الحرية و العدالة الإجتماعية و الكرامة الإنسانية .
حملة الرئيس في الميزان