انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات العامة في إسبانيا وتوقعات بفوز ‘‘الحزب الشعبي’’ وخسارة الاشتراكيين
في عربي ودولي
يونيو 11, 2016
392 زيارة
انطلقت الحملة الدعائية الخاصة بالانتخابات العامة، التي ستشهدها إسبانيا في السادس والعشرين من الشهر الجاري، لتحديد من يقود البلاد في الأربع سنوات المقبلة.
وتعدّ هذه الانتخابات الثانية من نوعها بعد مرور نصف سنة على إجراء انتخابات عامة لم ينجح فيها أي حزب في تشكيل الحكومة.
وهذه هي المرة الأولى في تاريخ الديموقراطية الإسبانية التي يجد فيها المواطن الإسباني نفسه مدعوّاً للعودة للتصويت من جديد، بعد عدم إمكانية تشكيل الحكومة.
ويتخوّف الإسبان من أن تفرز صناديق الاقتراع نفس نتائج انتخابات 20 ديسمبر/كانون أول الماضي بسبب عدم توفّر أي حزب على أغلبية مطلقة، بل والفشل حتى في الحصول على أغلبية نسبية.
وسبق لـ ‘‘الحزب الشعبي’’، الفائز في الانتخابات السابقة، أن قدّم اعتذاراً للملك الإسباني، لعدم قدرته على ضمان أغلبية مريحة لتشكيل الحكومة.
وتولّى زعيم الاشتراكيين الإسبان المهمة، لكنه فشل فيها لمرتين متتاليتين بعد عقد تحالف مع حزب ‘‘ثيودادانوس’’ اليميني، في وقت رفضت الأحزاب اليسارية الأخرى دعم الحكومة لأنها لن تلبي التطلعات، بسبب وجود حزب يميني في التحالف..
وشهدت الانتخابات السابقة، والتي ستعاد في هذا الشهر، إنهاء سيطرة الحزبين التقليديين، بعد دخول أحزاب جديدة لمعترك الانتخابات العامة لأول مرة، وحصدها نتائج إيجابية أربكت حسابات الغريمين التقليديين.
وحسب استطلاعات الرأي، التي قام بها ‘‘مركز البحوث الاجتماعية’’، المعروف اختصاراً بـ (cis)، المتخصص في استمزاج الآراء وإعداد الدراسات الاجتماعية، فإن ‘‘الحزب الشعبي’’ سيحافظ على تقدّمه، لكن بخسارته لمقعدين إلى ثلاثة، وذلك بحصوله ما بين 118و121مقعداً مقارنة مع انتخابات 2015.
فيما سيحتل التحالف المشكّل ما بين حزبي‘‘ بوديموس’’ و‘‘اليسار الموحد’’، بالإضافة إلى أحزاب محلية، على المرتبة الثانية، باحتمال حصوله على مقاعد ما بين 88 و92 أي بنسبة %25,6.
وكان حزب ‘‘بوديموس’’، الذي يحلو لخصومه أن ينعتوه بـ “الحزب الشيوعي” و”صنيعة فينزويلا”، قد فاجأ المتتبعين في انتخابات 2015، بعد احتلاله للمركز الثالث بـ 69، فيما حصل حليفه ‘‘اليسار الموحد’’، الوريث التاريخي للحزب الشيوعي الإسباني، على المراتب المتأخرة بمقعدين، بعد خسارته لتسعة مقاعد، حيث فقد فريقه النيابي مما جعل وضعيته جدّ حرجة.. لكنه يمتلك قيادة جديدة وشابة تواصل رسالتها معتمدة على خطاب سياسي واقتصادي نقدي قريب من المواطنين
لكن المفاجأة الكبرى لاستمزاج الرأي تتمثل في تراجع ‘‘الحزب الاشتراكي العمالي’’ إلى المرتبة الثالثة، خلف تحالف ‘‘بوديموس’’ و‘‘اليسار الموحد’’، باحتمال حصوله على ما بين 78و80، أي بنسبة21% وخسارته لـ12مقعداً، مقارنة مع الانتخابات السابقة.
فيما سيحافظ حزب ‘‘ثيودادانوس’’ على المرتبة الرابعة، لكنه من المحتمل أن يحصل على 38 أو 39 مقعداً، أي أنه سيفقد مقعداً أومقعدين، مقارنة مع النتيجة التي حصل عليها في الانتخابات الأخيرة.
وتبقى استطلاعات الرأي تقريبية ونسبية، وتؤخذ على سبيل الاستئناس فقط، لمعرفة نوايا الناخب الإسباني، والتي يمكن أن تتأثر بأجواء الحملة الانتخابية، ومواقف المرشحين، بالإضافة إلى المناظرات التلفزيونية التي ستشكل فاصلاً للعديد من المتتبعين والناخبين في تقرير واختيارالمرشح الأكثر إقناعا لهم.
يذكر أنه لأول مرة عوض أن تكون المناظرة التي كانت تجمع تاريخياً، وإلى غاية الانتخابات السابقة، بين الحزبين التقليديين، فإن المناظرة المقبلة ستجمع بين زعماء الأحزاب الأربعة، بعد موافقة زعيم ‘‘الحزب الشعبي’’ على الحضورعوضاً عن إرسال قيادية من حزبه، كما فعل سابقاً، نظراً لرفضه المناظرة مع وافدين جديدين.
وفيما يواجه‘‘ الحزب الشعبي’’ من طرف خصومه بتهم الفساد التي تورط فيها مجموعة من قيادييه مركزياً ومحلياً، ثم سياسة التقشف التي انتهجها، والتي كانت لها تأثيرات اجتماعية مسّت بالخصوص الفئات الأقل دخلاً، فإنه سيقدّم نفسه على أنه الحزب الذي أدارالبلاد في أزمة اقتصادية ورثها عن سلفه في الحكم.
لكن‘‘ الحزب الاشتراكي الإسباني’’ سيذكّر الإسبان بكونه الحزب الذي دافع عن الجانب الاجتماعي والحقوق والحريات الاجتماعية والفردية، رغم الأزمة التي أصابت البلاد، وبتجربته السياسية في الإدارة ودوره التاريخي في الخروج من النفق المظلم، وصموده أمام كل الأعاصير.
وبالمقابل سيسعى التحالف الجديد إلى تقديم نفسه على أنه الضامن للتغيير نحو الأفضل، وبأنه قادرعلى معالجة الملف الاجتماعي والاقتصادي للإسبانيين باقتراح وصفات تعتمد بالأساس على الاقتراب من المواطن المتأثر بالأزمة واتخاذ إجراءات تحدّ من الجشع والفساد.
فيما يدخل حزب ‘‘ثيودادانوس’’، ذو التوجه الليبرالي، الانتخابات مركزاًعلى أنه يغلّب مصلحة إسبانيا فوق كل اعتبار، لذلك دخل في تحالف مع حزب اشتراكي، لمحاولة تشكيل حكومة التي لم يكتب لها الوجود كما أنه يقدّم نفسه بديلاً عن “الحزب الشعبي”، الذي أنهكه الفساد، وبأن حزبه يتميز بالشفافية ونظافة اليد.
و تتفق الأحزاب في نقطة واحدة، رغم اختلافاتها وتنوع مشاربها، أنها غير مستعدة للعودة إلى انتخابات جديدة، مهما كانت نتائج السادس والعشرين، وأن عليها أن تبني تحالفات لتشكيل حكومة، بأي ثمن، لتجنب التذمر الذي بدأ يشعر به الناخب الإسباني، بسبب فشل النخبة السياسية، حيث ألقى كل حزب اللوم على الطرف الآخر، وباعتبار أن التمويل الانتخابي يخرج حتماً من جيوب الإسبان التي عانت كثيراً من مخلفات أزمة اقتصادية بالإضافة إلى استفحال ملفات الفساد التي تزكم رائحتها الأنوف.
اختيار المحرر 2016-06-11