ضد املاءات “دولة الكفيل” والتقسيم الطائفى والمذهبى وحروب التدخل
يتابع حزب التحالف الشعبى الاشتراكى تسارع الأحداث السياسية الجارية على مستوى المنطقة والعالم شاملة صعود التنظيمات الارهابية وفى مقدمتها داعش والنصرة والقاعدة، وغيرها من تنظيمات الارهاب الاسود برعاية من قوى دولية واقليمية وعربية وفرت غطاءا لاشعال صراعات مذهبية طائفية ولمحاولات تفتيت وتقسيم الدول العربية واعادة الجماهير التى وحدتها ميادين الحرية الى هويات طائفية ومذهبية متنازعة ، كوسيلة للهيمنة ،.
و بلغت التهديدات مسوى جديدا بتدخل قوات الناتو من جديد فى ليبيا واعلان الكيان الصهيونى الاسرائيلى عزمه على ضم الجولان مع استمرار سياساته الرامية لتهويد القدس وتوسيع كتلة المستوطنات وحصار الشعب الفلسطينى . كما تشمل التهديدات الاثار السلبية لصراع المحاور السعودى – الايرانى وامتدادته فى المنطقة و تهديد دول كالسعودية تركيا بالتدخل العسكرى المباشر فى سوريا ، فضلا عن النتائج المأسوية للحرب على اليمن و محاولات النظام السعودى للعب دور الدولة الكفيل فى المحيط العربى ، وربط مساعداتها لمصر وباقى الدول بالانصياع لارادتها وتحويل النظام العربى الى فرع لمجلس التعاون الخليجى، والجيوش العربية الى وحدات لقوات “درع الجزيرة” ليصبح عنوان التضامن العربى السير خلف السياسات الطائفية المغامرة للنظام السعودى، على نحو ما جرى اخيرا فى اجتماع وزراء الداخلية العرب بإعلان حزب الله منظمة ارهابية ، وهو القرار الذى لم يتخذ ضد جماعات الارهاب التى نشأت تحت الرعاية السعودية والامريكية.
فى هذا الإطار ينظر حزبنا بقلق إلى بعض أنماط الاستقطاب الإقليمى الذى تتحكم فيه القوى الخارجية ، ومناورات القوى الرجعية فى المنطقة العربية والشرق أوسطية ، فى محاولة مكشوفة لعزل مصر بل وتقزيمها وضرب كل محاولة لإعادة التوازن لعلاقاتها الدولية والابتعاد بجيشها عن فخ الغرق فى مستنقع الحروب الاهلية والطائفية والمذهبية ، فى الوقت الذى لا يسعى فيه النظام بجدية لأى دور إقليمى فعال يتيح للشعب مصر ما يصبو إليه من حضور يتناسب وتاريخ نضاله على المستوى الدولى والعربى …
ونحن نضع فى اعتبارنا دائما أن الموقف الداخلى فى مصر ، وطبيعة الأوضاع السياسية والاقتصادية داخل الوطن العربى تؤثر بالضرورة على تحديد المواقف الخارجية ، وقدرتنا على المشاركة الإيجابية إزاء استمرار الموقف السلبى المهين لسمعة الوطن وكرامته ، إن ذلك يعود بنا إلى كل الممارسات السلبية للنظام السابق على ثورة 25 يناير 2011 التى قامت من أجل الحرية والكرامة …
إننا نسجل أن الهامش الإيجابى المتاح فى موقف مصر المتحفظ على التوجه الخليجى المدمر فى سوريا واليمن وليبيا ، وقدرة مصر على محاصرة العمليات الإرهابية الدولية على أرضها رغم المفهوم الأمنى الضيق الذى ينطلق منه هذا الموقف ، كان يمكن أن يتيح لمصر موقفا أفضل وأكثر فعالية ، تجاه النظام الصهيونى ، ومع الشعب الفلسطينى ، وتجاه الصراع الخليجى الإيرانى ، والحفاظ على مكتسباتنا فى الساحة اللبنانية ، أملا فى ضبط التوازن السياسى هناك . هذا إلى جانب إمكانيات التقارب المناسب مع دول المغارب العربية …
ويهم حزب التحالف الشعىبى أن يحذر من تردد وعجز مؤسسات الحكم عن اتخاذ الخطوات المناسبة لاستثمار ما يمكن أن يكون إيجابيا فى تلك الصراعات ، بسبب طبيعة سياستها الاقتصادية والسياسية الداخلية …الأمر الذى جعل شعبنا يعيش توترات بائسة من الترويج للنزعات الطائفية إقليميا وداخليا ، بينما ظل صوتنا مكتوما فى الرفض الحاسم المكشوف لتوجهات تهدد الامن القومى المصرى والعربى مراضاة للاطراف المانحة اقليميا والمتغترسطة دوليا ليواصل الخطاب الرسمى الحديث عن التحالف الاستراتيجى مع امريكا وتوسيع معاهدة السلام والتطبيع مع اسرائيل والصمت على الدول الراعية للارهاب ، وهو ما يهدد خطوات اعادة التوازن لعلاقاتنا ورفض محاولات تقسيم دول المنطقة وتهديد وحدتها وسيادتها على اراضيها تحت غطاء طائفى ومذهبى.
ونؤكد هنا على اهمية وضوح بوصلة تستجيب لمصالح الشعب بعد أن وصل بؤس الأسلوب الغوغائى تجاه الرفض الشعبى الأصيل للتطبيع مع إسرائيل الى تحويله لتهريج سياسى ، يبعث بمختلف الرسائل السلبية عن الصراع الداخلى دون أن يعبر عن الرفض الحقيقى لتحالف الصهيونية والإمبريالية فى المنطقة ضد الأوضاع الداخلية فى مصر
وتأكيدا لتأثير السياسات الداخلية على الموقف نشير إلى أن اعتماد القروض والاستثمارات الأجنبية والمديونية المتزايدة ،، كمنقذ رئيسى للنظام إلى العالم ، فى وقت تتحمل فيه الجماهير كل أعباء مرحلة المعاناة القائمة ، بينما تتمتع الطبقة العليا من تجار ومحتكرين ومؤسسات الحكم البيروقراطية وغيرها بكل الامتيازات ، والقدرة على محاصرة اجراءات الدولة الضرورية لتنظيم الضرائب وعائدات الأرض وتنمية الصادرات وإحياء الصناعة الوطنية ، بما يؤدى بقوى ضغط كل هذه العناصر على السلطة ضد اتخاذ الموقف المناسب من المقرضين والدائنين والمانحين ، ومسميات الاستسلام جميعا للضغط الخارجى ؛ عربيا وأمريكيا وأوربيا . بل إن هذا الاستسلام للسياسة المشوهة فى العلاقة بالخارج أو رأس المال ومحتكريه ، بات ينعكس على حرية تعبير الشعب عن نفسه فى قضايا الخارج كما تصادر حريته فى التنظيم الداخلى لقواه الفاعلة .
إن حزبنا يشعر بكل الأسف بتأثير ذلك على أكثر القضايا ذات الحساسية الشعبية مثل الموقف من العدو الصهيونى ، أو اعتبار المقاومة اللبنانية والفلسطينية أعمالا إرهابية ، كما تشعر بمحدودية التعبير عن الموقف الإيجابى الضرورى إزاء الأزمة السورية وأهمية وحدة شعوب سورىا واليمن وليبيا وحقهم فى تقرير مصائرهم وتصفية عناصر الإرهاب والتطرف والنفوذ الأجنبى على أرضهم ، . وكذلك ما يتوجب من تحقيق التوازن الضرورى فى علاقاتنا بالصراعات الخليجية الإيرانية .
إن المواقف الإيجابية فى هذه المجالات هى التى يمكن أن تبنى صورة مختلفة لمصر لتتحرك بوزنها تجاه الصراعات والمنافسات الدولية القائمة فى عالم تتعدد فيه الآن مراكز القوى بما يمكن أن يفيد التحركات المصرية لو جاءت قادرة ومناسبة .
إن القدرة على إتخاذ الموقف المناسب والضرورى على الصعيد الإقليمى والدولى ترتبط فى تقديرنا ، بإعادة النظر فى السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة ، ليمكن لعمالنا وفلاحينا ونقاباتنا وكافة جماهيرناأن تعبر عن النهوض الشعبى الذى تحقق فى 25 يناير 2011 ، ومدعوما بتحرك 30 يونيو لحماية القيم الوطنية والكرامة والحرية .
إن إجراءات العدالة الاجتماعية لجماهير مصر لاتنفصل عن حقها فى إتخاذ المواقف الخارجية الصحيحة ، لأن الجماهير لن تتحمل سياسة التجويع التى تحاول القوى الغربية والإقليمية فرضها إلا إذا شعرت بالتوزيع العادل للثروة وتحمل الطبقات المستغلة لضريبة الأرباح الهائلة التى تجمعها من أقوات هذا الشعب اليومية .. وبنضال شعب مصر والشعوب العربية وتضامنهم المشترك يمكن اسقاط مشروعات التفتيت والتقسيم والهيمنة واسقاط اى محاولة للاملاء والاستكبار من أى دولة تدعى لنفسها دور الدولة الكفيل
7-3-2016