الرئيسية » البيانات الرسمية » بيان رسمي عن اللجنة الاقتصادية : مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي .. الآمال .. التوقعات .. المحاذير

بيان رسمي عن اللجنة الاقتصادية : مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي .. الآمال .. التوقعات .. المحاذير

حزب التحالف الشعبى الاشتراكى
اللجنة الاقتصادية

مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى . . الآمال . . التوقعات . . المحاذير

بدأ العد التنازلى لانعقاد المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ ، بمشاركة دول و شركات أجنبية متعددة . و بقدر ماتتزايد الآمال بتطور إيجابى فى الاقتصاد المصرى تثيره توقعات حكومية بإمكانية تجاوز السنوات العجاف ، بقدر ماتزداد أهمية التقدير الواقعى لآثار ذلك المؤتمر على ضوء وضع استراتيجية تحدد دور رأس المال الأجنبى فى سياق امتلاك رؤية محددة وواضحة وجديدة للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية فى مصر ، تكون مرتبطة بأهداف و آمال المصريين التى عبرت عنها ثورة يناير المجيدة فى العيش و الحرية و العدالة الاجتماعية . و يستلزم ذلك فيما نرى تبنى سياسة اقتصادية جديدة و بناء نمذج اقتصادى مختلف ، يستهدف و يحقق التنمية المستقلة المتمحورة حول الذات ، التى تنهى الاختلالات الموجودة فى الاقتصاد ، وتعتمد على توسيع وتعميق عملية التصنيع التى تراجعت كثيرا جدا ، و تستهدف اشباع الحاجات الاساسية للمواطنين ، و تحقيق العدالة فى توزيع ثمار التنمية وتقليل البطالة و الفقر . ويهمنا بشكل اولى أن نسجل الملاحظات التالية فيما يتعلق بالاعداد للمؤتمر و القضية الرئيسيية له ، وهى اجتذاب الاستثمارات الاجنبية .
1_ يعانى المؤتمرحتى اللحظات الأخيرة من عدم إكتمال المعلومات حوله ، وعدم وضوح هويته بالدرجة الكافية . وعلى سبيل المثال يجرى إعداد قانو جديد للاستثمار ، يسمى قانون الاستثمار الموحد ، و إلى اليوم ،أى قبل المؤتمر بأسبوع واحد ، كان مازال يناقش فى مجلس الوزراء . وقد علمنا منذ فترة قريبة فقط انه ستكون مطروحة حزمتان من المشروعات ، حزمة تتقدم بها الجهات الحكومية ، وحزمة تتقدم بها هيئة قناة السويس . وعلى الرغم من أن بعض المستثمرين يطرحون للنقاش قضايا خاصة بالسياسة الاقتصادية ، من وجهة نظرهم طبعا ، فاننا يمكن ان نرى فيما سينعقد مؤتمرا للترويج للاستثمار من حيث الأساس ، وليس مؤتمرا إقتصاديا يناقشالوضع الإقتصادى و السياسات الاقتصادية بالمعنى الدقيق للكلمة .
2_ يمكن للاستثمار الأجنبى أن يلعب دورا إيجابيا فى دفع معدلات النمو ، لكن ينبغى أن نعرف أنه مكمل للإدخار و التمويل المحلى و ليس بديلا له . فعلى سبيل المثال فان الاستثمارات الاجنبية فى الصين ، أكبر مستقبل للاستثمار الخارجى بين بلدان الجنوب تصل لما قدره 120 مليار دولار فى العام ، و لكن هذا لايمثل سوى 3 فى المائة من إجمالى الاستثمارات فى ذلك البلد العملاق أما فى مصر فان معدل الادخار يدور حول نسبة 15 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى ، بينما نحتاج لاستثمارات تصل نسبتها إلى 25 فى المائة على الأقل ، حتى نحقق معدلات تنمية مرضية ، وهذه الفجوة فى التمويل هى فجوة كبيرة تصل لحوالى 10 فى المائة من الناتج المحلى ، أى حوالى 200 مليار جنيه ، أو مايقارب 30 مليار دولار فى السنة ؛ وهو مالايمكن توفيره عمليا بالاعتماد على الاستثمارات الأجنبية وحدها ، مهما توقعنا ان ترتفع عن المستوى المتدنى الحالى ، ولابد من زيادة الإدخار المحلى فى نفس الوقت بمختلف الوسائل ، و من أهمها تطبيق الضريبة التصاعدية على الأغنياء ، للوصول بالعبئ الضريبى إلى معدل مشابه أو قريب من الدول المناظرة لنا .
3 _و يضاعف من أهمية الملاحظة السابقة ، أن الحكومة تكاد تعتتبر عدم توفر التمويل المحلى حقيقة ثابتة لديها ، وبالتالى تلجأ تحت هذا الضغط للمستثمرين الأجانب باعتبار مساهمتهم هى المخرج الوحيد حتى فى تنفيذ مشروعات البنية الأساسية من كهرباء و مياه و غيرها . و بمعنى اخر فإذا استمر هذا التوجه و تلك الرؤية ، سنجد بنيتنا الاساسية بعد عدد من السنوات بيد شركات أجنبية لأول مرة منذ ثورة 23 يوليو .
4 _ إننا نريد أن نعرف جيدا هيكل المشروعات المطروحة أمام المستثمرين ، و أن نعطى أولوية بشكل واضح للمشروعات الصناعية ، وخاصة تلك التى تساهم بشكل واضح فى نقل التكنولوجيا لمصر ، وتعميق التصنيع ، وليس المشروعات العقارية و الخدمية و الترفية .لا نحبذ مشروعات سمعنا عنها كمدن و منتجعات جديدة بفيلات وملاعب جولف ، أو قطار الطلقة الذى يمكن ان يخدم فقط فئات مميزة من السكان ، وكل منها يتكلف ما لايقل عن مائة مليار جنيه . و يجب أن نعرف أن أى مشروع حتى و لو كان ممولا من الخارج يستحوذ دائما على موارد مالية و بشرية محلية ، ويطالب برعاية و دعم حكوميين بوسائل مختلفة و متنوعة . وفى جميع الأحوال يجب أن نتوخى أن تصل نسبة المشروعات الصناعية التى تعمق تصنيع البلاد إلى خمسين فى المائة من المشروعات حتى ننطلق فى طريق التنمية الجادة . فصالح الاقتصاد القومى يقتضى التركيز على الاستثمار المنتج و الفعال و المفيد ، وليس الاستثمار الترفى الذى يؤدى لتبديد الموارد .
5 _ ينبغى علينا بوجه خاص التعلم من تجاربنا السلبية السابقة فى الخصخصة ، و التى أدت إلى بيع أفضل الشركات المصرية، و التى كانت أساس القاعدة الصناعية ، وتخريبها على يد المستثمرين المغامرين ، وتشريد العمالة ، وبيع أراضيها فى سوق العقارات . و القائمة طويلة من بينها على سبيل المثال شركة المراجل البخارية ، و عمر أفندى ، و طنطا للكتان ، و النيل لحليج الأقطان ، و أسمنت أسيوط ، وغزل شبين . ولابد هنا أن نحذر من ان بعض المستثمرين الذين سيشاركون فى المؤتمر عبروا عن معارضتهم لسياسة المحافظة على ماتبقى من شركات القطاع العام . ويثير ذلك قلقا إزاءإلتزام الحكومة بما كانت قد أعلنت عنه فيما سبق من الحفاظ على تلك الشركات ، وخاصة مع وجود إشارات متكررة عن خطط لطرح أسهم بعض الشركات فى البورصة .إننا بوضوح مع الاستثمار الأجنبى الذى يضيف طاقات إنتاجية للاقتصاد و الصناعة المصريين ، وضد ذلك الاستثمار الذى يستحوذ ، أى يستولى، على الأصول الانتاجية الموجودة بالفعل .
6 _ وقد تأخر اقرار قانون الاستثمار الموحد كما سبق أن أشرنا ، وتفيد آخر التعديلات إلى استجابة الحكومة لملاحظات كانت قد أبديت على المشروع ، و أبرزها العودة لفكرة الإعفاءات الضريبية للمستثمرين الأجانب ، التى كانت قد ألغيت منذ عام 2002 بعد أن ثبت عدم جدواها أو فاعليتها ، بالاضافة إلىإنها تلقى اعتراض خبراء الامم المتحدة . وعلى الرغم منذلك فقد استمرت فكرة باقى الحوافز غير الضريبية التى تقدم للمستثمرينكأساس لجذب الاستثمار ، وهى من نفس نمط الأفكار القديمة التى تثير الشكوك . فالكثير من الخبراء يعتقدون إن أكثر ما يهم المستثمرين هو وجود بيئة إقتصادية نامية و نشطة ، وسياسات اقتصاية صحيحة ، وهو مالم يتم بحثه، وبالتالى فاننا مازلنا نشهد نوعا من إعادة إنتاج الأفكار و السياسات القديمة .
7 _ إن ماتحتاجه مصر من أجل التعامل الناجح مع المستثمرين الأجانب ، أن تحدد أولا الرؤية الاقتصادية التى تصوغها للحاضر و المستقبل ، وهذه الرؤية لابد أن تنبع من توافق مجتمعى تناقشه و تقره كل طبقات و فئات المجتمع ، و ليس شريحة واحدة منه، و ان يترتب على ذلك إعادة صياغة تشريعات واضحة و متماسكة ، و نظام سياسى يكفل الديموقراطية و الشفافية و المشاركة السياسية الكاملة و الفعالة، بكافة المؤسسات التى تمكن من ذلك و تضمنه .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.