مشروع قانون العمل يعصف بحقوق 20 مليون عامل بأجر في القطاعين العام والخاص والعمالة غير المنتظمة
المشروع المطروح يخلو من تحديد حد أدني للأجور ويتجاهل النقابات المستقلة عن الاتحاد العام
مشروع القانون يصرح لشركات تشغيل العمالة بالعمل رغم مخالفة ذلك لاتفاقيات منظمة العمل الدولية
أصدرت الأحزاب الاشتراكية اليوم بياناً حول مشروع قانون العمل الذي ناقشه مجلس الشيوخ وتم فيه خفض العلاوة السنوية إلي 3% وإطلاق يد المستثمرين في تسريح العمال وقد جاء في البيان :
كشفت المناقشات الدائرة خلال الأسابيع الماضية حول مشروع قانون العمل (الذي أعدته الحكومة مع رجال الأعمال) في اللجنة المشتركة من لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشيوخ، عن توجه رأسمالي متوحش يعصف بما تبقى من حقوق أكثر من 20 مليون عامل بأجر في القطاعين العام والخاص والعمالة غير المنتظمة.
لقد أوصت اللجنة المشتركة في مجلس الشيوخ بتعديل المادة 12 لتخفيض نسبة العلاوة السنوية من 7% من الأجر الأساسي، إلى 3% من الأجر التأميني، بحجة أن كلتا النسبتين متساويتين في القيمة، بناء على مذكرة مقدمة من رئيس الهيئة القومية للتأمينات تشير إلى تساوي قيمتي النسبتين، رغم أنه ألحق ذلك بعبارة “تجدر الإشارة في هذا الصدد بأن تلك النسبة التقديرية هي نسبة تم حسابها وفقاً لأجور اشتراك المؤمن عليهم الواردة على قواعد بيانات الهيئة، ولا تمثل النسبة الحقيقية من أجور جميع العاملين بالقطاع الخاص”، في اعتراف صريح بتلاعب أصحاب العمل في ما يقدمونه من بيانات للهيئة، حيث لا يحتسبون سوى قدرٍ يسيرٍ من الأجر المتغير الذي يتقاضاه العاملون لديهم لتقليل قيمة الاشتراك التأميني الذي يقومون بتأديته للهيئة، بما يعني تخفيض قيمة العلاوة الدورية التي يحصل عليها العاملون.
ويخلو مشروع القانون من تحديد حد أدنى للأجور وإلزام كافة قطاعات العمل بتطبيقه، رغم أن هذا العوار في القانون الحالي أدى إلى وجود ملايين العاملين في جميع القطاعات يعملون مقابل أجر أقل من الحد الأدنى المعلن عنه والذي كان 1200 جنيه، ثم أعلن الرئيس السيسي عن رفعه مؤخراً إلى 2400 جنيه ولم يتم تعميم الحد الأدنى السابق أو الحالي والإلتزام به في جميع قطاعات العمل.
وتضمن المشروع الجديد وجود مجلس أعلى للأجور يحدد الزيادة المطلوبة سنوياً، لكنه انفرد بتحديد ممثلي العمال في المجلس بأنهم “انحاد نقابات العمال الحكومي” متجاهلاً ما استجد في الحركة النقابية من وجود منظمات نقابية خارج هذا الاتحاد بموجب قانون النقابات الصادر عام 2017، ونقابات أخرى تبذل جهوداً مضنية لانتزاع حقها القانوني، ويحق لها التمثيل في هذا المجلس، يضاف إلى ذلك لأن قرارات هذا المجلس في المشروع غير ملزمة.
وتضمن مشروع القانون نفس سوءات القانون الحالي، فرغم أنه تضمن الحالات والمخالفات الجسيمة على سبيل الحصر التي لا يجوز فصل العامل في غيرها، إلا أنه أبقى على النصوص التي تمنح صاحب العمل حق إنهاء خدمة العامل وقتما يشاء، وبدون أية أسباب، وهي نصوص يجب حذفها من المشروع الجديد.
ويجيز المشروع لشركات توظيف العمالة، التي هيمنت على سوق التشغيل في السنوات العشرين الماضية، تقاضي مبالغ مالية من أجر العامل الذي يتم إلحاقه بالعمل، وذلك عن السنة الأولى فقط كمصروفات إدارية، وهو ما تحظره اتفاقيات العمل الدولية، علماً بأن هذه الشركات صارت المصدر الرئيسي للتشغيل في مصر، ليس فقط في الأعمال المؤقتة والعرضية، ولكن حتى في الأعمال التي هي من طبيعة النشاط الرئيسي والدائم للشركة، بما في ذلك الجهات الحكومية والقطاع العام، وذلك للتهرب من تعيين عمال بعقود دائمة.
ويجيز المشروع تشغيل العامل بعقود مؤقتة تتجدد سنوياً لمدة ست سنوات دون أن يعد ذلك عملاً دائماً، ليظل العامل طوال هذه المدة مفتقداً أمانه الوظيفي، مُهدداً بإنهاء عمله إذا طالب بحقٍ ضائع من حقوقه، أو تقدم بشكوى إلى مكتب العمل أو مكتب التأمينات، كما أنه سيفقد الحافز إلى التدريب وتطوير مهاراته، بينما كان عقد العمل يتحول تلقائياً إلى دائم في القانون رقم 137 لسنة 1981 إذا استمر العامل يوماً واحداً بعد السنة الأولى.
وفي محاولة لسلب حق العمال في الإضراب، الذي يقره الدستور المصري والاتفاقيات الدولية وأحكام القضاء، ينص المشروع على إخطار كل من صاحب العمل، والجهة الإدارية المختصة قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشرة أيام على الأقل، وأن يتضمن الإخطار الأسباب الدافعة للإضراب، وتاريخ بدايته ونهايته، رغم أن الإضرابات العمالية تبدأ عندما يصل التفاوض إلى طريق مسدود، ولا تنتهي إلا بالوصول إلى نتائج يرتضيها العمال، وبالتالي لا يمكن وضع تاريخ محدد لنهايتها يتضمنه الإخطار.
كما يحظر المشروع الإضراب في المنشآت الإستراتيجية أو الحيوية التي يترتب على توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي، أو بالخدمات الأساسية التي تقدم للمواطنين، والتي يصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً بتحديدها، كما يحظره بشكل عام في الظروف الاستثنائية. وتخالف هذه النصوص المطاطة والسلطات الممنوحة لفرد أيا كان منصبه ما أقره قسم التشريع بمجلس الدولة من أنه “يتعين تحديد مفهوم تلك المنشآت، أو بيان معايير تحديدها بموجب القانون، دون الاكتفاء بمجرد تحديدها بقرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء، نظراً لمساس هذا الحكم بأصل الحق”.
ولم يتضمن مشروع القانون بين الفئات التي يطبق عليها العمالة المنزلية، معتبراً علاقتهم بمخدوميهم ليست علاقة عمل، ولكنها علاقة تبعية شخصية، وبالتالي لا يمكن طرح حقوق قانونية لهم، كما جاءت نصوصه مجحفة بالمرأة العاملة، ولم يحظر تشغيل الأطفال ويوفر لهم الحماية، ولم يضع شروطاً تضمن توافر السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل.
وتحذر الأحزاب الاشتراكية الموقعة على هذا البيان أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب من التمادي في الاستجابة لطلبات رجال الأعمال بإصدار قانون ملئ بكل هذا العوار، خاصة وأن تحرك العمال لم ولن يتوقف من أجل حياة إنسانية لهم ولأسرهم وتوفير ظروف وشروط عمل آدمية، لأنهم لا يملكون ما يخسرونه سوى الفقر والبؤس والقيود.
القاهرة في 19 يناير 2022
الموقعون:
الحزب الشيوعي المصري- الحزب الاشتراكي المصري- حزب التحالف الشعبي الاشتراكي – حزب العيش والحرية