على عبد العال رئيس مجلس النواب يطالب بتحرير سعر تذكرة المترو . بعبارة أخرى فإن سعر التذكرة الذى كان منذ سنتين جنيها واحدا فقط ، ثم زاد إلى إثنين ، ثم إلى سبعة جنيهات ، يتعين أن يزيد من جديد ، إلى كم جنيه بالضبط ، الشيطان وحده يعرف . زيادات يقترحها رئيس البرلمان نفسه جعلت ذاكرتى تستعيد شخصية ومواقف رئيسى مجلس الشعب السابقين ، لأجد الفروق فى المقارنة واضحة ، تشير لخيط تحول هابط وليس صاعدا مع كل الأسف .
الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب بين عامى 1984 – 1990 ، كان فكريا من أنصار المدرسة الكينزية فى الإقتصاد ، وبالذات بمعنى وجود دور للدولة وليس انسحابها ، وبمعنى التأكيد على دور الطلب فى النمو ، بمعنى أهمية توفير الدخول للناس لتنشيط الطلب ، و أيضا الطلب الحكومى . وبمعنى من المعانى فقد اختلط هذا مع أشتات الافكار الإشتراكية ، أو لتقل الإشتراكية العربية ، بما فيها من انحيازات للجماهير و البسطاء ، وكان للمحجوب كتابا بهذا العنوان. ويمكن القول إن رفعت المحجوب ظل أمينا لافكاره ، ولهذا فقد بدى معارضا للإتجاهات التى كانت تتبلور فى الدولة فى هذا الوقت للخصخصة وبيع القطاع العام و طرد المستأجرين الزراعيين ، وكان مستعدا لترك مقعد رئاسة المجلس ، والتحدث من مقاعد الأعضاء للتعبير عن أفكاره .
الدكتور فتحى سرور الذى خلفه من عام 1990 إلى عام 2010 كان أقل استقلالية فى أراءه بكثير ، ولكنه كان يوازن أمره لدرجة ما ، ويعرف قدره وحدود دوره . وكان لايخجل من التصريح بذلك . أذكر عندما التقيته فى عام 2005 مع المرحوم حسين عبد الرازق و آخرين ، بعد مؤتمر الحوار الوطنى الذى انتهى لعدم تعديل الدستور و الإبقاء على نظام الإستفتاء على الرئاسة ، أنه فى معرض الرد على مطالبتنا بتعديل الدستور و الأخذ بنظام الإنتخاب بدلا من الإستفتاء ـ وتأكيدنا أن الوقت المتبقى يسمح بذلك ، كان رده ان الأمر يتوقف على الإرادة السياسية ، يعنى إرادة الرئيس الذى يجمع فى يده الخيوط . وبالفعل بعد أسبوع واحد قررت الإرادة السياسية وقتها تعديل الدستور الذى أثار ما أثار .
أما الدكتور على عبد العال فهو لايمكنه لا أن يعارض التوجهات الحكومية مثل رفعت المحجوب ، ولا أن ينتظر تجليات الإرادة السياسية كما كان يفعل فتحى سرور ، بل هو يسبقها ويستبقها وبيشر بها ، وبالتالى وصلنا للوضع الذى يدعو فيه رئيس مجلس النواب ، المفترض أنه ممثل الشعب ، إلى زيادة الأسعار وماشابه من التوجهات ، قبل ان تطلبها الحكومة من مجلسه ، بدلا من أن يناقشها ويحاول ولو تهدئتها وفرملتها قليلا باعتباره ممثلا للجانب الشعبى . تطور فيما نرى غير مريح لا من حيث المسار ولا من حيث النتيجة .
زهدى الشامى
12 – 11 – 2018