تحل اليوم الذكرى الـ96 لتوقيع معاهدة “سيفر”، والتي كانت المسمار الأخير في نعش الدولة العثمانية، وتضمنت التخلي عن جميع الأراضي العثمانية لغير الناطقين باللغة التركية، بما فيها فلسطين، والتي أخضعت للانتداب البريطاني آنذاك، وسوريا التي خضعت للانتداب الفرنسي.
ووقع رجل أوروبا المريض (اللقب الذي كان يطلق على الدولة العثمانية حينذاك) المعاهدة عقب الحرب العالمية الأولى بين الدولة العثمانية وقوات الحلفاء، ونصت بنود المعاهدة على:
1- منح تراقيا والجزر التركية الواقعة في بحر إيجه لليونان.
2- الاعتراف بكل من سوريا وفلسطين كمناطق خاضعة للانتداب.
3- الاعتراف باستقلال شبه الجزيرة العربية.
4- الاعتراف باستقلال أرمينيا.
5- اعتبار مضائق البسفور والدردنيل مناطق مجردة من السلاح وتحت إدارة عصبة الأمم.
كما نصت المعاهدة على حصول كردستان على الاستقلال حسب البندين 62 و 63 من الفقرة الثالثة، والسماح لولاية الموصل بالانضمام إلى كردستان استنادا إلى البند 62 وكان نص هذا البند:
“إذا حدث خلال سنة من تصديق هذه الاتفاقية أن تقدم الكرد القاطنون في المنطقة التي حددتها المادة (62) إلى عصبة الأمم قائلين إن غالبية سكان هذه المنطقة ينشدون الاستقلال عن تركيا، وفي حالة اعتراف عصبة الأمم بأن هؤلاء السكان أكفاء للعيش في حياة مستقلة وتوصيتها بمنح هذا الاستقلال، فإن تركيا تتعهد بقبول هذه التوصية وتتخلى عن كل حق في هذه المنطقة. وستكون الإجراءات التفصيلية لتخلي تركيا عن هذه الحقوق موضوعا لاتفاقية منفصلة تعقد بين كبار الحلفاء وبين تركيا”.
ورفضت حكومة أتاتورك قبول هذه المعاهدة وعملت على إخراج اليونانيين من آسيا الصغرى وأصرت على تسوية جديدة تحققت لها بالفعل خلال حرب الاستقلال التركية، واستبدلتها الأطراف بمعاهدة لوزان التي وقعت عليها واعتمدتها سنة 1923 و1924، والتي تجاهلت ما أقرته معاهدة سيفر من حقوق للكرد.
إلا أن معاهدة “سيفر” قصيرة الأجل خلفت تداعيات ما تزال تمكن رؤيتها حتى اليوم. ونتأمل بعض هذه التداعيات بينما تمر الذكرى الـ96 لإبرام المعاهدة المنسية.
ومن بين أهم تلك التداعيات، والتي جاءت في البند رقم 95، فقد “اتفقت الأطراف المتعاقدة العليا من خلال تطبيق أحكام البند 22 أن تتعهد بإقامة إدارة فلسطين ضمن حدود تحددها دول الحلفاء، وسيختار الحلفاء الدولة التي ستنتدب فلسطين، بحيث تتحمل تلك الدولة المنتدبة مسؤولية تنفيذ إعلان الصادر في 2 نوفمبر 1917 (وعد بلفور) الذي التزمت به الحكومة البريطانية واعتمدها باقي الحلفاء بالرغبة في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، على أن يكون واضحا وجليا أنه لن يكون ذلك من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين، أو الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر، لتضحي فلسطين رسميا تحت الانتداب البريطاني.
وبالعودة للأمام، نتذكر إعلان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم من أنقرة عن بدء المرحلة الأولى من اتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل وتركيا، حيث تنازلت الأخيرة عن شروط كانت تراها حيوية من قبل فيما يتعلق بفك الحصار عن قطاع غزة، ليتضح لنا أنها ليست المرة الأولى التي تتخلى فيها الدولة التركية عن فلسطين.
وفي الذكرى الـ96 للمعاهدة المنسية، لم ولن ننسى أرضنا العربية، ولن ننسى المجازر الصهيونية ضد الأطفال الغارقين في الدم، ولن نغفر ولن نصفح حتى تعود الحقوق السليبة لأصحابها فى فلسطين العربية من البحر إلى النهر.