الرئيسية » تقارير وتحقيقات » قمة مصرية أمريكية: أحلام السيسي على عتبات البيت الأبيض

قمة مصرية أمريكية: أحلام السيسي على عتبات البيت الأبيض

 

في زيارته الرسمية الأولى للولايات المتحدة الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية، يحل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ضيفًا على البيت الأبيض يوم الاثنين الموافق الثالث من أبريل، ويعلق الجانب المصري على هذه الزيارة آمالًا عريضة تخص مستقبل العلاقة بين البلدين في ظل إدارة ترامب، خاصة بعد سنوات وُصفت بالعجاف مرت بها العلاقات المصرية الأمريكية في عهد باراك أوباما.

في اللقاء الأخير بين ترامب والسيسي على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، وصف ترامب السيسي «بالرائع» وبشرت الأمور حينها باحتمالية واسعة لتقارب مصري أمريكي وثيق، تلا ذلك سحب مصر مشروع قرار إدانة عمليات الاستيطان الإسرائيلية في الأراضى الفلسطينية المحتلة المقدم لمجلس الأمن عقب مكالمة هاتفية تلقاها السيسي من ترامب، بدا حينها أن الإدارة المصرية تخطب ود الإدارة الأمريكية الجديدة، والآن يمكننا القول بأن القاهرة تنتظر ردًا للجميل من ترامب وإدارته؛ فما هي القضايا التي ستناقشها هذه الزيارة وما تبعاتها على مستقبل العلاقة بين البلدين؟

دارت في الأيام الماضية تحضيرات مكثقة لهذه الزيارة المرتقبة؛ فمن لقاء رئيس الأركان المصري محمود حجازي بقائد المنطقة المركزية الأمريكية مايكل جاريتو، إلى مؤتمر الحلف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي تواجد فيه سامح شكري وزير الخارجية المصري وريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي، إلى لقاء وزيرة التعاون الدولي سحر نصر مع أعضاء الغرفة التجارية الأمريكية، ويبدو أن الإدارة المصرية تبذل جهدها لضمان نجاح هذه الزيارة.

وبجانب تعميق العلاقات بين البلدين بعد فتورها، فهناك عدة محاور رئيسية ستتضمنها الزيارة، وهي المساعدات العسكرية لمصر في حملتها على الإرهاب، وضمان تدفق الاستثمارات الأمريكية إلى البلاد، والمحور الثالث هو تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية.

تحاول مصر إبراز مجهوداتها في الحرب على الإرهاب  وفي 30 من مارس/ آذار 2017 التقى محمود حجازي رئيس الأركان المصري مع مايكل جاريتو قائد المنطقة المركزية الأمريكية لبحث التعاون العسكري، وفي بيان المتحدث العسكري المصري قال إن اللقاء ركز على أهمية استمرار التعاون وتقوية الصلات بين الجانبين بما يخدم مصلحة البلدين.

إذ تضع مصر نفسها في حالة حرب مع الإرهاب في شمال سيناء، وبينما تتلقى سنويًا من الولايات المتحدة الأمريكية ما قيمته 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية فإنه ومؤخرًا تواجه مصر إشكاليتين في هذه المساعدات؛ أولًا أنه – وفي عهد الإدارة السابقة –  أوقف الرئيس باراك أوباما خط ائتمان نقدي كان يسمح بالدفع الآجل، وهو ما يسمح بتمويل صفقات عسكرية كبيرة تتخطى قيمتها إجمالى قيمة المساعدات في عام واحد، وهو ما أعطى مصر ميزة التعاقد والدفع اللاحق.

تتفاءل الإدارة المصرية بأنها يمكنها تخطي هاتين العقبتين وإقناع ترامب بإعادة خط الائتمان وربما زيادة المساعدات العسكرية ورفع الشروط التي وضعها أوباما على تلك المساعدات

المشكلة الثانية تتعلق بالميزانية الإجمالية لوزارة الخارجية الأمريكية؛ إذ قلص ترامب ميزانية وزارة الخارجية بمقدار 29% وانخفضت من 38 مليارا إلى 27 مليارا، وتتضمن داخلها المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر. ولم تُحصن الميزانية الجديدة سوى المساعدات لإسرائيل والتى تبلغ 3.1 مليار دولار سنويًا. وذكر مسئولون أمريكيون أن الأموال المقدمة إلى مصر والأردن ودول أخرى ما زالت رهن التقييم.

تتفاءل الإدارة المصرية بأنها يمكنها تخطي هاتين العقبتين وإقناع ترامب بإعادة خط الائتمان وربما زيادة المساعدات العسكرية ورفع الشروط التي وضعها أوباما على تلك المساعدات، والتي تضمنت أن تستخدم في أربعة مجالات محددة: هي مكافحة الإرهاب (الشراكة في الحرب الأمريكية على الإرهاب)، والحفاظ على الأمن في سيناء (مكافحة الجماعات الإرهابية هناك)، تأمين الحدود (ضبط الحدود بين غزة وسيناء بما يمنع التهريب)، وأخيرًا الأمن البحري (مواجهة الهجرة غير الشرعية).

أما على الجانب الأمريكي فلم تظهر الإدارة الأمريكية نية لتغيير تلك القواعد، وخاصة أن الشروط التي فرضها باراك أوباما كانت بتوافق جمهوري-ديمقراطي، وفي ظل الخطط الاقتصادية لترامب فلا يبدو أنه على استعداد لإلقاء المزيد من الأموال في الشرق الأوسط بدون ضمانات كافية.

أما على المستوى السياسي فيرغب السيسي في مشاركة الرؤية المصرية مع ترامب، وربما إقناعه بها وخاصة فيما يتعلق بالمجال الإقليمي لمصر؛ ففي ليبيا تسعى مصر حسب أجندتها السياسية لدعم الجنرال المتقاعد خليفة حفتر وبرلمان طبرق بهدف القضاء على الجماعات الإرهابية في المنطقة ولأجل ذلك يجب أن تقوم أمريكا بالإفراج عن الأرصدة الليبية المجمدة في الخارج، ورفع حظر تصدير الأسلحة المفروض عليها.

أيضًا ستحتل مشكلة سوريا والتمدد الإيراني في المنطقة جزءًا لا بأس به من النقاش المنتظر بين الرئيسين، ومن المتوقع أن يطلب السيسي من ترامب الضغط على المملكة العربية السعودية لضمان استمرار الإمدادات النفطية للبلاد وذلك بعد انقطاعها لفترة سابقة.

وعلى المستوى الاقتصادي، فكما أسلفنا فإن مصر ترغب في الحصول على المزيد من الاستثمارات الأمريكية، وسبق أن أشرنا للقاء الذي عقدته وزيرة التعاون الدولي سحر نصر مع غرفة التجارة الأمريكية، ومن المتوقع أن يكون بعض أعضائها حاضرين في البعثة المصاحبة للسيسي. الجدير بالذكر أن المزيد من الاستثمارات الأمريكية في مصر لا تعني فقط انتعاشًا اقتصاديًا وإنما شهادة ضمان للحالة الاقتصادية المصرية، وخاصة بعد الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة في البلاد.

من المتوقع أن تحل جماعة الإخوان المسلمين ضيفًا ثقيلًا على أجندة اللقاء، إذ يتوافق كلا الرئيسين على ما يرونه دورًا للجماعة في نشر الراديكالية الإسلامية.

في النهاية؛ من المتوقع أن تحل جماعة الإخوان المسلمين ضيفًا ثقيلًا على أجندة اللقاء، إذ يتوافق كلا الرئيسين على ما يرونه دورًا للجماعة في نشر الراديكالية الإسلامية، واحتلت الجماعة جزءًا من النقاش الدائر داخل الإدارة الأمريكية بعد تولي ترامب، وقد ذكرت عدة تقارير أن الإدارة الأمريكية أوقفت أمرًا بإدراج الجماعة ضمن التصنيف الإرهابي بعد مذكرة داخلية من وزارة الخارجية.

ويسعى السيسي لإقناع ترامب بأهمية إدراج الإخوان كجماعة إرهابية وهو أمر يستبعد حدوثه في الآونة الحالية، حيث تمتلك الجماعة أجنحة قوية ومتمركزة في مؤسسات حكم لعدة دول مثل تركيا والمغرب وتونس، وأي تحرك ضد الجماعة قد يعني ارتباكًا في العلاقات الأمريكية بهذه الدول.

كانت هذه هي القضايا التي يغلب الظن أن تحتل مائدة الحوار بين الرئيسين، أما عن القضايا التي يُعد خروجها من أجندة اللقاءات مؤشرًا سلبيًا، فعلى رأسها تقبع قضية حقوق الإنسان، ففي تطور غير متوقع، قال البيت الأبيض إنه لن يسمح أن تكون قضايا مثل حقوق الإنسان مثار صراع بين مصر وأمريكا، كما قال البيان بأن «الرئيس عبدالفتاح السيسي قد اتخذ عدة خطوات جريئة منذ توليه الرئاسة في 2014، منها دعوته للإصلاح الديني والوسطية والبدء في إصلاحات اقتصادية تاريخية».

وبالنظر لتاريخ العلاقات الأمريكية المصرية، فإننا ندرك أن هذا التطور غير مسبوق، وهو يعني أن ترامب يتخلى عن واحدة من أسس الدبلوماسية الأمريكية، فكيف سيؤثر هذا التطور على رؤية المجتمع الدولي للدور الأمريكي في العالم؟

في النهاية ليس من المتوقع أن يخرج عن هذا اللقاء أي تطور درامي في مسار العلاقات بين الدولتين، ولكنها بالتأكيد سوف تقدم لمصر مزيدًا من الحضور الإقليمي والدولي، فهل تنجح الإدارة المصرية في اقتناص الفرصة التي تقدمها سنوات حكم ترامب؟

المصدر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.