الرئيسية » مقالات » محمد فاضل يكتب: مقبرة الأحياء
In this Friday, Aug. 24, 2012 photo, a Syrian prisoner holds the bars of a makeshift prison run by rebels in a former elementary school in Al-Bab on the outskirts of Aleppo, Syria. Many improvised detention centers have sprung up as rebels wrest cities from army control, but these facilities fall under no national or regional authority, causing concern among rights groups. (AP Photo/Muhammed Muheisen)

محمد فاضل يكتب: مقبرة الأحياء

كتب – محمد فاضل:

لا شك إن السجن هو واحدا من أبواب الجحيم بحد ذاته على هذه الأرض، وكما يدعونه، مقبرة الأحياء، وإنه بالفعل مقبرة حقيقية يدفن فيها المرء حي، دخوله يرغمك على نسيان كل ما تتركه خلفك في العالم الخارجي، إنك بلا شك تكن أيامك الأولى صعبة، وفي وقت قصير ستدرك إنه لا مفر، يمكنك أن تثور كـ ذئب مسعور ويجن جنونك، ولكن ستستسلم للأمر عاجلا أم أجلا.

و تبدأ بـ التعايش على إنك لن تذهب إلى أي مكان ولن ترى سوى أربعة جدران ووجوها لا تتغير، زنزانة مريبة رائحتها كريهة ولن تستنشق هواءا نقيا مع ارتفاع درجة الحرارة وبالكاد تجد حيزا للمنام. روتين قاتل ممل. يعتاد المرء حياة السجن بعض الشيء إذا فقد الأمل تماما وأدرك إن هذا أصبح موطنه، إذ لا يعد يبالى بشيء وينسى العالم الخارجي، ينسى عائلته، أصدقائه، وكل ما يحب من أشخاص/ أشياء/ أماكن/ رغما عنه ويموت شعوره ولا يعد يفكر كثيرا.

ستعرف إنك لست شخصا مهما كما كنت تظن، في فترة قصيرة سينساك 99% ممن كنت تعرفهم جميعا.
كالميت تماما حين يحزنون من أجله أيام ثم يصبح منسيا.

و لكن الوقت. الوقت يتفنن في قتلك ولا سيما إن اليوم يمر كأنه عاما كاملا، وحياتك تسير على وتيرة واحدة
لن ترغب في شيئ سوى الموت في كل وقت وحين، ستستمر في الغرق أكثر فأكثر وتتغير تماما وتبدأ بفقدان عقلك.
وبعد قضاء بما يكفى فيه تصبح كجثة تسير على قدمين بحاجة إلى قبر، ستكن عدائيا بحاجة إلى أن تعوى كـالذئاب كل ليلة
و ربما تصبح جبانا فاقدا لعقله يتملكك الخوف طوال الوقت.

ولا شك إن الكثيرين يدخلون إلى هذا المكان ظلما، والمجرمين الكبار الحقيقيين أصحاب السلطات والنفوذ يظلون احرارا دوما لينهبوا ويسرقوا ويقتلوا ويظلموا الشعوب وهم سببا رئيسيا لوجود من يدعونهم بـ إنهم مجرمين وإنهم في الحقيقة لا شيئ مقارنة بـ أولئك الفاسدين الكبار، وأولئك الكبار السفلة يهمهم دوما وجود أولئك المتمردين البسطاء، كى يلقوا عليهم اللوم حينما تسوء أمورهم إن كانت أوراقهم على وشك أن تكشف.

من يرتكبوا الجرائم والمتمردين والمجانين، ستجد أن أكثرهم أشخاصا بسطاء، ويكن لكل منهم قصة دفعته لفعل شيئ. كما يقول أحد الكاتبين إن المجرم شخص كغيره من الناس ولكنه تم القبض عليه متلبسا.

الحياة ومصاعبها القاسية تتكفل بالشخص أحيانا وتشكل عالمه الخاص وتتلاعب به حتى يفقد عقله تماما، لا أحد يختار الحياة التي يعيشها دوما.

لذلك أرى أن لا أحد مذنب. في الواقع هذا العالم المشؤوم يستحق الإبادة، حقيقة هذا العالم مؤسفة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.