مدحت الزاهد هو أحد المشاركين في انتفاضة الخبز في 18 و19 يناير 1977، والقائم بأعمال رئيس «حزب التحالف الشعبي الاشتراكي»، يتحدث لـ «السفير» عن الأوضاع الحالية ومقارنتها بالأوضاع التي سبقت انتفاضة يناير.
^ هل ترى هناك تشابهاً بين الأوضاع الحالية والأوضاع السابقة على «انتفاضة يناير»؟
} مبدئياً، المقارنات تحتاج للنظر والبحث في السياقات، ويجب أن نضع في الاعتبار أن السيكولوجية الجماعية لا يمكن هندستها وفقاً لتصوراتنا.
في يناير 1977، الحكومة أقدمت على قرارات رفع الأسعار، فانتفضت الجماهير. كانت الحكومة تتبع أسلوب الصدمة. والقرارات سبقتها انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 1976 التي أسفرت عن وجود عناصر معارضة قوية في البرلمان، وكان هناك بداية انفتاح في المجال العام، كما أنها جاءت في الوقت الذي كانت الدولة فيه تحمل مسؤوليتها الاجتماعية، ولم تكن حدثت التحولات الاقتصادية التي جرت لاحقاً.
^ وهل ترى الأمور تختلف اليوم؟
} بالتأكيد. الجماهير انتفضت ضد سياسة الصدمة التي اتبعتها الحكومة في يناير 1977. وهو ما أجبر الحكومة على التراجع عن قرارتها. ولكنها لم تتراجع عن تطبيق سياسة السوق، فقط غيّرت أسلوبها، فاتبعت أسلوب التدريج، وبالفعل بعد يناير 1977، بدأ السادات ثم مبارك تطبيق سياسات السوق بالتدريج. فما قاله السيسي من أن الحكومة تراجعت ليس صحيحاً، لأنها بالفعل طبقت سياسات الخصخصة والتكيف الهيكلي وحزمة سياسات الليبرالية الجديدة، ولكن بشكل متدرج. وما يفعله السيسي اليوم هو تكثيف تلك السياسات وتسريعها. فالسيسي يستكمل خطة التحول الاقتصادي ولكن بشكل دراماتيكي وأقل وعياً من سابقيه، بحيث أنه لم يعد يراعي السلم الاجتماعي.
^ وكيف تتوقع ردود الأفعال على السياسات الحالية؟
} من الصعب توقع ردود الأفعال الجماهيرية. فحركة الجماهير لا تخضع للقوانين البسيطة. هناك مثلاً ثورات انفجرت لأسباب تبدو بسيطة، وأحداث عابرة، ولكنها عبرت عن تراكم غضب وانفجار. ولكن المشكلة الحقيقية هي في عدم وجود تنظيمات جماهيرية ومؤسسات سياسية قادرة على التعامل مع ردود الأفعال الجماهيرية. وهذا نفسه يمثل خطورة، لأنه مع انغلاق المجال العام يفتح الطريق للإرهاب والفوضى.
^ ولكن بعد أن بدأت آثار السياسات الاقتصادية في الظهور، ألم تبدأ ردود الأفعال في الظهور ايضاً؟
} هناك تحركات أولية. وبشكل عام، أتوقع أن ردود الأفعال ستتخذ أشكالاً موقعية. بمعنى أنها ستبدأ من مواقع، وليس ردود أفعال عامة. قد نراها تبدأ في مصنع أو قرية أو حي سكني. ومن الممكن أن تتطور بشكل قطاعي، أي تنتقل بين أحياء سكنية لتشمل مدينة أو مدن، وأن تنتقل بين مصانع لتشمل قطاع صناعي مثل قطاع الغزل والنسيج مثلاً. وليس من المستبعد أن تتطور بشكل عام لتصبح مثل انتفاضة يناير 1977، خاصةً وأن الحل الوحيد الذي تطرحه الدولة هو الحل الأمني.
^ وهل مصير حراك قادم سيكون أفضل من سابقيه؟
} أعتقد أن الحراك القادم يجب أن يؤدي إلى فرز سياسي، وخلق جبهات على أسس صحيحة، وتطوير حقيقي للحياة السياسية في مصر. فقد عانت البيئة السياسية المصرية من التجريف لعقود، وقد يخلق حراك جماهيري وسياسي في الفترة المقبلة فرصة لإعادة بناء الحياة السياسية المصرية على أسس مختلفة.
